عكست زيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكستاين إلى بيروت، اهتمام واشنطن بالاستقرار الأمني في جنوب لبنان، بموازاة انطلاق أعمال التنقيب عن النفط والغاز في الرقعة البحرية رقم 9 الحدودية مع إسرائيل؛ حيث جرى البحث في ملف النزاع الحدودي البري مع إسرائيل، إلى جانب ملف استخراج النفط، عشية تجديد ولاية "اليونيفيل" في مجلس الأمن لسنة إضافية.

واوضحت مصادر لبنانية مواكبة للزيارة، لـ"الشرق الأوسط"، إن ملف تحديد الحدود البرية كان مطروحاً في لقاءات هوكستاين، لا سيما النقاط الحدودية البرية العالقة التي تحول دون إنجاز الترسيم، وذلك لطرح المطلب اللبناني في زيارة مقبلة لهوكستاين إلى تل أبيب. وإضافة إلى هذا الملف الحيوي، بحث المسؤولون اللبنانيون معه ملفات متصلة بالكهرباء واستخراج الغاز في حال أسفرت نتائج التنقيب في البلوك رقم 9 عن وجود كميات تجارية، فضلاً عن ملف تصديره والحاجة إلى ضمانة أميركية للمساعدة على عملية التصدير.

وتحدثت مصادر نيابية مواكبة للزيارة عن إيجابية عكستها الزيارة التي التقى فيها هوكستاين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير الطاقة وليد فياض. وقالت المصادر لـ"الشرق الأوسط" إن طرح ملف الثروة النفطية والتشريعات المطلوبة والاستقرار في المنطقة الحدودية ونزع فتيل التوترات، كل ذلك يؤكد جدية الحراك الذي يتطلع لبنان إلى نتائج إيجابية تسفر عنه.

هوكشتاين

بحسب معلومات "الجمهورية"، فإنّ "هوكشتاين لم يحمل معه أي افكار نوعية جديدة، على صلة بأي من الملفات التي يتابعها مع الجانب اللبناني، حيث بدا انّه ينقل رسالة اميركية قديمة - جديدة، تدعو الأطراف اللبنانيين الى التسريع في حسم الملف اللبناني وانتخاب رئيس الجمهورية في اقرب وقت ممكن، مشدّداً على ان يقوم المجلس النيابي بدوره في هذا المجال، بما يعيد انتظام الحياة السياسية في لبنان، ويمكّنه من اتخاذ الاجراءات والاصلاحات التي تُخرجه من أزمته".

ومن جهة ثانية، تشير المعلومات الى انّ هوكشتاين عبّر عن سروره في بدء الخطوات التطبيقية لما بعد الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، والتي تجلّت في وصول عبّارة الحفر للبدء عن التنقيب عن النفط والغاز في البلوك رقم 9، والذي من شأنه ان يمدّ لبنان بما يمكّنه من تجاوز أزمته. وافيد انّ اللقاء بين هوكشتاين والرئيس ميقاتي تخللته مطالبة من الجانب اللبناني للوسيط الاميركي بتشجيع الشركات الاميركية على المشاركة في دورة التراخيص الثانية.

والى جانب هذين الأمرين، تشير المعلومات، انّ الجانب اللبناني أثار مسألة نقاط التحفّظ على الخط الازرق، حيث افيد بأنّه تمّ حسم 7 من هذه النقاط، فيما تبقى 6 نقاط عالقة، ومدار بحث فيها في الاجتماع الثلاثي في الناقورة. ونُقل عن هوكشتاين تأكيده في معرض النقاش في هذا الملف، انّ واشنطن ستواصل لعب الدور الأساس من أجل إزالة هذه التحفظات وإنهاء هذا الملف.

ترقبٌ لـ"خريطة طريق برّي" للمرحلة المقبلة

بعد الموفد الأميركيّ يصل إلى بيروت وزير الخارجية الايرانية حسين امير عبداللهيان، لإجراء محادثات مع الرئيس نبيه بري والامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، وتردّد انّه سيشارك اليوم في الاحتفال الذي تقيمه حركة "أمل" في بيروت في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، والذي سيلقي فيه الرئيس بري خطاباً، وُصف بأنّه خريطة طريق للمرحلة المقبلة.

وعلى مسافة ايام قليلة، سيصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان في مهمّة صعبة، لخلق توافق داخلي على رئيس للجمهورية، عبر حوار يطلقه في النصف الثاني من الشهر المقبل.

وكما بات معلوماً، فإنّ الأجواء السابقة لحوار لودريان لا تحيطه بإيجابيات، ولخّص مصدر وزاري عبر "الجمهورية" مهمّته بقوله: "لقد سبق للودريان أن شدّد في زيارته الثانية، ما مفاده انّه سيحشد مهمّته لإطلاق العملية الحوارية، ويستنفر كلّ طاقاته لليّ ذراع التعطيل، واستيلاد صحوة لبنانية تمكّنه من ان يزرع مهمّته في تربة لبنانية خصبة لتنبت توافقاً على رئيس للجمهورية. وانا اقول انّه اذا ما نجح يكون بذلك، قد سجّل لنفسه ولفرنسا وللبنان ولزملائه في اللجنة الخماسية إنجازاً تاريخياً بإعادة نبض الحياة الى بلد بلغ قمة احتضاره. ولكن لنكن واقعيين، ونسأل كيف يمكن له ان ينجح طالما تكمن له جبهة مكشوفة بعناوين عريضة ورفيعة ترفعها مكونات تمنع الانفراج من أن يطأ ارض هذا البلد الاّ بشروطها التعطيلية ومعاييرها الصادمة للغاية التي يرجوها الموفد الفرنسي من حواره؟".

"رسالة السؤالين"

الى ذلك، يتوالى تقديم الأجوبة عن "رسالة السؤالين" التي بعث بها لودريان الى الأطراف الـ 38، تمهيداً لحوار ايلول. وفي هذا الاطار سلّم النائب غسان سكاف السفارة الفرنسية امس، رسالة جوابية على رسالة لودريان.

على انّ اللافت ما قاله سكاف لـ"الجمهورية"، "بأنّ الحوار ليس من الضروري ان يكون على طاولة حوار، فأنا مؤمن بالمكوكية السياسية والديبلوماسية التي يمكن ان تؤدي الى تقاطع، وفق ما جرى سابقاً".

ولفت الى انّ "المعادلة الفرنسية الاولى لا تؤدي الى حل، وما قاله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اخيراً، وكذلك ما قالته وزيرة الخارجية الفرنسية يبشر بأنّ هناك تصوراً فرنسياً جديداً، وهذا هو المطلوب".

واشار سكاف الى انّه يقوم حالياً بمسعى، وستكون له زيارات عربية، موضحاً "انّ المسعى الذي اقوم به يقوم على أساس كسر الحواجز بين مكونات ال​سياسة​، مثلما استطعنا ان نكسر الحواجز بين مكونين اساسيين، ما انتج انعقاد الجلسة الانتخابية الاخيرة. فكسر الحواجز بين كل المكونات، يوصل الى تقاطع وطني وجلسة جديدة لانتخاب رئيس الجمهورية، نحتكم فيها للعبة الديموقراطية والبرلمانية، فبذلك نصل الى رئيس بالانتخاب وليس الى رئيس بالتعيين".

عبد اللهيان

وعلمت "نداء الوطن" من مصادر مواكبة لزيارة المسؤول الايراني، أنّ المقصود من الزيارة في ما يتصل بالشأن اللبناني "القول إنّ الدور الايراني بنَّاء وليس لزعزعة الاستقرار، ويدعم الحلول المتفق عليها للملف الرئاسي التي تنبع من الداخل".

وقالت المصادر إنّ عبد اللهيان "المسؤول عن الملف النووي وتبادل الأسرى بين إيران وأميركا والعلاقات مع السعودية، سيقدّم معطيات جديدة، ولا سيما في ما يتعلق بحرب اليمن".

وأضافت ان الوزير الايراني الذي التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هذا الشهر يجري محادثات مع حزب الله في شأن اليمن، "وهو آتٍ بأفكار يفترض أن يجيبه عنها الحزب الذي تربطه علاقة بـ"أنصار الله" في اليمن".

الى ذلك، وصفت مصادر سياسية مطّلعة لجريدة "الديار" أنّ زيارة عبد اللهيان السريعة المرتقبة الى بيروت اليوم الخميس تكتسي أهمية بالغة لا سيما أنّها تأتي بعد الجولة التي قام بها على كلّ من السعودية وسوريا، للبحث في العلاقات السياسية والديبلوماسية الإقليمية والدولية. وقالت إنّها ستُناقش الملف الرئاسي في محاولة لتحريك الجمود القائم منذ أشهر طويلة.