على الرغم من القراءات المختلفة لمضمون زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي ​جان إيف لودريان​ الثانية إلى بيروت، إلا أنّ غالبية الأفرقاء تتحدث، منذ صدور بيان إجتماع اللجنة الخماسيّة الذي عقد في الدوحة، عن فشل فرنسي في التعاطي مع الملف الرئاسي، على أساس أنّ باريس لم تنجح في التسويق للمبادرة التي كانت تدعمها.

وفي حين كانت معالم الفشل الفرنسي واضحة، منذ فترة طويلة، خصوصاً أنّ باريس سبق لها، في السنوات الماضية، أن وقعت في "فخ" التعقيدات اللبنانية في أكثر من مناسبة، بسبب عدم إداركها جيداً حدود الدور الذي تستطيع القيام به، بالإضافة إلى التوازنات الدقيقة بين مختلف اللاعبين المحليين والخارجيين، إلا أن الفشل الحقيقي هو في مكان آخر.

في هذا السياق، تستغرب مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، مبادرة العديد من الأفرقاء إلى الحديث عن الفشل الفرنسي، بعد أن أثبتت المشاورات التي قام بها لودريان، في الأيام الماضية، أن ​الإستحقاق الرئاسي​ رُحّل إلى ما بعد شهر آب المقبل، حيث تشير إلى أنه في ظل الظروف التي تمر بها البلاد، فإن الفشل الذي من الممكن التشديد عليه لبناني بالدرجة الأولى، نظراً إلى أنّ مسؤولية إنتخاب رئيس الجمهورية تقع على عاتق هؤلاء الأفرقاء.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن لودريان ليس هو من يدفع ثمن إستمرار الشغور الرئاسي، كما أن المواطن الفرنسي ليس هو من يشعر بالقلق في الوقت الراهن من إمتداد الفراغ إلى حاكمية ​مصرف لبنان​، بعد إنتهاء ولاية الحاكم الحالي ​رياض سلامة​، مع ما يعنيه ذلك من إحتمال أن تشهد البلاد المزيد من التدهور على المستويين الإقتصادي والإجتماعي، لا بل، بحسب ما هو معلوم، المبعوث الرئاسي الفرنسي من المفترض، في الأيام المقبلة، أن يذهب إلى إجازته، بعيداً عن السجالات اللبنانية التي لا تنتهي.

وبالتالي، ترى هذه المصادر أن من عليه مراجعة حساباته، في الفترة المقبلة، هم الأفرقاء اللبنانيين، لمعرفة ما إذا كانوا في وارد التراجع عن رهاناتهم لتسهيل الوصول إلى إتّفاق على إنتخاب الرئيس العتيد، على أن يكون ذلك مقدّمة نحو الذهاب إلى مرحلة جديدة، تلي هذا الإستحقاق بالعمل على تشكيل حكومة جديدة، تكون مهمّتها الأساسيّة وضع برنامج إصلاحي شامل.

في ظلّ هذه الأجواء، تعبّر شخصية سيّاسية، عبر "النشرة"، عن حالة من "القرف" من الواقع الراهن، حيث تشدّد على أنّها لم تكن تظن، على مدى سنوات عملها في الشأن العام التي تتجاوز الثلاثين، أن تصل الأمور إلى ما هي عليه اليوم، لا سيما أنّ القوى المحلّية ليس لديها إلا قطع المواعيد التي لا يمكن تجاوزها، في حين أنه من الناحية العمليّة تمر هذه المواعيد، مع ما تحمله معها من إستحقاقات، من دون أن يتغير أي شيء على أرض الواقع.

وتشير هذه الشخصيّة إلى أنّه بعد أن فشلت الرهانات، التي برزت مؤخراً، على إنعكاسات الإتفاق السعودي الإيراني، باتت الغالبيّة تراهن على ما قد يحصل في الشهرين المقبلين من تطورات، ما يبرر الحديث الفرنسي عن ورشة عمل في شهر أيلول، على قاعدة أنّ ما يحصل في المنطقة عبارة عن شدّ حبال، بين مختلف الجهات الفاعلة، من المفترض أنه يسبق الجلوس على طاولة مفاوضات.

في المحصّلة، تلفت هذه الشخصيّة إلى أنّ التجارب الماضية، أكّدت أن هذه الرهانات من الممكن أن تسقط في لحظة ما، وبالتالي قد لا يكون، في ظلّ الظروف الدّقيقة التي تمرّ بها البلاد، من السليم الإستمرار بالنهج نفسه، لا سيما أنّ المعطيات تؤكّد أنه بحال كان هناك من تطورات إيجابية، فإن لبنان لن يكون أول المستفيدين منها.