أكّد وزير الثّقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى، أنّ "الموقع الأثري في بعلبك هو مكان لا نظير له في الكوكب كلّه"، داعيًا كلّ اللّبنانيّين إلى أن "يستحضروا أهميّة موروثهم الأثري والتّراثي".

ولفت، خلال رعايته احتفال اختتام أعمال ترميم معبد "جوبيتر" وإعادة تأهيل موقع بعلبك الأثري، بتمويل إيطالي، إلى أنّ ​"بعلبك موعد دائم لترميم الزّمان. الأعمدة الّتي ترتفع فيها، والحجارة الّتي تتشابك بناء، أو تنطرح أرضا على صعيدها، وأدراج المهرجانات والأقبية المسقوفة في قلعتها، والبطولات التي تتدفق من دماء أبنائها، هي بيننا ألسنة الأيام والسجلُّ الناطق بالفخامة والكبرياء، عن حضارات حلَّت ثم ولَّت، أو ظلَّت، تاركةً شواهدها الثقافية الضخمة كي تحكي لنا التاريخ المتّصل منذ آلاف السنين، بالذكرى التي نجتمع اليوم في رحابها، حتى يصح القول إنَّ من أعاد صفَّ حجر فوق حجر، في أوابد الماضي المهدَّمة، يكون قد رمَّم الزمان لا المكان فقط".

وركّز المرتضى على أنّ "​اليوم، في ظل العولمة الحالية التي نعيش، بما فيها من إيجابيات كثيرة وسلبيات أكثر، ولا سيما لناحية محاولة فرض ثقافة معينة على جميع البشر، يصبح تذكُّر التاريخ مدرسة نافعة جدا، لا لمجرد الذكرى بل لبثِّ الوعي في النفوس، من أجل مواجهة مشاكل الحاضر وتحدياته المتراكمة". وبيّن أنّ "لا شكَّ في أن واحدا من المشاكل التي نعانيها، هو تقلص المساحة المخصصة لنشر ثقافة التعايش الإنساني الحضاريِّ بين البشر، مع احترام الخصوصيات التي يتمتعون بها، وذلك على الرغم من الشعارات والبرامج التي تطلقها سياسات الدول وهيئة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختلفة".

واعتبر أن "من الثابت الذي لا يخفى على أحد، أن محاولات السيطرة على مصائر الشعوب لدى بعض الدول المتحكّمة لا تزال ممعنة في اتساعها، وهي اليوم ترتدي طابع الحصار الاقتصادي أو التقني المتعلق بالتطور الرقمي، أو حتى الصحي، من غير أن تتراجع أدواتها السياسيَّة والعسكريّة". وشدّد على أن "عمارة الأرض لا تكون إلا بالتلاقي والتعارف وتبادل الخبرات، بدلا من الحروب والاحتلالات والقتل والتهجير، كما تعرضت له بلادنا في العصر الحديث بدءا من احتلال فلسطين؛ ولا تزال تتعرض له إلى يومنا الراهن".

كما أشار إلى أن "لبنان، في ظل الأزمة الأزمة الخانقة التي يعيش، لا يستطيع إلا أن يثمّن جميع مبادرات التعاون التي تقدمها له الدول الصديقة، وفي مقدَّمها الدولة الإيطالية، عبر المساعدات والهبات الرامية إلى تمويل المشاريع الثقافية والحياتية والإنمائية المختلفة. فعندما تنغلق الأبواب في وجوه المواطنين، لا بدَّ من التفتيش عن مفتاح ما، لباب ما، يكون مدخلا إلى فتح الأبواب كلّها". وتساءل: "هل من باب أشدّ رسوخا في الأرض وارتفاعا في السماء، واتّساع مصراعين للريح، أكثر من باب الثقافة التي ينبغي لها أن تكون واحدا من محفزات الاقتصاد الوطني، وفصلا متقدما في خطة التعافي المنشود (وهذا ما حرصنا على العمل لأجله)؟".

من جهتها، أوضحت سفيرة إيطاليا في لبنان نيكوليتا بومباردييري، أنّ "اليوم يشهد على تاريخ مهم، يصادف تسليم لبنان لمشروع ترميم معبد جوبيتر وإعادة تأهيل موقع بعلبك الأثري. يتمتع هذا الموقع وتاريخه وخصوصا الآثار الرومانية فيه، التي تنتمي إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو، بشهرة كبيرة. هو موقع معروف عالميا ويجذب الزوار منذ العصور القديمة وحتى الآن".

وذكرت أنّ "استكمال المشروع تطلب جهدا غير عادي، إذ جرى تنفيذه في إطار برنامج التراث الثقافي والتنمية الحضرية (CHUD) من قبل مجلس الإنماء والإعمار، بالتعاون مع الوكالة الإيطالية للتعاون التنموي. منذ البدء وضع برنامج التراث الثقافي والتنمية الحضرية (CHUD) الثقافة في قلب عمليات إعادة الإعمار والتعافي، ونظّم دروسا عملية في الحفاظ على التراث الثقافي اللبناني وإدارته، وبالتالي ساهم في زيادة التمنية الاقتصادية المحلية. وأثبت برنامج "CHUD" أنه أداة حقيقية للعمل في مجال حماية التراث". ولفتت إلى أنّ "مساهمة إيطاليا الإجمالية في البرنامج المذكور، فاقت الـ12 مليون يورو".