تختلف طباع وشخصيات الأولاد من واحد الى آخر وقد ينظر الناس الى أحدهم فيجدونه متوتراً جداً وآخر عنيف، بينما أولاد آخرون يعتريهم الهدوء والثقة بأنفسهم، يجيدون التعامل مع المحيط ويبدون أكبر من سنّهم، تلك الطباع ليست فقط من "الله" بل هي تكوين للشخصية تأتي من ​التربية​ وانعكاس علاقة الزوجين على أولادهم.

طوني ورينا ولدان أحدهما في الثامنة من العمر والثاني في العاشرة افترق اهلهما وهما كانا في الثالثة والخامسة من العمر، ونشب خلاف حاد بينهما و"حلبة الصراع" كان الطفل واخته، غادرت الوالدة المنزل وطلبت الحضانة لطفليها، ولجأت الى المحاكم وبقي الطفلان مع الوالد يربيهما بعدما فاز بالحضانة، وكانت الوالدة تأخذهما بين الحين والآخر. كان الولدان يشعران باستمرار بالنزاع القائم بين الأهل، والنتيجة كانت بعد سنوات فتى عنيفا غير مرتاح وفتاة صامتة حزينة.

نعم هذا نموذج عما يُصيب الأولاد نتيجة عدم اتفاق الزوجين وانعكاس علاقتهما غير المتجانسة على الاولاد، وصحيح أن "البيوت أسرار"، ولكن طبيعة الولد وشخصيته هي مرآة لذلك السرّ في المنزل. هنا تشرح الاختصاصية في علم النفس فابيين عموري لـ"النشرة" أن "الطفل في عمر الاربع سنوات يبدأ بالتمثّل بأهله ويتأثّر بشخصية أمّه وأبيه، وفعلياً الولد يرى شخصيتي أهله من خلال التفاعل بين الوالدين"، لافتةّ الى أنه "بمجرد أن يكبر الطفل يبدأ ببناء المبادئ والتصرفات ب​الحياة​ على هذا الاساس، وهكذا يبدأ بالبحث عن شركاء الحياة وأصدقاء يتناسبون مع تلك الشخصية".

"في سنّ المراهقة يمرّ الولد بفترة تغييريّة لبعض المعايير التي أخذها من الأهل، وهذا بحسب ما هو مرتاح في المنزل ومع نفسه". وتلفت فابيين عموري الى أننا "في تلك المرحلة نقول مثلاً أنّ الولد يشبه والده بهذا الامر ولكن ليس بذاك"، مشيرة الى أنه "إذا كانت العلاقة الزوجية بين الزوجين "سلسة" فإن هذا الامر يسهّل حياة الطفل، بينما الولد الذي يعيش في منزل مليء بالمشاكل فإنه يصبح عنيفاً وهذا الامر يؤثّر على دراسته واختياره لاصدقائه واندماجه بالأشياء التي يقوم بها"، مضيفة: "لا يجب أن ننسى أن الاهل هم الذين يربّون المفاهيم لدى الولد، مثلاً عندما يقولا لولد إنه لا يحب ​الزواج​، فهذا يعني أن هناك مشكلة بين والديه دفعته الى تكوين هذه الصورة أو يقول آخرون أنا اريد زوجا أو زوجة هكذا، فهذه قناعات يكتسبها من المنزل وتتأثّر بتجاربه في الحياة وبالجوّ الاجتماعي، أبعد من ذلك فان الاهل هم الذين يعطون المبادئ الخاصة بالحياة اليومية للشخص وهذا الامر يؤثر على اختياره المهني للشخص".

الاهم من هذا كله، تؤكّد فابيين عموري أنه "بقدر ما يكون "Couple" متجانساً يستطيع أن يمنح الاستقرار النفسي للاولاد، الذي يؤثر على حياته الاجتماعية والعاطفية وكل شيء آخر".

في المحصّلة الحياة الزوجية بين الاهل تنعكس بشكل أو بآخر على الاولاد وترسم مسار ومصير الأطفال!.