اشارت صحيفة "هآرتس" الصهيونية في تقرير لها حول القمة العربية الاخيرة في السعودية، الى انه "كان لملك المغرب محمد السادس عادة، فهو من العام 2005 لم يشارك في مؤتمرات القمة للجامعة العربية. كان يرسل بدلاً منه القائم بأعماله، شقيقه، أو رئيس الحكومة أو وزير الخارجية. ذات مرة، فسر عدم مشاركته وقال "القمم ليست سوى مظلة للخطابات الفارغة، ولا يخرج منها أي شيء عملي". وهذه المرة أيضاً، في قمة الجدة التي عقدت الجمعة الماضي، لم ينحرف ملك المغرب عن هذه العادة، ولكنه لم يكن الوحيد؛ فحاكم الإمارات محمد بن زايد، لم يشارك في القمة التي دعي إليها بشكل شخصي من محمد بن سلمان. برر بن زايد عدم الحضور بالتزامات سابقة له. ولكن يبدو أن هذا نابع من حساب شخصي مع ولي عهد السعودية محمد بن سلمان".

وذكرت الصحيفة العبرية بان "التوتر بين الزعيمين غير جديد، لكنه تعاظم مؤخراً على خلفية طلب حاكم الإمارات زيادة إنتاج النفط في دولته. في الحقيقة، تم عرض هذا الطلب على "أوبك +"، التي تشارك في عضويتها معظم الدول المصدرة للنفط، لكن السعودية هي التي تقود قرارات "أوبك" بشكل عام. السعودية عارضت زيادة إنتاج النفط وأوبك انضمت إليها. فاعتبرها بن زايد خطوة سعودية تهدف إلى المس بدولته. وبناء على ذلك، هدد بالانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط، والعمل حسب مصالح دولته. وثمة قضية أخرى تعكر صفو العلاقات بين الدولتين، وهي الحرب في اليمن والجهود المبذولة لإنهائها. كانت أبو ظبي الشريكة الرئيسية للسعودية في الحرب في اليمن، المستمرة منذ ثماني سنوات، إلى أن بدأت في صيف 2019 بسحب قواتها، وفي بداية العام 2020 أعلنت رسمياً عن عودة قواتها من اليمن. هذه الخطة اعتبرت نهاية التحالف العربي الذي شكلته السعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن، التي هي خطوة منها ضد إيران".

وتابعت هآرتس "في الواقع، أعلنت أبو ظبي أنها ستواصل مساعدة السعودية في الحرب في اليمن، لكن في السعودية تحدثوا عن خيانة أبو ظبي للمصالح المشتركة بين الدولتين. إضافة إلى ذلك، رغم انسحاب قواتها لم تتوقف أبو ظبي عن التدخل فيما يحدث في اليمن، واستمرت في دعم المليشيات الجنوبية وشكلت قاعدة عسكرية كبيرة في جزيرة سقطرى، وهي تدفع قدماً بتقسيم اليمين إلى دولتين، شمالية وجنوبية، كأساس لإنهاء الحرب. السعودية تعارض هذه الفكرة لأنها تخشى من سيطرة الإمارات على المنطقة التي تعتبر نفسها صاحبة البيت فيها".

ولفتت الى ان "منافسة اقتصادية اشتعلت بين بن زايد وبن سلمان حول سحب مستثمرين وشركات أجنبية. كلاهما يعرض تسهيلات مبالغاً فيها على شركات أجنبية وتتم إقامة عروض ضخمة لترويج السياحة، واستثمار أموال باهظة في دول من العالم الثالث لشراء النفوذ – مثلاً إيداع 10 مليارات دولار في بنوك تركيا من قبل بن زايد، و5 مليارات من قبل بن سلمان. استأنفت الإمارات العلاقات الدبلوماسية مع إيران في آب الماضي، وبعد سبعة أشهر قررت السعودية أيضاً استئناف العلاقات الدبلوماسية مع طهران. أبو ظبي سبقت الرياض بسنة عندما استأنفت علاقاتها مع سوريا. الدولتان لا تطبقان العقوبات الأمريكية المفروضة على روسيا، وهما تتعاونان بشكل وثيق مع الصين. هذه المنافسات ليست استثنائية، ويبدو أنه لا يمكن الضرر بمشهد “رص الصفوف” العربية، قمة الجامعة العربية. ولكن عندما لم يرد بن سلمان على دعوة بن زايد من أجل المشاركة في اجتماع لدول الخليج في كانون الثاني في أبو ظبي، ولم يشارك في لقاءين آخرين في الإمارات، لا يمكن حينئذ إخفاء الشروخ التي في واجهة العرض. ليس من نافل القول التذكير في هذا السياق بأن حاكم أبو ظبي لم يشارك في اللقاء الفاخر الذي نظمه بن سلمان للرئيس الصيني، الذي جاء إلى الرياض في كانون الأول الماضي. وبدلاً من ذلك، أرسل ممثلاً عنه، وبذلك مس بكرامة بن سلمان الذي كان يطمح بإظهار السيطرة على زعماء دول الخليج".

ورأت بان "غياب بن زايد عن القمة لم يكن عرض الغضب الوحيد بين زعماء دول الخليج. فحاكم قطر، الشيخ تميم بن حمد، شارك في جلسات القمة، ولكنه غادر بسرعة قبل إلقاء الرئيس السوري بشار الأسد لخطابه. وقطر تعارض عودة سوريا للجامعة العربية، لكنها لم ترغب في المس بابن سلمان الذي دفع قدماً بهذه العملية. لذلك، كانت مطلوبة موافقة من جميع الأعضاء في الجامعة. لكن كل ذلك يتقزم أمام الأيام السعيدة التي وفرت فيها القمم العربية “عروض تسلية” صاخبة، وضمن ذلك شتائم لاذعة بين الرئيس الليبي محمد القذافي وملك المغرب، أو ملوك السعودية، ومغادرة تظاهرية وتقريباً تبادل لكمات، الأمر الذي اقتضى جهود وساطة ومصالحة بين الزعماء. في هذه المرة، اكتفت الشبكات الاجتماعية بتغطية بكاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما زار الكعبة، وإقصاء ولي عهد البحرين عن اللقاء مع بن سلمان – مقابل العناق وصورة السيلفي التي التقطها حاكم السعودية مع ولي عهد الأردن، الأمير حسين. يمكن الفهم بأن الأمير حسين سيتزوج في الشهر القادم فتاة سعودية، عائلتها مقربة من العائلة المالكة".