على بُعد ساعات من وصول الموفد الرّئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان، لعقد لقاءات في إطار دعوات وجّهت للقائه في السفارة الفرنسية غدًا الثّلثاء، رأى مرجع سياسي عبر صحيفة "الجمهورية"، أن "المشهد الرئاسي اليوم يتمحور حول ثلاث نقاط أساسية:

- النقطة الأولى: الجميع ينتظر ماذا في جعبة لودريان وهل يحمل شيئاً جديداً، ام انه يأتي بالقديم الذي تحدث عنه لجهة العنوانين اللذين كان قد طرحهما، وهما المواصفات والمهمات؟ وبالتالي اذا كان يحمل المواصفات والمهمات ستنتهي زيارته كما بدأت.

- النقطة الثانية: بدأت الأنظار تتركز من الآن فصاعداً على المسعى القطري الذي يجري بعيداً من الاضواء، بالتواصل مع القوى الاقليمية والمحلية، وقد وصف بأنه تحرّك فاعل بالتنسيق مع السعودية واللجنة الخماسية، خاصة ان قطر ليست على تناقض مع ايران، خلافاً لما ظهر في مواقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ورَد وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان. وبالتالي، تستطيع قطر ان تنسق مع طهران، وهي تأمل في ان تنتزع من ايران موقفا في هذه المرحلة قد يشكل اختراقاً للافق الرئاسي المعطل، بحسب تقديرها.

- النقطة الثالثة: على المستوى المحلي، يمكن القول ان الوضع يُراوح مكانه. لا يوجد اي تطور يذكر، لا على مستوى العلاقة بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" حيث لا اختراق حتى الساعة، ولا على مستوى المعارضة المتمسّكة بمواقفها، وبالتالي لا يوجد اي فريق سياسي على استعداد للذهاب الى اي مبادرة او طرح اي اسماء".

موقف المعارضة

في السّياق، علمت "الجمهورية" أن "موقف المعارضة يتلخّص بموقف حزب "القوات اللبنانية"، الذي أبلغ من خلال الدوائر الفرنسية قبل وصول لودريان، انه متمسّك بموقفه لجهة رفض الحوار. وبالتالي، اذا كان لدى لودريان النية الى حوار، فهي ليست في وارد التلبية. "القوات" مع اللقاءات الثنائية كما تحصل وهي منفتحة على لقاء ثنائي معه، من اجل وضعه في صورة موقفها المعروف على هذا المستوى، اما بالنسبة الى المواصفات والمهمات فإنّ "القوات" مع الموقف المتمثّل بتبنّي ما ورد في اللجنة الخماسية في هذا الشأن".

جنبلاط لن يزور قصر الصنوبر

على صعيد متّصل بالملف الرئاسي وزيارة لودريان، علمت صحيفة "الأخبار" أن "النائب السابق وليد جنبلاط أبلَغ الفرنسيين أنه لن يلبّي أي دعوة للقاء لودريان في قصر الصنوبر لا هو ولا نجله تيمور، مشيراً إلى أن "بإمكان لودريان أن يزورنا في بيوتنا بعدما زرناه سابقاً".

وركّزت مصادر مطّلعة للصحيفة، على أن "جهات سياسية أخرى عادة ما يلتقيها لودريان في قصر الصنوبر، لديها الموقف نفسه"، لافتة إلى أن "أحدًا لم يعُد يتعامل مع الدور الفرنسي بجدية". وذكرت أن "فكرة الحوار لم تعد موجودة لدى الفرنسيين، وأن هذا الحوار لن يتم لا بدعوة من لودريان ولا من رئيس مجلس النواب نبيه بري، فالموفد الفرنسي سيأتي إلى بيروت ويعقد بعض اللقاءات في قصر الصنوبر، ويزور عدداً من الشخصيات في جولة سريعة ويسجّل ملاحظاته، ومن ثم ينتقل إلى منطقة العلا السعودية، حيث سيتسلّم مهمّته الجديدة كرئيس لوكالة التنمية الفرنسية".

لا حل لدى "الخماسية"

بدروها، كشفت معلومات صحيفة "الديار"، أنّ "لودريان لا يحمل حلا جاهزا للازمة وافقت عليه اللجنة الخماسية الدولية المعنية بالشأن اللبناني، باعتبار ان الدول اعضاء هذه اللجنة غير متفقين على رؤية موحدة للازمة".

وبيّنت أن "اللجنة وبتخبطها باتت تحرج الفرنسيين، الذين بات هامش تحركهم ضيقا جدا، فلا الخارج يساعدهم باتفاقه على حل متكامل للازمة اللبنانية، ولا قوى الداخل تتجاوب معهم، ما سيؤدي على الارجح لفشل مساعيهم الراهنة"، معتبرةً أنّ "تجدد الاشتباك السياسي بين حركة "أمل" و"التيار الوطني الحر"، كما تراجع التعويل على مفاوضات "التيار"- "حزب الله"، كلها عوامل تنسف كل الايجابيات التي كان من المنتظر ان يحملها شهر أيلول".

"حزب الله" لانتخاب الرئيس وباسيل لإبعاد فرنجية وعون من السباق

من جهة ثانية، شدّدت صحيفة "الشّرق الأوسط"، على أنّ "انطلاق الحوار بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، لا يعني بالضرورة أن الطريق سالكة سياسياً أمام الحليفين اللدودين لإنتاج مقارَبة موحدة في تعاطيهما مع الملف الرئاسي اللبناني، بمقدار ما أنه سيؤدي إلى تنظيم الاختلاف، ولو على مضض، فالحزب يتوخى من "التيار" برئاسة النائب جبران باسيل، تسهيل انتخاب رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، في حين يصر باسيل على تقطيع الوقت إلى ما بعد العاشر من كانون الثاني المقبل، موعد إحالة قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى التقاعد، ليكون في وسعه إبعاد عون وفرنجية عن السباق إلى القصر الجمهوري؛ مما يتيح له إعادة خلط الأوراق".

وذكرت أنّ "الحوار انطلق بين الحليفين من مقر "التيار" في مبنى ميرنا الشالوحي، وتزامن مع انقلاب باسيل على قراره المبدئي بتلبية دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري للحوار، ما فتح الباب أمام معاودة السجال بينه وبين المعاون السياسي لبري النائب علي حسن خليل".

وعلمت "الشرق الأوسط" من مصادر نيابية وثيقة الصلة بالأجواء التي سادت جلسة الحوار الأولى بين الحزب وباسيل، أن "الأخير يراهن على تخلّفه عن دعوة بري للحوار، ما سيدفع به إلى صرف النظر عنها، وإن كان يتريث في حسم أمره إلى ما بعد انتهاء لودريان من لقاءاته، ليبني على الشيء مقتضاه".

ولفتت المصادر النيابية إلى أنه "لن يكون أمام بري في هذه الحال، سوى دعوة البرلمان لانتخاب الرئيس"، مركّزةً على أنّ "انعقاده، سيأخذ الحوار بين الحزب وباسيل إلى مكان آخر، إذا ما جدّد تقاطعه مع المعارضة على انتخاب الوزير السابق جهاد أزعور، وصولاً إلى احتمال طيّ صفحته، لأنه بذلك يتحدى "حزب الله"؛ الذي يتعامل مع الانفتاح عليه من زاوية أن مجرد معاودة الحوار يعني أن حليفه على استعداد للتخلي عن تقاطعه مع المعارضة".

ورأت أن "الحوار، وإن كان يدور حول الورقة السياسية التي أودعها باسيل لدى الحزب، فإنه اشترط قوننة كل ما يتعلق باللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة، وإنشاء الصندوق الائتماني، والمراسيم التنظيمية والتطبيقية الخاصة بهما".

وأفادت المصادر نفسها بأن "حزب الله أبلغ باسيل، في ردّه على ورقته السياسية، بأنه وحده لا يستطيع، بالإنابة عن البرلمان، تشريع ما يطالب به وقبل انتخاب رئيس الجمهورية، لأن الاتفاق الثنائي بينهما لا يُلزم المجلس النيابي، إضافة إلى وجود صعوبة في قوننة ما يطالب به؛ كون ميزان القوى داخل البرلمان لا يسمح بقوننتها".

وكشفت أن "الحزب تعهّد لباسيل بالالتزام بما يطالب به، لكن لا بد من تغيير ميزان القوى داخل البرلمان. وهذا يفترض من "التيار" الوقوف إلى جانب دعم ترشيحه فرنجية، بغية تشكيل قوة نيابية وازنة تتعهّد بقوننة ما يطالب به، خصوصاً أن عدم تأييده له سيؤدي حكماً إلى تعذّر تأمين الأكثرية النيابية المؤيدة لمطالبه".