اشار وزير الصناعة في حكومة تصريف الاعمال جورج بوشكيان الى ان "لبنان شهد مرحلة زمنية طويلة طبعت اقتصادَه بطابعِ الاقتصاد الريعي وقامت بشكل رئيسي وأوّلي على السياحة والتجارة والقطاع المصرفي والخدمات وتحويلات المغتربين وودائع الاخوة الخليجيّين، وبدرجة ثانية على الصناعة والزراعة، وأدّت هذه السياسة دورَها، وخدمت "عسكريَّتَها" إذا جاز التعبير". ولفت الى ان "لبنان سجّل فترة ذهبية من الانتعاش في الخمسينيّات والستينيّات والسبعينيّات من القرن الماضي، إلى أن تراجعت قيمةُ هذه الخدمات ومردودُها وفاعليتُها، في مقابل عدم رضى أهل الصناعة والانتاج عن إهمال الدولة لهم، وعن دعم الحكومات المتعاقبة المحدود جداً، فاتّكلوا على أنفسهم، وطوّروا أعمالهم، وبرهنوا على صحّة خياراتهم."
وخلال رعايته الندوة التي دعت اليها القوات حول "الصناعة واليد العاملة: تحديات وحلول" من تنظيم "مصلحة اصحاب العمل" في "القوات"، ذكّر بوشكيان بما تعرّض له لبنان "في العام 2006، حين دمّر العدوان الاسرائيلي قطاعاته الاقتصادية المتنوّعة، توقّفت السياحة، تراجعت التجارة وتقطّعت أوصالُ الوطن. وتكرّرت هذه المآسي عام 2019 وأُضيفت إليها أزمةُ المصارف ووضع اليد على أموال اللبنانيين."
استطرد: "في هاتَين المحطّتين من تاريخ لبنان، بقيت المصانع عاملة، زاد انتاجُها، تنوَّعتْ سلعُها، كبُرَ حجمُ الاستهلاك المحلي من الانتاج الوطني، ضاعفت تصديرَها الى دول العالم، وفّرت آلاف فرصِ العمل الإضافيّة، وظّفت رؤوسَ أموال ضخمة، استوردت آلات بمئات ملايين الدولارات، كما صنّع لبنان معدّات صدَّرها الى مصانع اميركا واوروبا وافريقيا والدول العربية". وتابع: "حين تسلّمتُ وزارةَ الصناعة، وضعت شعارَين: اعتماد لبنان المنتج وتصدير الانتاج الوطني واستيراد الدولار. وضعتُ خطّة منهجيّة للوصول الى هذين الهدفَين، بالتأكيد بدعم رئيس الحكومة والزملاء الوزراء، وتأييد المجلس النيابي والنواب الكرام، وبعمل مشترك ومتواصل مع الهيئات الإقتصادية وجمعية الصناعيين اللبنانيين، ولما تحقّق نجاحُنا لولا التزام العاملين في وزارة الصناعة وتضحياتهم، وكذلك جهود العاملين في معهد البحوث الصناعية ومؤسسة المقاييس والمواصفات، الذراعَين التنفيذيَّين للوزارة على صعيد الدراسات والأبحاث والمختبرات والجودة والنوعية".
ولفت الى انه "مهما وضعنا آليات رقابة وتشدّدنا بالجودة، وهو أمر واجب وسليم وضروري ومطلوب، غير أن العمل الناجح يتجلّى باستقامة صاحبه، وضميره الحيّ. كما يتأتّى من حرص الصناعي على ديمومة مصنعه، وعلى شهرة علامته التجارية في السوق. ودورُنا كوزارة صناعة، مواكبةُ الصناعي منذ منحِه الترخيص القانوني، وابقاؤه وفيّاً للشروط الواردة في الترخيص. وتبقى المواجهة صعبة مع ممتهنين العمل الصناعين المتعدّين على "الكار"، المنتحلين الصفة، المزوّرين والعاملين من دون أيّ مسوّغ قانوني. وفي هذه الفئة، يوجد نوعان: الأوّل، لم يتقدّم بالأساس لدى الوزارة، ويعمل في الصناعة سواء بمكان خفيّ، أو بمكان معروف من قبل الأجهزة البلدية والأمنية، وهي تؤمّن له التغطية، أو تحيد بنظرها عنه، بينما الثاني، تقدّم بطلب ترخيص لدى وزارة الصناعة وجرى رفضُ الطلب لعدم استيفائه الشروط، لكنّه وبدل أن يؤمّن الشروط المطلوبة، شغّل ماكيناتِه الانتاجية. الحالتان غصباً عن القانون والوزارة".
واشار وزير الصناعة إلى أنه عرض لهذا الواقع ليؤكّد "أن الوزارة ماضية باقفال المخالفين الذين تعرف بهم، مشددا على رفضنا تشويه هؤلاء سمعةَ الصناعة الوطنية وشهرتَها في لبنان والعالم، هنا أقول لهم ليعملوا في شيءٍ آخر طالما هم يتخاذلون عن قوننة أوضاعِهم".
وتابع: "عمّالنا في مصانعنا المتفوّقين بعقولهم وأفكارهم على الآلات والمعدّات، لبنان كان وما زال مبدعاً بشبابه وشابّاته، لبنان الحضارة والقيم والتاريخ لن يموت. لبنان الصناعة والاعمار والبناء سيعود منارة الشرق بسواعد أبنائه وايمانهم وتضحياتهم من أجل لبنان حر وديمقراطي ومزدهر".