يقول خبراء وول ستريت إن سوق الأسهم الأميركية كانت مرنة في عام 2023، ولكنها تظهر عليها حاليًا علامات التباطؤ، حيث كان أداء مؤشر ستاندرد آند بورز 500 في حالة صعود هذا العام حتى شهر أغسطس ومنذ ذلك الحين بدأ في التعثر، لهذا يحتاج المستثمرون إلى توخي الحذر خلال فصل الخريف في بيئة السوق شديدة التوتر.

يقول الخبراء أن التراجع جاء بعد تقرير أرباح شركة نيفادا الأخير والذي كان بمثابة إشارة إلى أن الارتفاع التكنولوجي الأخير قد استنفد، بالإضافة إلى ذلك، مع ارتفاع عوائد السندات وعدم وضوح البنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين العميق بشأن أداء الاقتصاد، ففي حديث لرئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" رفض فكرة خفض أسعار الفائدة وألمح إلى إمكانية رفعها أكثر.

ومن جهة أخري، لا يزال التضخم يزعج الأسر الأمريكية، كما أن أسعار الفائدة المرتفعة تجعل أسواق الإسكان والائتمان في البلاد رهينة دون أي انفراج في الأفق، وفي وقت لاحق من العام، أدى ارتفاع أسعار النفط والغاز، إلى جانب القلق بشأن الاقتصاد المتذبذب في الصين، إلى إلقاء المزيد من الضغوط على أسواق الأسهم.

والآن، يظل الحديث عن اخبار الركود في مقدمة اهتمام شركات الوساطة مثلAvaTrade UAEوغيرها خاصة وأن المؤشرات الاقتصادية الكبرى تشير إلى احتمال حدوث الركود بنسبة 50% في غضون الأشهر الاثني عشر المقبلة، وفي ظل هذه الظروف هل يمكن لسوق الأسهم الاستمرار في المضي قدمًا نحو نهاية صعودية لعام 2023 أم أن هناك انهيارًا محتملًا في السوق بحلول نهايته؟، فيما يلي سنلقي نظرة على العوامل الأكثر أهمية المحركة لسوق الأوراق المالية:

ارتفاع التضخم

يبلغ معدل التضخم في الولايات المتحدة 3.3% لشهر يوليو مقابل 3% في يونيو و3.8% في مايو، وفقًا لقياس مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس التضخم المفضل لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي، وبينما لا يزال التضخم ثابتًا، فقد انخفض بشكل ملحوظ عن قراءة العام الماضي البالغة 6.3% في يوليو 2022.

يقول أحد خبراء الاقتصاد: عندما قال الاقتصاديون إن التضخم كان "مؤقتًا"، ربما كان ذلك أكبر خطأ فادح لهذا العام، وعلى الرغم من أن الاقتصاد كان قويا وكانت السوق تتأرجح، إلا أن الأسعار ارتفعت بشكل متزايد ولم يرغب الاحتياطي الفيدرالي في إبطاء الأمور، ويضيف قائلًا: إن البنك الاحتياطي الآن "مصر" على إعادة التضخم إلى 2% من أعلى مستوى له عند 9% وهذا سيسبب المزيد من الألم للاقتصاد في المستقبل.

وأي تسارع في التضخم من شأنه أن يضع البنك تحت الضغط لاحتواء التضخم وسيؤدي إلى استمراره في رفع أسعار الفائدة، وإذا بدأ التضخم في التسارع فمن المؤكد أننا يمكن أن نرى السوق يتراجع بسبب المخاوف من أن يضع البنك الاقتصاد في سيناريو الهبوط الحاد.

البيانات الاقتصادية خلال الربع الأخير

قد يحتاج المستثمرون إلى توخي الحذر استعدادًا لفصل الخريف المتقلب مع بداية شهر سبتمبر، حيث أن تقارير البيانات الاقتصادية القادمة واجتماعات البنك الاحتياطي الفيدرالي والمسرح السياسي المتوقع حول إغلاق الحكومة ستؤدي جميعها إلى زيادة التقلبات، مما يضيف فقط إلى حقيقة أن أحجام البيع بالتجزئة تشير بالفعل إلى أن المستثمرين على حافة الهاوية مع نهاية عام 2023.

العديد من عوامل الخطر المحددة التي يبحث عنها خبراء السوق الآن هيمؤشر أسعار المستهلكوأرقام البطالة وبيانات الوظائف والعائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات، حيث ستحدد أرقام مؤشر أسعار المستهلكين والبطالة ما إذا كان البنك الاحتياطي الفيدرالي سيرفع أسعار الفائدة أو يتوقف عن رفعها، بينما يضمن عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات معدل عائد سيتعين على الأسهم التغلب عليه لتظل قادرة على المنافسة، وهي تبدو حاليًا ذات قيمة كاملة.

مشاكل الصين

إن الصين هي أكبر مشتر لكل شيء على مستوى العالم، وعندما ينشط اقتصادها بكل طاقته، تستفيد الولايات المتحدة لأنها تستطيع بيع المزيد من المنتجات إلى الصين، ومع ذلك، فإن الظلال تخيم على الاقتصاد الصيني وهذا له تأثير مضاعف كبير على الاقتصاد الأمريكي.

في الوقت الحالي، يعاني الاقتصاد الصيني من حالة ركود، وهو ما يؤثر على الاقتصادات على مستوى العالم، فمع رحيل الصين ترحل العديد من الاقتصادات الأخرى، ومع ذلك، تحاول بكين تحفيز اقتصادها من خلال طباعة النقود، وهذا ليس اتجاهًا جيدًا للولايات المتحدة في النصف الثاني من عام 2023.

في أواخر شهر أغسطس انخفض مؤشر هانج سنج في هونج كونج إلى منطقة السوق الهابطة وشهد تراجعًا بنسبة 19% عن ذروته في يناير، في الوقت نفسه، انخفض اليوان الصيني إلى أدنى مستوى له منذ 16 عام مقابل الدولار الأمريكي، مما دفع البنك المركزي الصيني إلى اتخاذ إجراءات لتعزيز سعر العملة مقابل الدولار، ولكن بمعدل أعلى بكثير من قيمته السوقية الحقيقية.

وقد خفضت مجموعة من البنوك الاستثمارية، بما في ذلك يو بي إس ومورجان ستانلي وباركليز، توقعاتها للناتج المحلي الإجمالي للصين في المستقبل وهذا ما ترك المستثمرين قلقين بشأن ما يعنيه تراجع الصين لمحافظهم الاستثمارية.

ارتفاع أسعار النفط

يعتبر النفط مؤشر تضخمي، والارتفاع الحالي في الأسعار يمثل أيضا ارتفاعا في التضخم، ويشير الخبراء إلى أن الإمدادات قد اختنقت من قبل روسيا وأوبك مما جعل أسعار النفط آخذة في الارتفاع وستواصل السير على هذا الطريق في محاولة لوضع المزيد من الأموال في جيوب دول أوبك، وهذه ليست المشكلة الوحيدة مع النفط والغاز.

فالولايات المتحدة باعت الكثير من احتياطي النفط الاستراتيجي للبلاد لدرء ارتفاع أسعار النفط ووقف أسعار الغاز في المضخات، وهم حاليًا في موسم أعاصير نشط، وإذا تعرضت أي من المنصات لضربة، فقد يرتفع سعر النفط بشكل كبير جدًا، وهو ما سيضر بجهود البنك الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم.

لا يقتصر الأمر على تداول خام غرب تكساس الوسيط عند حوالي 82 دولار للبرميل أي أعلى بنحو 10 دولارات مما شهده السوق في يونيو، ولكن متوسط أسعار البنزين في الولايات المتحدة ارتفع إلى 3.82 دولار للبرميل بالقرب من أعلى المستويات التي شهدها المستهلكون في عام 2023.

مع التزام أوبك بخطتها في يونيو لخفض إنتاج النفط بمقدار مليون برميل يوميًا (وبعد إعلان أبريل للحد من إنتاج النفط بمقدار 1.6 مليون برميل يوميًا)، فإن تخفيضات الإنتاج إلى جانب ارتفاع التضخم يمكن أن تهدد سوق الطاقة الأمريكي الضخم مع اقتراب عام 2023 من نهايته.

أين يقف المستثمرون الآن؟

في العموم، يبدو أن خبراء الاستثمار متفقون على أنسوق الأسهميبدو محفوفًا بالمخاطر مع بداية شهر سبتمبر، خاصة وأننا شهدنا تقدمًا كبيرًا هذا العام بشأن فكرة الهبوط الناعم وتوقف البنك الاحتياطي مؤقتًا عن رفع سعر الفائدة، وهذا يترك السوق عرضة للتصحيح، وإذا ظل التضخم منخفضا فيمكننا أن نرى السوق يتداول بشكل جانبي إلى أعلى خلال الأشهر المتبقية.

الخوف الأساسي يأتي من احتمالية عودة التضخم للارتفاع مما يضغط على البنك الاحتياطي لمواصلة رفع أسعار الفائدة، وهو ما "سيكون سيناريو هبوطيًا لسوق الأسهم".

ومع ارتفاع مؤشري ستاندرد آند بورز 500 وناسداك بنسبة 17.6% و33.9% حتى 30 أغسطس على التوالي، فإنه قد يكون هذا الوقت المناسب لتقييم المستثمرين لمحافظهم الاستثمارية.