لا يُحسد الحزب "التقدمي الإشتراكي" على موقفه بشأن الإنتخابات الرئاسية. واذا كان لا يُشكل قراره حسماً للاستحقاق، بإعتبار ان حضوره الجلسة واقتراعه للمرشح جهاد ازعور لا يغيّر في موازين القوى، لكن تأييده للمرشح المذكور يُقاس سياسياً معنوياً، اكثر من مساحة الفاعلية الانتاجية. لماذا؟ لأن تأييد كتل "الجمهورية القوية"، "لبنان القوي"، "الكتائب"، "اللقاء الديمقراطي" ونواب آخرين، لا يحقّق النتيجة المطلوبة لفوز ازعور، ايّ نيل اكثر من ٦٤ صوتاً، لكنه يعترض طريق سليمان فرنجية مرحلياً.

هكذا ينسجم "التقدمي الإشتراكي" مع قرار رئيس "الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي يقضي عملياً بقطع طريق بعبدا على رئيس "المردة". لكن المعلومات تقول إنّ مضمون بيان "الاشتراكي" بشأن الحوار لا يعكس رغبة "اللقاء الديمقراطي" بالقطع النهائي مع اي فريق، وبالتالي لا بدّ من ظهور موقف جديد بعد جلسة الاربعاء المقبل. ومن هنا بدأت القراءات تتعدّد لإستيضاح ما قصده "التقدمي":

يردّد اشتراكيون في جلساتهم ان القوى الداعمة لفرنجية كانت خاضت بشراسة معارك انتخابية نيابية ضد مرشحي "التقدمي"، لصالح لوائح "الوطني الحر" و حزب "التوحيد العربي" والحزب "الديمقراطي اللبناني" لمنع وصول مرشحي "الاشتراكي" الى ساحة النجمة. وبالتالي، يرى هؤلاء ان موقفهم في دعم ازعور منطقي. ويبررون بالمقابل، ان علاقتهم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري هي الصلة الايجابية الوحيدة التي تربط بينهم وبين داعمي ترشيح رئيس "المردة".

رغم ذلك، يسعى رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط الى اظهار وسطية سياسية، لكن ترجمتها تحتاج الى مسار عملاني لا يقتصر على مضمون البيانات، ومن هنا فإنّ تأييد جنبلاط الأب والإبن (النائب تيمور جنبلاط) لأزعور قد يقتصر على جلسة واحدة. بعدها تُصبح امكانيّة التملّص من تأييد أزعور سهلة تحت عنوان: فعلنا ما علينا.

لذلك ستشكّل جلسة الرابع عشر من حزيران محطة فاصلة تُخرج ازعور من السباق الانتخابي الرئاسي.

فهل ينسحب الامر ايضاً على موقف تكتل "لبنان القوي"؟ يستطيع رئيس التيار "الوطني الحر" النائب جبران باسيل ان يتملّص هو ايضاً من ترشيح ازعور، خصوصا ان باسيل شخصياً يستخدم هذا الاسم لقطع الطريق على فرنجيّة لا غير. والمعلوم هنا ان باسيل لا يزال يؤيد ترشيح الوزير السابق زياد بارود المرفوض من قبل حزب "القوات". لكن باسيل الذي استطاع سحب رئيس "القوات" سمير جعجع الى بيت الطاعة في شأن ترشيح ازعور، قادر على اجباره على تأييد بارود، تحت العنوان ذاته: منع وصول فرنجية.

وعليه، ستنعقد الجلسة المقبلة نهار الاربعاء، ثم ينال كل مرشح ما لا يزيد عن ٥٥ صوتاً، بفارق نسبي بسيط جداً بين فرنجية وازعور، ووجود اوراق بيضاء، وربما اسماء متفرقة، وبعدها يطيّر فقدان النصاب الدورة الثانية، لتتفرغ الكتل النيابية الى البحث عن مخارج رئاسية.

سيبرز دور بكركي مجدّداً، خصوصاً أن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي يحاول ايجاد تسوية سياسية لمنع اطالة الشغور الرئاسي، فهل تدعو بكركي الى حوار بين القوى السياسية، خصوصاً ان وفد البطريرك الراعي سمع من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ايجابية بالتعاطي مع دور بكركي، خصوصا ان رئيس المجلس لن يدعو الى حوار بعدما صار طرفاً بتأييده فرنجية.