على وقع انتهاء الزّيارة الثّانية للممثّل الشّخصي للرّئيس الفرنسي ​جان إيف لودريان​، إلى ​لبنان​، الّتي بدأها يوم الثّلثاء الماضي، أشارت صحيفة "الجمهوريّة" إلى أنّ "الموفد الرئاسي الفرنسي أنهى جولته اللبنانية الثانية، على أمل التزام الجميع دعوته الى لقاء تشاوري في ايلول المقبل، للتوافق على إنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ نحو تسعة أشهر. وكذلك التوافق على القضايا والمشاريع ذات الأولوية، التي ينبغي على الرئيس المقبل أن يتولاها".

قبول مبدئي

في هذا الإطار، أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهوريّة"، أن "هناك قبولا مبدئيا من معظم الأفرقاء، بالمشاركة في طاولة التشاور التي دعا اليها لودريان في أيلول المقبل"، مبديةً خشيتها من أن "يؤدي هذا الطرح الى مزيد من تقطيع او تمرير الوقت الضائع بعد تخدير اللبنانيين بانتظارات جديدة".

المعارضة

ذكرت "الجمهوريّة" أنّه "قبل ان يصل لوديان الى الطائرة التي أقَلّته الى باريس، كان رؤساء الكتل النيابية والاحزاب المعارضة قد عقدوا اجتماعا تقويميا عبر تطبيق "زوم"، من أجل توحيد الموقف من الطرح الفرنسي بعد قراءة متأنية لما طرحه لودريان، وعرض لما جرى بينه وبين مَن التقاهم بهدف توحيد الملاحظات التي توصلوا إليها، في ضوء اللقاءات المنفردة التي أجراها معهم وتجميع القواسم المشتركة".

وعلمت الصحيفة أنّ "الاجتماع الذي شارك فيه رؤساء الكتل النيابية ومعظم النواب الممثلين لمختلف الكتل في مسلسل الاجتماعات الدورية للمعارضة، أعقب فتح خطوط التواصل، منذ ليل أمس الأول، بين رؤساء الكتل مباشرة بنحوٍ أوحى بضرورة تنسيق المواقف وتوحيدها تجاه ما طرحه لودريان؛ وعدم التفرد بمواقف يمكن ان تنعكس على وحدة الموقف".

ولفتت مصادر المعارضة إلى أنّ "القراءة الموحدة اجمعت على ان ما نقله لودريان، طوى المرحلة السابقة ولا سيما المقايضة التي طرحها وجمعت بين المرشح ل​رئاسة الجمهورية​ رئيس تيّار "المردة" ​سليمان فرنجية​، والسيفر القاضي نواف سلام ليكون رئيس حكومة العهد الاولى. وقد ثبت لمعظم المشاركين في اللقاء، انهم فهموا هذه الرسالة الموحدة، التي يفترض أنه نقلها الى جميع من التقاهم طوال الأيام الثلاثة الماضية".

شخصية التقت لودريان: طوّل بالك!

ركّزت "الجمهوريّة" على أنّ "شهرا كاملا سيكون أمام السياسيين، لقضاء إجازة الصيف او ربما للقضاء على ما تبقّى من هيكل الدولة، في انتظار ان يطلّ أيلول حاملاً معه "الاختراع" الفرنسي الجديد لجمع اللبنانيين"، مبيّنةً أنّ "لودريان تشاطر على القاموس، مروّجاً خلال لقاءاته مع القيادات اللبنانية لمفهوم التشاور، او طاولة العمل بدل طاولة الحوار التي باتت تتسبب بحساسية لدى البعض في الداخل، وهو كان حريصاً في مداولاته على التفريق بين الأمرين".

واعتبرت أنّ "بمعزل عن المصطلح، فإنّ الجوهر واحد، وهو انّ لودريان دعا القوى الأساسية الى التلاقي برعايته شخصياً في بيروت خلال أيلول المقبل، للبحث في مواصفات رئيس الجمهورية المقبل وبرنامج ولايته، ليتمّ إسقاطهما على الاسم المناسب".

وأشارت الصّحيفة إلى أنّ "اللافت انّ لودريان شطب شهر آب من الروزنامة السياسية وقفز فوقه، ما يعني انّ هناك 30 يوماً إضافية ستُرمى حُكماً في سلّة المهملات والإهمال، وستُضاف إلى رصيد الوقت الضائع في رحلة البحث عن الرئيس، علماً انّ كل دقيقة لها أهميتها وقيمتها في هذه المرحلة المثقلة بالأزمات والتحدّيات".

وأفادت بأنّ "بغية إعطاء الطرح الفرنسي قوة دفع ونوعاً من "الوهرة"، هدّد لودريان خلال اجتماعاته بأنّ اقتراحه يشكّل "الفرصة الأخيرة"، ما أزعج إحدى الشخصيات التي التقت به، معتبرةً انّه "لم يكن جائزاً أن يخاطبنا بهذه اللهجة التي تنطوي على تهويل، ولا أن يجمع الصالح والطالح في خانة واحدة"، ولافتة إلى انّ التجارب أثبتت ان ليست هناك فرصة أخيرة في لبنان الذي يعود في كل مرة من الهاوية، وإن تأخّر الوقت أحياناً بسبب الكيد او النكد السياسي، وبالتالي المطلوب من لودريان ان "يطوّل باله علينا".

ونوّهت الشخصية الممتعضة إلى انّ "الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ زار شخصياً لبنان مرتين بعد انفجار المرفأ، وطرح مبادرته الشهيرة التي لم تسفر عن نتيجة ولكنه لم ينكفئ، ولذلك لا يصح إطلاق مواقف قاطعة ويجب التعامل بواقعية مع الوضع اللبناني المعقّد".

ورأت أنّ "المحك الحقيقي لا يكمن في مواصفات الرئيس، أو برنامج ولايته الذي صار جوهره الإصلاحي واضحاً ولم يعد اختراعاً للبارود، وإنما يتمثل في اختيار الشخص الملائم الذي يملك حقاً ارادة الإصلاح والقدرة على تطبيقه".

وأضافت الشخصيّة أنّ "السعودية نجحت في استعادة المبادرة وإعادة ضبط التحرّك الفرنسي على إيقاع معاييرها، وأنّ تشديد لودريان على المواصفات والبرنامج ينسجم مع الموقف السعودي الأساسي حيال الاستحقاق الرئاسي". ووجدت أنّ "الرياض باتت لاعب الظل الأقوى في الملف الرئاسي، إذ انّ إيران وسوريا لا تريدان حصول اي مشكلة جديدة معها بعد المصالحة التي تمّت بينهما وبينها، وفرنسا لديها مصالح اقتصادية معها، ولبنان يعوّل على مساعداتها في المستقبل؛ اما هي فإنّها تنتظر من سيُنتخب حتى تبني على الشيء مقتضاه".

لودريان سافر على وقائع الاتصالات "المتقدمة" بين ​حزب الله​ والتيار

لفتت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "الحذر الذي رافق انعقاد اللقاء الخماسي في الدوحة، والكلام العام الذي ردده الموفد الفرنسي جان ايف لودريان في بيروت، اكد مرة جديدة ان التحول الوحيد الذي يقود الى كسر الحلقة المفرغة في الملف الرئاسي، يرتبط بتغيير جوهري في التحالفات الداخلية. وقد اظهرت الساعات الماضية، حصول تطور كبير في الاتصالات بين "حزب الله" و"​التيار الوطني الحر​"، تمثلت في تبادل الجانبين عروضا لاجل التفاهم على برنامج وهوية الرئيس المقبل".

وأفادت معلومات "الأخبار" بأنّ "الجلسات السابقة التي عقدت بين الجانبين، افضت في اخر مراحلها، الى تقديم رئيس "التيار" النائب ​جبران باسيل​ ورقة عمل مفصلة، تشتمل على برنامج عمل للمرحلة المقبلة، وتعالج مسالتين رئيستين:

- الاولى، تهدف الى التفاهم على تثبيت وتفعيل الشراكة في الحكم بين جميع المكونات اللبنانية، وان يكون انتخاب الرئيس المقبل بموافقة ودعم التيار بوصفه الممثل المسيحي الابرز، وهو امر ثبته حزب الله كما كان يقول سابقا.

- الثانية، التفاهم على عناوين رئيسية لبرنامج عمل الرئيس المقبل، ربطا ببرنامج الاولويات التي طرحها التيار سابقا، مع تثبيت للنقاط التي تمثل عناصر الهواجس الرئيسية لحزب الله".

وذكرت أنّ "بناء عليه، طلب باسيل من الحزب الموافقة منه، والعمل معه مع بقية الحلفاء لاجل القيام بخطوات عملانية تهدف الى تهيئة الاجواء لاعلان تفاهم كبير، يشتمل على رئاسة الجمهورية".

من جهتها، أكّدت مصادر مواكبة للصّحيفة، أنّ "اسقاط الشروط المسبقة في الحوار بين الجانبين، جعل "حزب الله" مرتاحا للحوار، من دون الزامه بسحب دعمه للمرشح سليمان فرنجية، كما اتاح الفرصة لـ"التيار الوطني" ان يشدد على اهمية البرنامج واليات العمل التي تضمن نجاح العهد المقبل".

وكشفت المعلومات أيضًا، أن "باسبل قدم تصورا مكتوبا، عرض فيه تفاصيل المبادرة، مركزا على عنصرين اساسيين، وهما اقرار قانون ​اللامركزية الادارية​ الموسعة في مجلس النواب، واقرار القانون الخاص بالصندوق الائتماني. وقد طلب باسيل ان يكون الاتفاق الشامل، مرتبطا باقرار القانونيين وامور اخرى قبل الاعلان عن دعم مرشح بعينه".

وتابعت: "باشر "حزب الله" دراسة الأوراق المقدمة من باسيل في اطره القيادية، قبل الانتقال الى بحثها مع حلفائه، ولا سميا رئيس مجلس النواب نبيه بري وفرنجية"، مبيّنةً أنّ "الحزب يتعامل بايجابية كبيرة مع المبادرة التي تقدم بها باسيل، وهو ابلغه نيته حفظ الشراكة الكاملة، وقد ترجم الامر في قرار الحزب عدم السماح لحكومة نجيب ميقاتي تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، كما ان الحزب ابلغ باسيل انه لا يوافق على الاستمرار بالسياسات نفسها التي كان سلامة يتبعها في ادارة مصرف لبنان والسياسة النقدية".