أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "ببراعة، أحكَم تيّار "المستقبل" قبضته على "اتحاد جمعيّات العائلات البيروتيّة"، بعدما تمكّن من فرض محي الدين كشلي مرشحاً لرئاسة الاتحاد. رغم الاعتراض الأولي لعدد من العائلات على كشلي لدى طرح اسمه، نجح التيار في فرضه كمرشّح أقوى على الأرض، وألزم الجميع بتسوية وفاقيّة، قاطعاً الطريق على عمليّة "تفريخ" أي رئيس توافقي، أو حتّى طرح التسوية من جانب آخر".

ورأت أنّها "رسالة أراد "الحريريون" توجيهها إلى من يهمّهم الأمر، بأنّهم ما زالوا قادرين على بسط نفوذهم على العاصمة. اختبار انتخابات الاتّحاد نجح، ليشكل بداية مسار سيسلكه "الحريريون" إلى الاستحقاقات الأُخرى، حتى إخراج خصومهم من مركز القرار السني".

وشدّدت الصّحيفة على أنّ "المستقبل" أخرج رئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة من قلب الاتحاد، من دون ضربة كف، وحتّى "مجموعة العمل للنهوض ببيروت" التي تأسّست بـ"كلمة سر" صدرت من "السادات تاور"، والتقت بجميع الأفرقاء سعياً إلى التوافق، أخرجها "الحريريون" خالية الوفاض".

وبيّنت أنّ "قلّة حيلة السنيورة أوصلته إلى أن يكون "محرتقاً"، كي يقطع محسوبون عليه الطريق على أي تسوية تؤدي إلى اتفاق جامع، عبر تشجيع المرشحين على عدم الانسحاب لصالح لائحة كشلي أو عدم التواصل معها، أو حتّى تشطيب اسم كشلي!".

كما ركّزت على أنّ "كلّ ما يفعله السنيورة يبدو أنّه غير ذي فائدة، إذ إنّ المعلومات تُرجّح إمكانيّة ولادة لائحة موحّدة يرأسها كشلي ويشترك في عضويّتها محسوبون على "المستقبل" ورؤساء الاتحاد السابقين و"اللقاء التشاوري"، كاشفةً أنّ "في هذا الإطار، تتتالى اللقاءات التي يعقدها المنسّق العام المركزي للإدارات المحلية والجمعيات الأهلية في هيئة الرئاسة في "التيّار" جلال كبريت مع مختلف القوى، ويضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق مع رؤساء الاتحاد السابقين. ويتردّد أنّ الاتفاق ينص على إمكانية أن تكون هناك 5 أسماء مشتركة بين "المستقبل" والرؤساء، ومنهم: كشلي، محمّد بالوظة، عدنان المصري، فيما يتردد أن محمد الأمين عيتاني يُطالب بأن يكون ممثلوه من الطاقم القديم".

المستقبل يتراجع عن دعم عساف لمنصب المفتي

لفتت "الأخبار" إلى أنّ " قضيّة وقف البر والإحسان لم تنتهِ خلف أسوار المحكمة الشرعيّة السنيّة، بل وصلت حممها إلى عائشة بكّار، حيث بدأت باكراً المعركة على خلافة المفتي عبد اللطيف دريان، الذي تنتهي ولايته في نيسان 2025".

وأوضحت أنّ "مسار القضيّة القانونيّة- الشرعيّة تحوّل، كما في كثير من القضايا الكُبرى، إلى صراعٍ نفوذ سياسي ومعركة إثبات وجود مستترة داخل الطائفة بين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة. جانبا القضية -مجلس أُمناء البر والإحسان، والناشطون الذين تقدّم باسمهم المحامي محمّد خير الكردي باستدعاءٍ لإجراء تدقيق وتحقيق في أعمال المجلس- يخوضان مواجهة بالوكالة عن رئيس تيّار "المستقبل" ورئيس كتلته السابقة".

وأشارت الصّحيفة إلى أنّ "السنيورة فهم بعد "تدفّق الدماء" في جسد "المستقبل"، إثر زيارة الحريري الأخيرة لبيروت في شباط الماضي، أن تصفية الحساب ستبدأ مع كلّ من تمرّدوا على قرار الحريري مقاطعة الانتخابات النيابيّة الأخيرة، ومن انقلبوا عليه عندما احتجز في الرياض. لذلك، هبّ رئيس الحكومة السابق إلى "نجدة" المقربين منه، وتحديداً رئيس مجلس الأُمناء النائب السابق عمّار حوري، مستخدماً أدواته داخل المحكمة الشرعيّة لإثبات أنّه لا يزال مُتحكّماً بإدارة اللعبة".

كما ذكرت أنّ "في المقابل، ولأن الحريري يقطع تواصله مع المحسوبين عليه حينما تُغلق أبواب طائرته عليه في بيروت، ظنّ كثيرون أن دعم رئيس "جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعيّة" أحمد هاشميّة للناشطين في دعواهم ضد مجلس الأمناء، مجرد اجتهاد شخصي منه، فيما الواقع أن الأخير ينسّق مع هاشميّة في "الصغيرة والكبيرة".

وبيّنت أنّ "هذا، على ما يبدو، ما لم يدركه رئيس المحاكم السنيّة الشرعيّة محمّد عسّاف، الذي سبق أن نال دعم الحريري لخلافة دريان. فدخل في قلب الحرب الدائرة بين "المستقبليين" والـ"إكس مستقبليين"، ولم يحفظ خط الرجعة، وتغاضى عن المخالفات التي ارتكبها المستشار عبد الرحمن الحلو بالتّعاون مع آخرين داخل المحكمة، لاصدار قرارٍ بإبطال قرار تعيين ناظر حسبة على أموال وقف البر والاحسان، الذي أصدره سابقاً القاضي الشرعي وائل شبارو".

وتابعت: "بل كان عسّاف واحداً ممن ساهموا في "ضبضبة" هذا الملف، ولم يعمد إلى تحييد نفسه، كما فعل في قضيّة متولي ومجلس إدارة وقف النهضة الإسلامية السنية الخيرية، عندما خالف القرار الصادر عن محكمة الاستئناف العليا لمصلحة الوزير السابق عبد الرحيم مراد؛ حتّى لا يُخيّب ظنّ الحريري به".

وشدّدت على أنّ "عليه، يبدو أن عسّاف أحرق مراكبه التي كادت أن توصله إلى "بر عائشة بكّار". وأكّدت معلومات "الأخبار" أنّ "رئيس المحاكم السنيّة الشرعيّة تبلّغ رسالةً حاسمة من الحريري، بالتراجع عن دعمه لتولّي منصب الافتاء. فيما يؤكد مقربون من الحريري، أن الأخير بدأ البحث عن مرشّح جديد للإفتاء، وأنّ قنوات تواصل فُتحت مع بعض المرشّحين لخلافة دريان". وركّزوا على أن "تيار المستقبل مستمر في دعم الناشطين الذين حرّكوا هذا الملف لـ"فضح" أي مخالفة ماليّة وقع مجلس الأُمناء فيها".