أطلقت شبكة دراسات المرأة "صون" تحت مظلة الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية "إيناس"، برنامجها العام تحت عنوان" إعادة التفكير بالنسوية العربية بين الخطاب المعرفي والعمل النضالي" وترافق حفل الإطلاق مع حلقة نقاشية دولية تحت عنوان "النسوية العربية مقاربات مفاهيمية وتجارب ميدانية". وقد أُطلق البرنامج بالشراكة مع مجموعة بسمة الدولية، وبالتعاون مع معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، والجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع، ومركز دراسات المرأة في الجامعة الأردنية، ومخبر الدين والمجتمع في جامعة الجزائر ٢، وبحضور المؤسّسات العلمية والمنظمات الناشطة في قضايا المرأة الأعضاء في الشبكة. قدّم للحفل المنسّقة الإعلامية لشبكة دراسات المرأة في لبنان الدكتورة ليلى شمس الدين.

ورحّبت المنسقة الاعلامية لـ "صون" الدكتورة شمس الدين بالحضور، معتبرة أن ثلاثة أحرف "صون" كانت كفيلة بتحريك مسار تراكمي بين النتاج الفكري والسعي النضالي، بهدف إنجاز فهم مشترك لأوضاع المرأة، وتحقيق مشاركتها في عملية التنمية في المجتمعات العربية. وأعلنت انفتاح الجميع في شبكة دراسات المرأة على المؤسّسات الإعلامية الراغبة في تفعيل قضايا المرأة من خلال تأمين التواصل مع الجماعات العلمية والنضالية الملتزمة بهذه القضايا. ولفتت د. شمس الدين إلى إطلاق قريب لبرنامج " لأنّي أنثى" الذي تعدّه وتقدّمه الدكتورة ماريز يونس على قناة مريم، مشيرة إلى أنّه يطرح قضايا نابعة من يوميات الأنثى، ويناقشها من خلال استضافة مفكّرين ومختصّين من لبنان والدول العربية.

وركّزت مؤسّسة ورئيسة شبكة دراسات المرأة "صون"، ورئيسة الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية دكتورة يونس في كلمتها الافتتاحية على السياقات التي أدّت إلى تأسيس شبكة دراسات المرأة كفكرة منبثقة من الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية التي تضم حوالي ٨٠ مؤسسة بحثية من العالم العربي، تهتم جميعها بالعالم العربي وقضاياه.

وأشارت دكتورة ماريز يونس أنّ فكرة تأسيس "صون" أتت بعد تداولات عدّة على مدى سنتين مع مختصّات في مجال المرأة، تداولات خلصت إلى ضرورة العمل على قضيتين مركزيتين أولهما: ضرورة إعادة التفكير بالخطاب النسوي العربي ربطًا بما يشهده العالم العربي من تحوّلات، والقضية الثانية: ركّزت على ضرورة الجمع بين العمل الأكاديمي والعمل النضالي، وتوسيع النقاشات بين المؤسّسات العلمية والمؤسسات النضالية.

بدورها، أكّدت مديرة مجموعة بسمة الدولية الدكتورة صغلام في كلمتها على أهمية أن تكون مجموعة بسمة الدولية جزءًا من شبكة دراسات المرأة "صون" التي تضم نخبة من الباحثات والباحثين والمؤسّسات العلمية ومؤسّسات المجتمع المدني. كما أعربت عن سعادتها بالشراكة مع الشبكة في إطلاق مشروعها الأول من نوعه الذي يحمل عنوان "إعادة التفكير بالنسوية العربية بين الخطاب المعرفي والعمل النضالي"، والذي سيتضمّن سلسلة من الاطروحات والندوات والقراءات التي تُعني بقضايا المرأة على امتداد العالم العربي.

وأشارت عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتورة حيدر في كلمتها إلى أهمية هذه الانطلاقة كونها بنيت على تراكمات واستنتاجات سابقة حول إعادة التفكير بالخطاب النسوي العربي، ما يعكس جدّية هذا الطرح، متمنية أن يثمر نتائج واعدة في هذا المجال عمومًا وفي المجتمعات العربية تحديدًا.

وشدّدت العميدة على أنّ التغيير لا يأتي بكسر القيود فحسب، وإنّما ايضًا بالإحاطة المؤسساتية وبالبناء المتين، والسياسات الواضحة غير الملتبسة، وغير المتناقضة في موضوع المرأة. كما أكّدت على ضرورة السعي الحثيث والإصرار في النضال والنقاش لمتابعة قضايا المرأة وحقوقها.

الكلمة الختامية للجلسة الافتتاحية كانت لرئيس الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع دكتور بزي الذي أشار إلى "أهمية التشبيك مع شبكة دراسات المرأة "صون"، مشدّدًا على "ضرورة القيام بدراسات ميدانية من المجتمع المحلي وليس مجرد اسقاطات وتنظير في هذا الإطار. سيما أن موضوع المرأة هو حسّاس وأساسي"، كما أشار إلى "أهمية وضرورة اعتماد التقنيات والاستناد إلى النظريات في هذه الدراسات، وصولاً إلى اقتراح حلول تقارب الواقع، وركّز رئيس الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع على ضرورة إشراك الطلاب في هذه الدراسات".

بعد الجلسة الافتتاحية، ونظرا لأهمية الإعلام ودوره في دعم قضايا المرأة، كرّمت شبكة دراسات المرأة "صون" بشخص رئيستها دكتورة ماريز، رمزين إعلاميين ساهما في دعم المرأة وقضاياها عبر وسائل الإعلام.

المحطة التكريمية الأولى كانت لقناة مريم ممثّلة بمدير برامجها الأستاذ جورج معلولي، حيث أشادت رئيسة الشبكة بالدور الذي تقوم به قناة مريم تجاه قضايا المرأة. إذ تقدّم قناة مريم اليوم نموذجًا للإعلام الملتزم الذي يجمع بين العمل الفكري والنضالي، بعيدًا عن الاستهلاك الاعلامي الذي يسود معظم المنصّات الاعلامية.

واثنى مدير البرامج جورج معلولي على أهمية هذا التعاون بين شبكة دراسات المرأة وقناة مريم، الذي يعزّز فرص التشبيك العلمي بين الباحثات والباحثين في مختلف الدول العربية ويضمن جودة المحتوى الإعلامي الذي تحرص قناة مريم على تقديمه إلى جمهورها الواسع. أمّا الوقفة التكريمية الثانية، فكانت مع الإعلامي القدير الدكتور سامي كليب، وأشادت رئيسة الشبكة بأهمية الدور الذي قام به الدكتور كليب في دعمه للنساء الرائدات في المجال العام، وخصوصّا طيلة فترة الانتخابات النيابية، حيث رافقهن على مدى ثلاثة أشهر، ووضع امكاناته وخبراته ومهاراته كافّة لتدريب وتمكين وتعزيز قدرات النساء المرشّحات للانتخابات النيابية. كما تطوّع لدعمهن في إيصال أصواتهن عبر المنصّات الإعلامية من خلال الالتزام بتقديم برنامج خاص لهن وإليهن.

بدوره، لفت الدكتور سامي إلى أهمية وأبعاد العمل الذي تهدف إليه "صون"، وتطرّق إلى تجربته التطوّعية التي خاضها مع النساء المرشّحات، معربًا عن مد يد التعاون الدائم مع شبكة دراسات المرأة، مثمّنًا عملها وسعيها للوصول إلى تحقيق العدالة الإنسانية للمرأة في قضاياها كافّة.

وتضمّنت أعمال الحلقة النقاشية الدولية مداخلات شارك فيها باحثون وباحثات من لبنان والعالم العربي. وافتتحت الجلسة الأولى من الحلقة النقاشية رئيسة "صون" الدكتورة ماريز يونس بمداخلة طرحت خلالها عناصر أولية للنقاش في النسوية العربية وقضايا الالتزام. بعدها قدّمت الدكتورة لبنى طربيه، استاذة علم الاجتماع في معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، مداخلة بعنوان "مقاربة نقدية لطروحات النسوية العربية"، تلتها مداخلة الدكتور ساري حنفي، أستاذ علم الاجتماع ومدير مركز الدراسات العربية والشرق أوسطية بعنوان "بعض القضايا النسوية: ماذا يعود لمفهوم العدل وماذا يعود لمفاهيم الخير؟"، واختتمت الجلسة الأولى من الحلقة النقاشية مع الإعلامي والباحث الدكتور سامي كليب بمداخلة تحمل عنوان "النسوية بين الواقع والشعارات كما عشتها: الانتخابات النيابية مثالا".

وانطلقت الجلسة الثانية من الحلقة النقاشية مع تجربة ميدانية للمناضلة المحامية رانيا غيث، تلتها مداخلة عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية الدكتورة مارلين حيدر من لبنان، وتبعها من الجزائر مداخلة الدكتور جيلالي المستاري، باحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، واختتم الجلسة الدكتور مصطفى مجاهدي مدير البحث في مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية من الجزائر.

واختتمت اعمال الحلقة النقاشية، بنقاش عام من قبل الحضور، وتضمّن جملة من التعقيبات التي طرحت تساؤلات وإشكالات متعدّدة طالت المستويين النظري المفاهيمي والعمل النضالي على حد سواء.

كما اختتمت فعاليات هذا اليوم مع كلمة رئيسة شبكة دراسات المرأة "صون" الدكتورة ماريز يونس، التي أكّدت على ضرورة استكمال العمل التشاركي بين الجماعة الأكاديمية والجمعيات الناشطة لتجسير العلاقة بين الفكر والنضال النسوي، كمسار أساسي تعتمده الشبكة لترجمة رؤيتها والدفع قدمًا بقضايا المرأة من أجل بلوغ العدالة الإنسانية وتحقيق مساواتها في المجتمع.

ولفتت إلى أن المحطة الأولى لانطلاق برنامج الشبكة ستكون مع سلسلة أطروحات جندرية في ٢٠ حزيران لمناقشة اولى الكتب المختصّة بقضايا المرأة بالتعاون مع الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع.