منذ ما قبل الجلسة الثانية عشر لإنتخاب رئيس للجمهورية، كان من الواضح أن لا سبيل لتجاوز الشغور الرئاسي إلا بالذهاب إلى حوار بين الأفرقاء المتخاصمين، على أمل أن يقود ذلك إلى تسوية تفضي إلى إنتخاب الرئيس المقبل، لأن التوازنات التي فرضتها نتيجة الانتخابات تؤكد استحالة تمكن فريق من الانتصار على الآخر، حيث في المجلس 3 قوى رئيسية، من الصعب جمعها دون حوار.

في هذا السياق، كان رئيس ​المجلس النيابي​ نبيه بري أول المبادرين، بعد إنتهاء الجلسة الأخيرة، إلى الدعوة إلى الحوار، بالرغم من أن القوى المسيحية الأساسية كانت قد أفشلت دعوات مماثلة مصدرها بري، ما يدفع إلى السؤال حول إمكانية نجاح أي مبادرة جديدة على هذا الصعيد، خصوصاً أن رئيس المجلس النيابي لا يبدو متحمساً للعب هذا الدور، وقد طلب من بكركي القيام به.

في هذا الإطار، يبرز إحتمالان أساسيان: الأول هو حصول حوار داخلي، لم تتضح حتى اللحظة الشخصية القادرة على رعايته، بالرغم من أن البعض يرمي الكرة في ملعب ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ الذي يُقارب الموضوع بحذر شديد، مع العلم أن الحوار الداخلي قد يتطلب التوافق المسبق على التخلي عن الشروط المسبقة المتعلقة بالمرشحين. أما الثاني فهو أن يعقد حوار خارجي برعاية إحدى الجهات المؤثرة في الساحة اللبنانية، حيث هناك من يعتبر أن باريس قادرة على تولي المهمة، لكن ذلك يتطلب إنتظار ما قد يحمله المبعوث الفرنسي ​جان إيف لودريان​ في زيارته إلى بيروت علماً انه بحسب معلومات "النشرة" فإن اتفاقاً سعودياً فرنسياً قد حصل بشأن التعاون سوية لإنهاء ​الفراغ الرئاسي​، والفرنسيون على قناعة بأن الحوار أصبح شرطاً أساسياً لذلك.

في حال كانت فرنسا لا تزال تُصر على مبادرتها السابقة، فإن من الصعب تصور نجاحها في رعاية مثل هذا الحوار، لا سيما أنها كانت قد تعرضت لانتقادات كبيرة من قبل مجموعة من الأفرقاء، أما في حال كان عنوان زيارة لودريان إستطلاع مواقف القوى اللبنانية فإن ذلك قد يكون مقدمة لصياغة مقترح جديد، يقوم على أساس حوار من دون شروط مسبقة، وهذا الأمر قد يأتي على وقع دعم من قبل الجهات الخارجية الأخرى المؤثرة في الملف اللبناني.

في هذا السياق تكشف مصادر سياسية متابعة عبر "النشرة" أن الزيارة الفرنسية هذه المرة لن تكون كسابقاتها كونها منطلقة من قوة دفع سعودية، والأهم إشراك ​إيران​ بالمفاوضات، مشيرة الى أن زيارة وزير الخارجية السعودي الى طهران بالتزامن مع وجود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في فرنسا لم تكن صدفة، مؤكّدة أن الملف اللبناني طُرح في إيران خلال لقاءات بن فرحان الذي نقل ما سمعه الى المسؤولين الفرنسيين المعنيين بالشأن اللبناني.

وتؤكد المصادر أنّ الحراك الدولي هذه المرة جدّي للغاية بعد دخول إيران الى اللعبة، خاصة أن اللجنة الخماسيّة كانت تستبعد إيران سابقاً وهو ما تم الاقتناع بعدم جدواه.

لذلك تتحدث المصادر عن نوايا فرنسيّة لعقد حوار لبناني يتعلق بالرئاسة وما بعدها، قد يحصل في قصر الصنوبر أو على شكل لقاءات ثنائيّة أو حتى خارج لبنان ولو أن هذه الفكرة الأخيرة غير ناضجة بعد.