بعد مرور أكثر من عشر سنوات على تطوّعي في محطة تيلي لوميار-نورسات، بُغية خدمة الإعلام الكنسيّ، إكتشفت بقوّةٍ انتمائي إلى هذه المؤسسة، التي تسعى منذ ثلاثة وثلاثين سنة، إلى نشر كلمة المسيح في هذا الشرق، وفي العالم أجمع. تنشر هذه المحطّة الإيمانَ عبر فضائياتها التي ينتظرها ملايين المشاهدين، خصوصًا في بلاد الإغتراب، ولا سيّما في أميركا الشماليّة وكندا. هذا ما لمسته مؤخرًا، بعد أن واكبت حفل تنّصيب المطران سابا اسبر، متروبوليت نيويورك واميركا الشماليّة في الكنيسة الأنطاكيّة الأرثوذكسيّة، ومن خلال عدّة حلقات قدمتها، سلّطت الضوء على هذه الأبرشية، وما سيتبعها، بإذن الله. نسبة المشاهدين هناك جدًا مرتفعة، وهذا يُشير إلى عطش الناس للكلمة وللإيمان وإلى مدى تعلّقهم بإيمان أجدادهم وكنيستهم الأم.

ثلاثة وثلاثون عامًا من عمر هذه المؤسسة، حققت من خلالها إنجازات كبرى على صعيد الإعلام المسيحي، بفضل القيّمين عليها، وفي طليعتهم الأخ نور، الناسك والزاهد في خدمة هذه الوسيلة الإعلامية البشارية.

قد يعترض البعض على البرامج، والبعض الآخر قد ينتقدها، او قد لا يوافق على ​سياسة​ المحطة ونوعية البرامج وما إليه. هذا حقّ شرعيّ لكل مؤمن ومؤمنة، إذا كان هذا النقد نابعًا من محبّة ومن اجل البنيان. أمّا إذا كانت خلفيّة النقد من اجل التجنّي والاصطياد في الماء العكر، فمن الطبيعيّ أن نستنكره ونرفضه.

إسمحوا لي في هذه الشهادة اليوم، أن أقول كلمة حق، وأتقدم بالشكر من الأخ نور خصوصًا ومجلس الإدارة، ومن كافة العاملين في هذه المؤسسة عمومًا، لما يقدّمونه من تعب وجهد وسهر، خاصّة في ظل الأوضاع الإقتصاديّة والاجتماعيّة والنفسيّة الصعبة، وذلك في سبيل أن تبقى هذه الشاشة بمتناول المشاهدين، المتعطًشين إلى الكلمة المعزّية، والصلوات المُبلسمة للجراح، والتراتيل المُبهِجة.

كلمة حق أقولها، أنّي كلّما تقدّمت بأفكار لبرامج متنوّعة، ببعد وقالب أرثوذكسيّ، إلا وكان التجاوب والموافقة بشكل مطلق، مع وضع كافة الامكانيّات في خدمة إنتاج هذه البرامج.

هذا ما شجّعني على المثابرة، سيّما أن راعي أبرشية جبل لبنان للروم الأرثوذكس، سيادة المطران سلوان موسي الجزيل الاحترام، قد منحني بركته، منذ تسلّمه عصا الرعاية في الأبرشية، لمتابعة إعداد وتقديم البرامج عبر هذه الشاشة، بعد أن كنت قد نلتها من سلفه سيادة المطران جورج خضر، أطال الله بعمره.

هذه السياسة المتّبعة في محطة تيلي لوميار-نورسات، أغنتها بالروح المسكونية، وحملتني إلى الشعور بالانتماء إلى عائلة تيلي لوميار، الذين احبّهم واحترمهم جميعًا دون استثناء.

نحن بأمسّ الحاجة إلى إعلام نظيف، خصوصًا على الصعيد المسيحي. فوسائل التواصل الإجتماعيّ سلاحٌ ذو حدّين، بعضها إيجابي والبعض الآخر سلبي. وللأسف البعض يسخّر هذه الوسيلة لنفْث سمومه في وجه الكنيسة وأحبارها ورعاتها، الذين قد يخطئون بمكان ما ويتعثّرون ويعثّرون، لكنّ أبواب كنيسة الله غير موصدة عن الاستماع الى النقد البنّاء.

والبعض الآخر يتبنى، عبر هذه الوسائل، آراء هرطوقيّة، تزرع العثرات في عقول وقلوب المؤمنين. والبعض يروّج لأفكار كنسيّة وعقائديّة مغلوطة. ومجموعات من الناس همّها الأول والأخير حبّ الظهور في كنائسها وبلداتها وقراها، بحيث يستغلّون وسائل التواصل الإجتماعيّ، بكافة الأساليب الخبيثة، ليثبّتوا وجودهم ويستقطبوا الخبثاء، مثلهم، والصغيريّ النفوس من كل حدب وصوب.

من هنا تأتي أهمية شاشة تيلي لوميار - نورسات، ومن خلال كوكبة من معدّي البرامج ومقدّميها، الذين تثق الإدارة باستقامة فكرهم وإيمانهم والتزامهم بعقائد الكنسية، ليقدّموا مادة راقية للمشاهدين، ملؤها الإيمان والرجاء والمحبّة، وتدحض آراء المنافقين، الذين يدّعون زورًا الإيمان ومحبّة كنائسهم.

قد يطغى على هذه الشاشة روح الكنيسّة الكاثوليكيّة، وتحديدًا المارونية، إلا أن الإدارة لم تطلب أو تفرض يومًا على كهنة الكنيسة الأرثوذكسيّة، الذين يظهرون على هذه الشاشة، عبر برامج متعددة، أيّة توجيهات أو شروط أو استضافات، وأنا شاهدٌ على ذلك، وهي تشجّع على نقل قداديس أرثوذكسيّة وبرامج، والكرة تبقى في ملعبنا.

في الختام، أتقدم بالمعايدة من القيّمين والعاملين في هذه المحطة، وأقول بكل محبة، إلى سنين عديدة من العطاء، في سبيل نشر بشارة يسوع المسيح. آمين.