منذ دخول البلاد مرحلة الشغور الرئاسي، طغى على مواقف غالبية الأفرقاء الحديث عن المواصفات التي ينبغي أن تتوفر في الرئيس المقبل، حيث كان كل فريق يحدد ما يريده في الشخصية التي يريدها، قبل أن تظهر بشكل حاسم أسماء المرشحين البارزين: رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​ والوزير السابق ​جهاد أزعور​، في المقابل كانت الدول الإقليميّة والخارجية تتحدث بدورها عن مواصفات محددة، تصب في إطار الذهاب إلى شخصية من خارج ​الطبقة السياسية​.

بعد تقاطع بعض كتل المعارضة و"​التيار الوطني الحر​" على تبني ترشيح أزعور، كان السؤال الأساسي الذي تواجه به هذه القوى، خصوصاً النواب التغييريين منهم، يتعلق بمواقفها طوال الفترة الماضية عن رفضها رئيساً من "المنظومة"، الأمر الذي كانت ترد عليه بالحديث عن أن فرنجية يمثل كامل "المنظومة"، بينما أزعور جزءاً منها، ما دفع العديد من الأوسط السياسية إلى رسم الكثير من علامات الإستفهام حول هذه المعادلة، التي تشير إلى أن هناك مواصفات جديدة دخلت قلب المعركة.

في هذا السياق، تسخر مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، من هذا الواقع المستجد، حيث تشير إلى أن المفارقة اللافتة، على هذا الصعيد، تكمن بأن جميع الأفرقاء الأساسيين كانوا في السنوات الماضية، بشكل أو بآخر، جزءاً من "المنظومة"، وبالتالي لا يمكن لهم تبادل إتهامات من هذا النوع، خصوصاً أن الخيارات الرئاسية التي ذهبوا إليها لا تخرج عن هذا الإطار، أما نسبة الإنتماء فليس هناك من هو قادر على تحديدها، على إعتبار أنها تبقى أمراً خاضعاً للنقاش.

من وجهة نظر هذه المصادر، قد يكون الأمر المستغرب هو أن هؤلاء الأفرقاء، بعد كل ما حصل منذ السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019 حتى اليوم، لم يجدوا أي شخصية، من الممكن الإتفاق عليها، لا يمكن أن توجه إليها إتهامات من هذا النوع، مع العلم أن هذا الأمر ممكن ولو بالحد الأدنى، عبر إستبعاد أيّ شخصية تولت منصباً مؤثراً في السلطة التنفيذية، أو كانت جزءاً من فريق سياسي مقرر على هذا المستوى.

في مطلق الأحوال، يبدو أن كل ما يطرح على هذا الصعيد لا يعدو أن يكون أكثر من شعارات، ينطلق منها كل فريق لتوجيه الإتهامات إلى الآخر، في حين أن المعضلة في مكان مختلف، بدليل وجود أفرقاء ذهبوا إلى طرح إسم رغم عدم إقتناعهم به، لكنهم في المقابل يبحثون عن الحجج التي من الممكن أن يستندوا إليها للدفاع عنه.

على هذا الصعيد، تلفت المصادر السياسية المتابعة إلى أن المعضلة الأبرز تكمن بموقف بعض النواب التغييريين، الذين قرروا أن يكونوا جزءاً من هذه المعركة، بينما كان المطلوب منهم تقديم خيارات مختلفة جذرياً حول شخصية الرئيس، بغضّ النظر عن إمكانية إيصالها إلى ​رئاسة الجمهورية​، نظراً إلى أن الأساس يكمن في تقديم تجربة جديدة على مستوى العمل السياسي، يمكن البناء عليها في المستقبل، لا الإنجرار إلى الإنقسامات التقليدية بين الأفرقاء التقليديين.

في المحصّلة، تشدد هذه المصادر على أن كل ما يُطرح، في المرحلة الراهنة، هو للإستهلاك الإعلامي، في حين أن المنتظر هو التسوية، التي على الأرجح ستكون خارجية، لافتة إلى أنه عندها ستغيب المواصفات لتحل مكانها مبررات الموافقة عليها، بينما التواضع كان من الممكن أن يقود إلى أن تكون داخلية، ولا تتطلب كل هذا الوقت الضائع.