طوال الأسابيع الماضية، علقت بعض القوى اللبنانية الكثير من الآمال على إجتماع اللجنة الخماسية في نيويورك، على قاعدة أنه من الممكن أن يفتح الطريق أمام تسوية رئاسية في وقت قريب، أو على الأقل يذهب إلى بعض الخطوات التي من الممكن أن تدفع الأفرقاء المحليين إلى تقديم تنازلات.

أساس هذه الآمال، هو أن هذا الإجتماع جاء بعد جولة المبعوث الرئاسي الفرنسي ​جان إيف لودريان​ الثالثة، الذي كان من المفترض أن ينقل إلى باقي أعضاء اللجنة، أي ​السعودية​ و​أميركا​ و​قطر​ و​مصر​، نتيجة المشاورات التي قام بها في بيروت، على أن يلي ذلك خطوات من الممكن القيام بها، لكن على المستوى العملي لم ينتج عن هذا الإجتماع أي شيء يذكر، لا بل حتى بيان رسمي لم يصدر، على عكس ما حصل في الإجتماع الثاني الذي عقد في الدوحة.

سريعاً، وصلت إلى بيروت المعلومات عن خلافات بين أعضاء اللجنة الخماسية حول كيفية التعامل مع الملف اللبناني، أبرزها بين الجانبين الأميركي والفرنسي، الأمر الذي دفع مصادر نيابية معنية، عبر "النشرة"، إلى الحديث عن أن الشغور الرئاسي سيطول أكثر مما هو متوقع، خصوصاً أن ذلك جاء بالتزامن مع موقف صدر عن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، يصب في إطار التراجع عن تأييده المبادرة الحوارية التي تقدم بها رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

بالعودة إلى اللجنة الخماسية، تشير هذه المصادر إلى أنها منذ الأساس لم تكن على موقف واحد، الأمر الذي تُرجم بعدم صدور بيان رسمي عن إجتماعها الأول، وتلفت إلى أنه في المقابل ليس جميع أعضائها على المستوى نفسه من الأهمية، بالنسبة إلى الواقع اللبناني، حيث توضح أن اللاعبين المؤثرين هما الولايات المتحدة والعربية السعودية، أما باقي الأعضاء فيستطيعون لعب دور مساعد في مرحلة ما.

وتعتبر أن المصادر نفسها أنه ما لم يحصل أي تطور في موقف الجانبين السعودي والأميركي، لا يمكن الرهان على إمكانية الوصول إلى حل في الملف اللبناني، على إعتبار أن باريس غير قادرة على فرض أي تسوية على الأفرقاء المحليين، والأمر نفسه ينطبق على الجانب القطري، الذي تُطرح الكثير من الروايات حول دور من الممكن أن يقوم به في المرحلة المقبلة، بالتنسيق مع واشنطن والرياض.

ما تقدم، يدفع المصادر النيابية المعنية إلى إعادة توضيح النظرة إلى الدور الفرنسي، حيث تشير إلى أن ما تقوم باريس، منذ إنفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب من العام 2020، يستند إلى تفويض أميركي، في حين أن السعودية لم تكن تبدي أي إهتمام في الملف اللبناني، الأمر الذي فتح الباب أمام الجانب الفرنسي من أجل "الإجتهاد" في أكثر من مناسبة، لكن من دون أن ينجح في الوصول إلى أي نتيجة.

بالإضافة إلى ذلك، تلفت هذه المصادر إلى أن باريس لم تتنبه، طوال الأشهر الماضية، إلى أهمية التواصل مع الجانب الإيراني، لا بل أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان قد ذهب، في الفترة الماضية، إلى توجيه إنتقادات علنية لها، في حين كانت قنوات التواصل بين ​طهران​ والرياض قد فتحت من جديد بشكل مباشر، والأمر نفسه ينطبق على العلاقات الأميركية الإيرانية، حيث تم التوصل إلى إتفاق بواسطة قطرية، وتسأل: "ما الذي سيدفع هؤلاء إلى منح ​فرنسا​ جائزة في لبنان، طالما أن لديهما القدرة على التواصل المباشر"؟.

في المحصلة، لا تُعطي المصادر نفسها أهمية إلى ما يُحكى عن خلافات بين أعضاء اللجنة الخماسية، حيث تعتبر أن الأمر يشبه تلك القائمة على المستوى اللبناني، نظراً إلى أن الأساس يبقى في إمكانية الوصول إلى تفاهمات بين المثلث الأميركي-السعودي-الإيراني، سواء تمت بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وهو ما يجب رصده في المرحلة المقبلة، على إعتبار أن المؤشرات على ذلك موجودة.