اشارت صحيفة "هارتس" العبرية، الى انه "من بين الإشارات وزلات اللسان والتحليلات التي تطلقها احتمالية التطبيع بين إسرائيل والسعودية في الأسابيع الأخيرة، لا تنقص إلا مقولة صريحة واحدة، وهي أن السعودية لم تقل بعد كلمتها بشكل واضح وحازم. هل ينوي محمد بن سلمان تطبيع العلاقات بين مملكته وإسرائيل، وما الشروط التي يضعها للتطبيع، وعن أي أجندة يدور الحديث. إلى جانب تقديرات إسرائيل التي تطلق الهواء الساخن، سمع عدد من التقديرات الأميركية، وليس جميعها متفائلة، يقول بعضها إن التطبيع محتمل في مدى زمني، 9 – 12 شهراً (دون الشرح لماذا سينضج التطبيع في هذه الفترة تحديداً)".

ولفتت الى انه "في حزيران، بعد زيارته للرياض، نشر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن “مسار التطبيع معقد ولكنه محتمل”، وفي هذه المناسبة أيضاً، ربط العنف في الضفة الغربية مع احتمالية التوصل إلى تطبيع، وطلب من نتنياهو “خفض ألسنة اللهب”. هل هذا هو موقف بلينكن أم أن بن سلمان هو الذي كتب ورقة الرسائل لإسرائيل؟ وهنا لا توضح السعودية ولا تفصل ما الذي سيرضيها. يمكن التخمين بأن تكرار التصريح “التاريخي” الذي أعلنه نتانياهو قبل إقامة العلاقات مع الإمارات بأن “إسرائيل تلتزم بعدم ضم المناطق”، ستعتبره السعودية بضاعة مستعملة أعطيت لزبون عربي سابق هو أبو ظبي، وأن من يريد قطف الثمرة الأهم – السلام مع الرياض –عليه أن يدفع بالعملة الصعبة أكثر".

وتابعت "بالمناسبة، ليس من النافل التذكير برد الرئيس الأميركي السابق ترامب، عراب اتفاقات إبراهيم، على تعهد نتانياهو لأبو ظبي بأن ضم مناطق الضفة الغربية سيختفي من الأجندة: “لا أن يختفي من الأجندة – هم وافقوا على عدم فعل ذلك. القصد أكثر من أنه سيختفي من الأجندة، لأنهم وافقوا على عدم فعل ذلك، وأعتقد أن هذا مهم، هذا تنازل كبير من ناحية إسرائيل، وأعتقد أنه تنازل حكيم من قبل إسرائيل”. كم كانت مشوشة ومشجعة وواعدة هذه الأقوال، إلى أن قام السفير الأميركي في إسرائيل، دافيد فريدمان، بتنظيمها وأوضح بأنه غير واثق في ما يتعلق بقطعية هذا التعهد. عندما سئل عن الفترة الزمنية لتعهد إسرائيل الذي سيكون فيها ساري المفعول، أجاب: “موضوع فرض السيادة لن يختفي عن جدول الأعمال، والتعليق مؤقت… قررنا إعطاء السلام كل الفرص المحتملة. لا يمكنني التحدث عن المستقبل. اخترنا بحرص تسمية ذلك بتعليق فرض السيادة”. التعليق أو الاختفاء من جدول الأعمال؟ أياً منهما سنصدق؟ هذه هي الفروقات الدقيقة التي تريد إسرائيل الآن تسويقها لأحد أعظم المتلاعبين في الشرق الأوسط.

وذكرت الصحيفة العبرية بان "بن سلمان يعرف نتنياهو جيداً؛ فقد حصل على تقارير محدثة ومفصلة عنه، سواء من قادة كبار في أميركا أو من محمد بن زايد حاكم الإمارات – قبل تعمق الشرخ بين هذين الزعيمين الأخوين. وبنية هذا التنظيم المسمى حكومة إسرائيل ليست غريبة على بن سلمان، وهو يعرف أن أي اقتراح إسرائيلي حول القضية الفلسطينية ستكون أهميته بوزن الورقة التي سيكتب عليها. وكذلك، لا يمكن لولي العهد السعودي أن يثق بالرئيس الأميركي جو بايدن. فلم يستطع بايدن حتى الآن وقف ولو بؤرة استيطانية غير قانونية واحدة، أو وقف جرائم الزعران الإسرائيليين في الضفة الغربية أو إملاء قواعد لعب إقليمية على إسرائيل، خاصة أمام الفلسطينيين. مع ذلك، ربما هناك مقابل واحد ملموس يمكن لبن سلمان تحقيقه".

واوضحت ان "خوف الأردنيين العميق ليس فقط من تدهور العنف في الضفة الغربية. تطبيع إسرائيل مع السعودية ربما يقصي قدم الملك عن الحرم ويعطي لبن سلمان مكانة مفضلة فيه، خلافاً لما نصت عليه اتفاقات السلام مع الأردن. لم يخف بن سلمان تطلعه في أن يكون المسؤول عن جميع الأماكن المقدسة. وعلى هذه الخلفية، تطور توتر شديد بينه وبين الملك الأردني. تعيين قنصل سعودي في الأردن ليقوم بمهمة القنصل الجديد في القدس هز عمان بدرجة لا تقل عن علامات الاستفهام التي أثارها هذا الأمر في القدس. هل هذا هو الثمن الذي يطالب به بن سلمان؟ هل تنوي إسرائيل أن تدفع بالعملة الأردنية مقابل التطبيع مع السعودية؟".