بعد انتهاء الزّيارة الثّالثة للموفد الرّئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان، من دون نتائج جوهريّة بارزة، ذكرت صحيفة "الجمهوريّة" أنّ "العيون انتقلت الى نيويورك، حيث من المقرر ان يجتمع ممثلو اللجنة الخماسية الدولية على هامش الجمعية العمومية للامم المتحدة الثلاثاء المقبل، بحثاً عن خرق مفقود في الجدار اللبناني المسلح".

غير أن مرجعاً دبلوماسياً أكد لـ"الجمهورية"، أنّ "اللجنة الخماسية تعتبر بمثابة فريق واحد، وهي بالتالي يد واحدة لا تصفّق، وما ينقصها هو الجانب الاخر أي ايران، ليكتمل الحوار الحقيقي والانطلاق نحو تسوية حقيقية للملف الرئاسي اللبناني، كمقدمة للسير في الاصلاحات الحيوية الضرورية وعكس مسار الانهيار المتواصل.

وأبدى اعتقاده بأن "الاوان لم يحن بعد بالنسبة الى الاجندة الاميركية بالنسبة الى ما يتعلق بالشرق الاوسط وخاصة بلبنان، لأن تبادل الخدمات مع الادارة الحالية في واشنطن سيَتسارع مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية، خاصة أن طهران تفضّل فوز الديمقراطيين على الجمهوريين، وبالتالي ستكون أكثر استعداداً لتبادل الخدمات والتنازلات مع واشنطن قبل الانتخابات خلال المرحلة المقبلة".

الحوار المفقود

من جهته، أعرب مصدر بلوماسي عربي في بيروت، عبر "الجمهورية"، عن استغرابه "لماذا يفوّت السياسيون اللبنانيون على بلادهم الفرصة تلو الفرصة في انتخاب رئيس للجمهورية، وكيف يفوّتون فرَص الحوار بينهم ويتمترسون خلف مواقف تعقّد الازمة ولا تقود الى أي مكان".

وأوضح أنّ "الفراغ مستمر منذ اكثر من عشرة اشهر، سببه ان لا أحد من الافرقاء السياسيين يملك او يستطيع جمع أغلبية نيابية مطلوبة لإيصال مرشحه الى سدة الرئاسة، وبالتالي من المنطق، ومصلحة البلد تتطلب ذلك، ان يجري البحث عن سبل اخرى لحل هذه الازمة".

ولفت المصدر إلى أنّ "الحوار قد يكون سبيلاً مُجدياً للبحث عن حل، ورفض الحوار خطأ كبير. كيف يتفاوض لبنان على ترسيم حدوده البحرية وينجزه، ويتفاوض الآن على ترسيم حدوده البرية مع العدو، ويمتنع السياسيون عن الحوار مع بعضهم البعض لانتخاب رئيس لهم؟".

ورأى انّ "قاعدة الحوار المطروحة حدّدت مدته سبعة ايام كحد أقصى، ولو تم هذا الحوار قبل اشهر، فمن الممكن أن يُنتج تسوية، او كان الفريق الرافض للحوار قد أكد صوابية قناعته بأننا "جَرّبنا الحوار وتبين عدم جدواه".

تقدّم في العلاقات بين الحزب وباسيل!

في السياق الرئاسي، أفادت صحيفة "الديار" بأنّ "بعد مغادرة لودريان لبنان، على أمل العودة أواخر أيلول الحالي أو أوائل تشرين الأول، تتجه الأنظار الى ما سيُقرّره رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي فيما يتعلّق بالدعوة الى الحوار لمدّة سبعة أيّام تحت قبّة البرلمان، والذي ستليه جلسة إنتخاب مفتوحة بدورات متتالية الى حين انتخاب الرئيس. ولكن في انتظار قرار بّري، يترقّب الكثيرون ما ستؤول اليه العلاقة بين "التيّار الوطني الحرّ" و"حزب الله" حول ما يُسمّى "مقايضة" أو تفاهم على عناوين محدّدة، إن لم تُسهّل انتخاب الرئيس، فحلحلة بعض الملفات في المرحلة المقبلة".

وأشارت مصادر سياسية مطّلعة للصحيفة، إلى "حصول تقدّم ما على صعيد العلاقة بين "الوطني الحرّ" و"حزب الله"، رغم بقاء "الوطني الحرّ" على موقفه نفسه من "التقاطع" على إسم مرشّح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور".

وبيّنت أنّ "الخطوة المتقدّمة تمثّلت بمناقشة اللامركزية الإدارية والصندوق الإئتماني والملف الرئاسي، وإن لم يحصل بعد أي إتفاق بين الحزبين. فمن الحديث عن ورقة، انتقل الحزبان الى تشكيل لجنتين لدراسة العناوين لم تكن تجتمعان، غير أنّهما بدأتا بالإجتماع أخيراً، وصولاً الى ما سيتمّ الإعلان عنه في حال حصل التوافق النهائي بينهما".

وركّزت المصادر على أنّ "تقاطع" رئيس "التيّار" النائب جبران باسيل مع قوى المعارضة على أزعور، لم يجعله يكسر الجرّة مع الحزب، وهو لا يريد أن يفعل، حتى لو لم يتفق معه على إسم رئيس الجمهورية المقبل. أمّا لودريان الذي أوحى لمن التقاهم خلال زيارته الثالثة الى لبنان، بأنّ خيار المرشّحين الحاليين لم ينجح وإلّا لكان وصل أحدهما الى قصر بعبدا، فلكي يقول للكتل النيابية بطريقة غير مباشرة: أسلكوا طريقاً آخر، أي إذهبوا للتفتيش عن مرشّح ثالث يُمكنه أن يُفوز بغالبية الأصوات في مجلس النوّاب، من دون أن يدخل في لعبة الأسماء، أو يفرض إسماً على الكتل تدعمه اللجنة الخماسية".

وعمّا إذا كان الاسم الثالث هو قائد الجيش العماد جوزف عون، أوضحت المصادر أنّ "الأمر متروك للكتل النيابية، فهي تختار الشخص الذي تجده مناسباً للمرحلة المقبلة. علماً بأنّ العماد عون قد نجح حتى الآن في منصبه كقائد للجيش، واستطاع الحفاظ على الأمن والإستقرار في البلاد، رغم كلّ المحاولات لإثارة الفتنة والفوضى، غير أنّه حتى الآن ليس من كتلة نيابية جديّة تتمحور حول اسمه، وإن كانت الولايات المتحدة الأميركية وقطر وربّما مصر من ضمن "الخماسية" تدعم وصوله الى قصر بعبدا".

كما لفتت إلى أنّ "لودريان يتوقّع لدى عودته المرتقبة أن يكون الجميع قد اتخذ قراره النهائي فيما يتعلّق بإسم مرشّحه، كما في تموضعه مع هذا الفريق أو ذاك، لا سيما "الوطني الحرّ" و"اللقاء الديمقراطي" و"الإعتدال الوطني"، فهذه الكتل لا تزال غير متأكّدة، لأي مرشّح ستُصوّت في حال جرت أيام الحوار السبعة التي دعا اليها برّي، وتلتها جلسة الإنتخاب بدورات متتالية، لأنّ مشاوراتها مستمرّة".