منذ أكثر من أسبوع، يطغى على ​الإستحقاق الرئاسي​ طابع التحدّي، من قبل جميع الأفرقاء، حيث ترتفع الفيتوات التي تصل إلى حدّ التهديدات، بعد أن باتت المعركة، في الصورة العامة، تدور بين مرشحين أساسيين: الأول هو رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​، المدعوم من قوى الثامن من آذار، أما الثاني فهو الوزير السابق ​جهاد أزعور​، الذي تقاطعت حوله العديد من ​الكتل النيابية​.

من حيث المبدأ، الواقع الحالي هو نتيجة مسار عام، بدأ منذ ما قبل دخول البلاد الشغور الرئاسي بعد نهاية ولاية الرئيس السابق ​ميشال عون​، حيث كان واضحاً حجم الإنقسام بين الأفرقاء السياسيين، خصوصاً بعد النتائج التي أفرزتها الإنتخابات النيابية الماضية، الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى طرح علامات إستفهام، حول إمكانية البرلمان على إنتاج حلول.

قبل ساعات من موعد "الكباش" المنتظر، في جلسة الإنتخاب المقررة يوم غد الأربعاء، ليس هناك من شك بأنها لن تقود إلى إنتخاب الرئيس المنتظر، الأمر الذي يدفع مصادر سياسية متابعة إلى الحديث، عبر "النشرة"، عن جلسة "إستعراض عضلات"، من قبل التحالفين الأساسيين، لا سيما أن المرشحين، بحسب المعطيات الراهنة، غير قادرين على الوصول إلى عتبة الـ65 صوتاً في دورة الإقتراع الأولى، بينما "تطيير" النصاب هو السيناريو المنتظر في الدورة الثانية.

بالنسبة إلى هذه المصادر، السؤال الأهم هو ماذا بعد جلسة الأربعاء، بالرغم من تشديدها على أن ليس هناك من هو قادر على رسم السيناريوهات المحتملة منذ الآن، نظراً إلى أن الأمر مرتبط بالتوازنات التي ستفرزها هذه الجلسة، لا سيّما على مستوى إمكانيّة نيل أحد المرشحين 65 صوتاً، على إعتبار أنّ ذلك سيكون له تداعيات كبيرة على مسار الإستحقاق الرئاسي، سواء كان ذلك على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي.

من وجهة المصادر نفسها، ما هو مرجّح هو الإستمرار في نهج التصعيد القائم، من قبل الجميع، بغضّ النظر عن مصير جلسة الأربعاء، خصوصاً أن كل فريق سيقرأ نتائجها على النحو الذي يخدم مصالحه، بإنتظار ما قد يفرز الخارج من تطورات، لا سيما أنها ستكون محطّ أنظار العديد من العواصم الإقليمية والدولية الفاعلة على الساحة اللبنانية، والتي تنتظر، على ما يبدو، الفرصة المناسبة للدخول القوي على خط الإستحقاق الرئاسي.

في قراءة مصادر نيابية متابعة لمسار الإستحقاق الرئاسي، ما يحصل، منذ الإعلان عن تبني ترشيح أزعور، قد يكون مطلباً خارجياً بالدرجة الأولى، نظراً إلى أن التقاطع الحاصل على الإسم لا يمكن أن يكون مصدره داخلي فقط، لكنها تشير إلى أنّ هذا لا يعني وجود رغبة بإيصاله إلى القصر الجمهوري، خصوصاً أن الأفرقاء الداعمين له لا يتفقون إلا على الحاجة له، لقطع الطريق على ترشيح رئيس تيار "المردة"، وبالتالي فتح الطريق أمام مسار الخيار الثالث.

إنطلاقاً من ذلك، تدعو هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى التركيز على باقي أوراق الإقتراع، في جلسة الإنتخاب، التي لن تتضمن إسم فرنجيّة أو إسم أزعور، حيث تلفت إلى أن حجمها سيكون، بلا أدنى شك، مؤثراً في المرحلة المقبلة، بالرغم من أنّ الجميع يحصر المعركة، اليوم، بعدد الأصوات التي سينالها كل واحد من المرشحين الأساسيين، على إعتبار أن المطلوب، من قبل كل فريق، أن يظهر قوته وقدرته على إستقطاب عدد إضافي من الأصوات لصالح مرشحه.

في المحصلة، تجزم المصادر نفسها بأن هناك معادلة ثابتة لا يمكن الخروج عنها، تكمن بأن الرئيس المقبل لا يمكن أن ينتخب إلا من ضمن تسوية كبيرة، معالمها لم تظهر حتى الآن، لسببين: الأول هو توازن القوّة القائم، أما الثاني فهو النتائج التي من الممكن أن تترتّب على خيارات "الكسر"، وبالتالي يصبح المهمّ التسوية ومعادلتها، التي عند الوصول إليها يصبح الإسم تفصيلاً صغيراً.