لفتت صحيفة "الأخبار" إلى أنه بعد مذكرة التوقيف الفرنسية، أصدر القضاء الألماني أمس مذكرة توقيف بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للاشتباه في ارتكابه جرائم فساد تتضمن غسل أموال وتزويراً واختلاساً. المذكرة الأوروبية الثانية تزيد من قتامة الصورة السوداوية للحاكم وربما ترخي ظلالاً غير إيجابية على الواقع المصرفي والنقدي. ففي وقت تدفن حكومة نجيب ميقاتي رأسها في الرمال، بدأت مصارف أوروبية عدة قطع علاقتها مع المصارف اللبنانية، ولو بشكل فردي ومن دون تنسيق على مستوى أعلى بعد. غير أن التوقعات تُرجّح أن تكرّ السبحة عاجلاً أم آجلاً لتشمل مصارف المراسلة في أوروبا، في ظل ما يتردد عن قرب إدراج مجموعة العمل المالي FATF لبنان في القائمة الرمادية، ما يضرب سمعة الدولة ويحول دون تعامل أي مؤسسة خارجية مع المصارف اللبنانية مع تصنيف لبنان ضمن البلدان الخطرة المتهمة بتبييض الأموال.

وأفادت صحيفة "الأخبار" بحسب مصادر مصرفية مطلعة، بأنه تلقّى المصرف المركزي إشعاراً من مصرف أوروبي كبير بقراره وقف التعامل مع ثلاثة مصارف لبنانية لعدم جني أي أرباح جراء هذه العلاقة، غير أن "هذه قد تكون مجرد ذريعة، وقد يكون الدافع وراء القرار الأحداث القضائية المتسارعة وملاحقة الإنتربول لحاكم المركزي رياض سلامة".

وعلمت "الأخبار' أن ألمانيا بدّلت صفة سلامة و5 شركاء له من مشتبه فيهم إلى متهمين منذ تشرين الثاني الماضي بعدما تثبّتت من الجرائم المرتكبة على أراضيها. والشركاء الخمسة هم: رجا سلامة، ندي رياض سلامة، مروان عيسى الخوري (ابن شقيقة سلامة)، ماريان الحويك وغبريال إميل جان (يتولى إدارة شركات مملوكة من آل سلامة). علماً أنه، بخلاف باريس، لا وجود لقاضي تحقيق في ألمانيا، وقد يعمد المدعي العام إلى تحويل المتهمين إلى المحكمة مباشرة. واستند القضاء الألماني إلى المادة 261 من قانون العقوبات لطلب التعاون من لبنان بداية، ثم إجراء التحقيقات مع سلامة. كما استند إلى المادة نفسها لإصدار مذكرة التوقيف. وتبلغ عقوبة المتهم بهذه المادة من 6 أشهر إلى 10 سنوات سجناً في الحالات الشديدة الخطورة، وهي عندما يتصرف الجاني بشكل احترافي أو كعضو في عصابة تكرر جريمة غسيل الأموال. ووفق المعلومات، فقد ثبت استخدام سلامة الاقتصاد الألماني لتبييض أمواله المختلسة، مع الشركاء الخمسة، في ثلاثة أماكن مختلفة من ألمانيا.

وعلم أن التحقيق الألماني لا يزال مستمراً، وينتظر الرد اللبناني ليشمل آخرين. إذ إن الوفد القضائي الألماني الذي حضر في وقت سابق إلى لبنان طلب الاستماع إلى شهود كثر، وموظفين سابقين وحاليين في المصرف.

دول أوروبية قد تتخذ خطوة القضاء الفرنسي والألماني بحق سلامة..

وفي السياق، نقلت صحيفة الشرق الأوسط عن مرجع قضائي قوله إنه بدا لافتاً أن الجانب الألماني اتخذ هذا الإجراء من دون استدعاء سلامة أو تحديد موعد لاستجوابه كما فعلت القاضية الفرنسية أود بوريزي، إلّا أن "القرار يأتي في سياق توحيد الإجراءات الأوروبية، خصوصاً لدى الدول التي شاركت بالتحقيق في بيروت، والتي رأت أن الإفادات التي أدلى بها الحاكم وعدد من المستمع إليهم كافية لاتخاذ ما يلزم من إجراءا". ورأى أن "لبنان لا يتعامل مع هذه المذكرة إلّا عندما تتحوّل إلى نشرة حمراء، وتعمم عبر «الإنتربول»، وحينما يتسلّمها سيتبع المعايير نفسها التي اعتمدها مع مذكرة التوقيف الفرنسية"، وتوقّع المصدر أن "تحذو دول أخرى هذا المنحى، لا سيما تلك التي لديها ملفات قضائية لحاكم المركزي وهي لوكسمبورغ، بلجيكا، سويسرا وبريطانيا، وقد تتوسّع إلى دول أخرى لديها حسابات مالية عائدة لسلامة ومقربين منه".