وصف مسؤولون سابقون في المخابرات الأميركية "سي آي إيه" الاتهامات الموجهة للسيناتور الديمقراطي عن ولاية نيوجرسي بوب ميننديز بأنها تشبه عملية تجنيد مصرية لمصدر أمني. وذكر أحدهم: "في قراءة لائحة الاتهامات، فإنها تشبه بالتأكيد أن الحكومة المصرية كانت تستخدم أساليب التجنيد الكلاسيكية لدفع ميننديز وزوجته للتجسس لهم".
ولفت تقرير نشره موقع "ذي إنترسيبت"، الى إن التغطية الإعلامية الأميركية لقضية الفساد المتهم بها السناتور المحاصر ركّزت على سبائك الذهب ورزم المال التي عثر عليها في ملابسه، والعناصر الكاريكاتورية من الاتهامات التي أعلنت عنها وزارة العدل الأميركية. إلا أن خبراء الأمن القومي يرون بعداً أمنياً في الاتهامات، فإشارة لائحة الاتهامات إلى المخابرات المصرية، وكشف ميننديز عن معلومات "حساسة جداً" و"معلومات ليست للاستخدام العام" تقترح أكثر من كونها خطة فساد، بل وهناك عنصر أمني في التهم. فعملية حصول مصر على المعلومات تشبه طريقة التجنيد التقليدية، وهي عملية استخباراتية تهدف لتجنيد رصيد، وذلك حسب تصريحات أربعة ضباط سابقين في "سي آي إيه".
وبحسب الاتهامات، فقد طلب من ميننديز، رئيس لجنة الشؤون الخارجية المؤثر أن يقدم في بعض الأحيان معلومات لرجل أعمال مررها بدوره إلى المسؤولين المصريين. ومن أكثر المعلومات حساسية والمتهم ميننديز بالتشارك فيها تتعلق بموظفين في السفارة الأميركية بالقاهرة. ويعلق جون سيفر، الضابط المتقاعد في “سي آي إيه”، والزميل غير المقيم في المجلس الأطلنطي بأن “الطلب قد يكون خطوة تفحص استعداده لخرق القواعد والقوانين، وبالضرورة تقديم المساعدة للمخابرات المصرية بطرق مضرة وسرية”. وأضاف أن “مشاركة ميننديز معلومات عن موظفي السفارة مثيرة للقلق، وعلى عدة مستويات: فهي تساعد المخابرات المصرية التي ترصد السفارة، وتقترح، وهذا هو الأهم بأنهم تعاملوا مع ميننديز كمصدر”.
وذكر مايكل فان لانديغهام، المحلل السابق في “سي آي إيه” إن قائمة الاتهامات تظهر محاولة مصرية لتجنيد ميننديز وزوجته للتجسس لصالحهم. وجاءت تعليقات المسؤولين السابقين وسط تقارير محلية في نيويورك عن فتح فرع مكافحة التجسس في مكتب التحقيقات الفدرالية تحقيقاً، فميننديز أنكر التهم الموجهة إليه.
واوضح فرانك فيغلويزي، المساعد السابق لمكافحة التجسس في “أف بي أي” إن “رئاسة ميننديز للجنة الشؤون الخارجية تجعله هدف المخابرات الأجنبية التي تريد منه اتخاذ قرارات تخدمها، بما فيها المعدات العسكرية والقرارات المادية والتمويل”. وقال لشبكة إي بي سي الأمريكية: “كل هذا يجب أن ينظر إليه من منظور مكافحة التجسس”، ولم يرد “أف بي آي” للتعليق.
ونظراً لعمل الجواسيس تحت غطاء دبلوماسي، فإن عملية التجنيد عادة ما تنجح حسب المسؤولين الاستخباراتيين السابقين. وعادة ما يبدأ الطلب بشيء صغير، غير عام، ولكن ليس بالضرورة سرياً، وهذه طريقة لاكتشاف “الرد على التكليف” أو الاستعداد لجمع المعلومات الأمنية نيابة عنهم، وعندما يتم التحقق من الرد على التكليف، يتبع ذلك سلسلة من عمليات الدفع في مناطق معينة، أو رشاوى، والتي تعزز من العلاقة غير المشروعة، ويمكن استخدامها للابتزاز.
وتصف لائحة الاتهامات لقاء ميننديز مع رجل الأعمال المصري وائل حنا، وبعد يوم طلب من الخارجية الأميركية معلومات غير عامة عن عدد العاملين في السفارة الأميركية في القاهرة. وتم نقل المعلومات هذه، حسب لائحة التهم، لـ “مسؤول حكومي مصري”. وفي حالة أخرى، مررت زوجة ميننديز، نادين، التي كانت صديقته، معلومات بناءً على طلب من مسؤولي الحكومة المصرية للسناتور. ومن خلال حنا قدّم ميننديز معلومات لمسؤولين أمنيين وعسكريين مصريين، وتحت مبرر زيادة المساعدات الغذائية لمصر. ومع أنها ليست عامة ولا سرية، فالكشف عن العاملين في السفارة اعتُبر في لائحة الاتهام خطيراً بدرجة أنه يعرّض عمليات الطاقم للخطر، ويكشفهم لحكومة أجنبية. وبدون معرفة طاقمه الشخصي في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، التي كان يترأسها أو علم وزارة الخارجية، قدم ميننديز قائمة بأسماء الموظفين بالسفارة إلى نادين التي مررتها بدورها إلى حنا، والذي أرسلها للمسؤولين المصريين.