لا يؤمن الجميع أن اندلاع الحرائق قد يحصل صدفة، فنسبة حصول حريق جرّاء زجاجة فارغة تضربها أشعة الشمس هي قليلة جداً، فأغلب الحرائق في لبنان تحصل بسبب الإهمال أو القصد البشري.

اندلع في بلدة حومين الفوقا الجنوبية ما يزيد عن 6 حرائق خلال ساعات قليلة، ورغم أن أحداً لم يتم توقيفه لتسبّبه بها إلا أن إجماعاً داخل البلدة حصل حول تورط بشرّي بما جرى، حتى أن أحد شهود العيان تحدث عن شابين يستقلان دراجة نارية ويضعان كمامات على الوجه تسببا بأحد الحرائق عن قصد.

أول ما يتكلّم عنه أهل البلدة عند الحديث عن الأسباب يكون التحطيب، ففي هذه الفترة من العام تبدأ عملية جمع الحطب تمهيداً لفصل الشتاء، وما أفضل من أحراج البلدات المليئة بأشجار السنديان لاجل ذلك، فتبدأ العملية بالحريق وتتضرر الأشجار ويصبح تشحيلها وقطعها أسهل.

هذا الواقع لا ينفي أن أسباب امتداد الحرائق متوافرة في هذه الفترة من العام، فمع حلول شهر تشرين الأول وتبدل الطقس الصيفي بعض الشيء، ترتفع سرعة الرياح من جهة، وتنخفض نسب الرطوبة من جهة ثانية، وهذه كلها عوامل تساهم برفع مؤشّرات خطر اندلاع وتمدّد حرائق الغابات بشكل كبير، خاصة في المناطق المعرّضة لذلك بسبب طبيعتها وجغرافيتها، وتزيد وزارة البيئة من تحذيراتها في هذه الفترة.

أطلقت وزارة البيئة الصيف الماضي حملة حريق بالناقص وهي مستمرة بها هذا العام، وبحسب مصادر الوزارة فإنّ الحملة أصابت أهدافها في أمكنة ولم تصبها في أماكن أخرى، لكن الواجب يقتضي عدم التوقف فهذه الحملات ليست موسمية ولا عابرة، وهي تصح لكل عام ولكل فترات السنة، فالحرائق إن وقعت سيكون ضررها كبيراً يحتاج الى سنوات وسنوات لإنهاء نتائجه.

حتى نهاية شهر تشرين الأول وربما أكثر يجب أن يبقى الاستنفار قائماً لمواجهة الحرائق، تقول المصادر عبر "النشرة" مشيرة الى أن العمل لا يمكن ان ينجح ما لم يحصل التعاون بين الوزارة والإدارات المحلية ولجان المحميات الطبيعية وصولاً الى الأهالي، وهنا تكون المسؤولية كبيرة على السكان الذين هم على تماس مباشر مع الغابات والأحراج والأشجار وعليهم أولاً واجب الحماية ومسؤولية التبليغ وهمّ المراقبة في فترات التحطيب.

لا يوجد تدابير استثنائية للوقاية، بل هي تدابير طبيعية مثل الامتناع عن حرق النفايات، وبقايا الأعشاب اليابسة في مناطق مفتوحة وذات طبيعة حرجية، خاصة بحال كانت عوامل الطقس مساعدة على انتشار الحرائق، عدم إضرام نار الشواء، وبحال حصل ذلك التأكد من إطفائها بشكل نهائي، الى جانب عوامل معروفة، لكن الأهم يبقى بإيجاد طرق لمنع الشياطين من الإشعال بشكل مقصود، ومحاسبة من يقوم بذلك بعد تشديد العقوبات على جرائم من هذا النوع، علماً أن حرق الغابات بشكل مقصود لا يقتصر على لبنان وحسب ففي كثير من دول العالم تحصل منها ما هو مقصود ومفتعل.