اقيمت صلاة على نية الإعلاميين الأحياء والأموات و​شهداء الصحافة​ في كابيلا ​مار شربل​ قرب منزل السيدة نهاد الشامي في حي بيت البومة- حالات، حيث احتفل بالذبحية الالهية الاعلامي الدكتور ​الخوري طوني الخوري​.

ولفت الخوري في عظته الى انه "تأتي الدعوة إلى هذا القداس الإلهي في المكان الذي حصلت فيه أعجوبة شفاء السيدة نهاد الشامي على يد القديس شربل، لتؤكّد على حاجتنا إلى تدَخُّلٍ سماويٍّ يُوقِف تدهور حالتنا الإنسانية وتدمير أرضنا".

وتابع :"نُقدّم هذا القدّاس على نية كلِّ شخصٍ منّا نحن العاملين في الصِّحافة والإعلام. ونذكر المتوفين من الصِّحافيين، ونخصّ بالذكر الذين استشهدوا في الميدان في الآونة الأخيرة وهم يقومون بعملهم الصَّحَفي، ونسأل ربَّ السلام أن يهبنا عطيّة السّلام الغالية فنعملَ على بِناء غدٍ أفضل وعالِمٍ أفضل، عالمٍ لا يفتقد إلى مقومات الحياة والكرامة الإنسانيّة".

واضاف :" اسمحوا لي في هذه المناسبة أن أتأمل معكم بصفاتٍ ثلاثٍ لصيقة بالصِّحافة والعمل الصَحَفي: خدمة الحقيقة، الشجاعة والمَقدِرة، وغرس الأمل في الألم".

ولفت الخوري الى ان "الصِّحافة الحُرَّة هي تلك التي تعمل من أجل خدمة الحقيقة. والصّحَفيُّ الحُرّ هو مَن يعمل من أجل إعلامٍ حقيقيّ وسليم، تكون فيه الأولوية لخدمة الحقيقة المُجرّدة من كلّ منافع وغايات شخصيّة، والإصغاء بانتباه إلى آلام البشرية وأفراحها على حدٍّ سواء، وتظهيرِها كما هي من دون أيةِ مواربة: فالحقيقة ليست وِجهة نظر وإنما هي "شيءٌ ثابتٌ وصحيح" نستطيع أن نبني عليه رؤيتَنا للواقع كما هو من دون أية خيانةٍ أو تزويرٍ للإحداث وتضليل للرأي العامّ: "فالتضليل هو أولى خطايا الصِّحافة" (البابا فرنسيس، خطاب إلى الصحافيين الإيطاليين، 26-8-2023)".

ورأى الخوري ان "خدمة الحقيقة تحثُّنا على أن ننقل الحقيقة لا كما نراها نحنُ، أي من منظارنا الشخصي، بل كما هي، أي من منظار الحقيقة نفسِها، الحقيقة الموضوعية والمجرّدة من أية انتماء".

وشدد الخوري على ان "تقصّي الحقيقة هو عملُ الشّجعان! والصِّحافة باعتبارها سرداً للواقع تتطلّب القُدرة على التوجّه إلى حيث لا يتوجّه أحد، أو، ليسَ لأحدٍ (أو لِقِلّةٍ) الجُرأة على فعل ذلك، لأنّه يتطلَّب الشجاعة المقرونة بحُبِّ المعرفة واستقصاء الحقيقة بمصداقيّة تامة وبعيداً عن أيّة شخصنة وابتزال وانبطاح وانقياد لأية سلطة من أي نوعٍ كانت مدنيّة كانت أم دينيّة، إضافة إلى التحرّر من الأحكام المُسبَقة".

ودعا الخوري الى الانتباه :"في هذا المجال، إلى إمرٍ بالغِ الأهميّة، وهو أنّ مَن يُراقب الأحداث عن كَثَب ويُقدِّم تقريراً بما عاينه وسَمِعه، يُدَوِّن على صفحات التاريخ حدثاً يُصبِح مرجعاً للأجيال التالية، ولهذا والقول للبابا فرنسيس:" عليه (قبل كلِّ شيء) التّحقّق من التفاصيل وتقييم الإحتمالات والتأكد من كلّ الأحداث" (إنتهى الإستشهاد) البابا فرنسيس إلى الصحافيين، 24-6-2023)".

وحول غرس الأمل في الألم، لفت الخوري الى انه "لا شكّ من أن صورة هذا العالم الذي نُقيم فيه ليست كما نُريده. فهناك من الصُراخ والأوجاع والحروب والجرائم ما لا يُمكن للعقل البشري أن يتصوّر! ويكفي في هذا الإطار أن نُوجِّه أنظارنا إلى ما يجري الآن في غزّة من عمليّة إبادة جماعيّة ، بحجّة الدفاع عن النّفس، يدفع ثمنها الأبراء، لا سيّما الصغار منهم، لنُدرِك مَقدار الحقد وجور الحاقدين، وكميّة الظُّلم وفظاعة الظالمين، وازدواجيّة المعايير ووقاحة الدّول، والإستنسابيّة وتسلّط القويّ على الضّعيف؛ فهناك، في المكان الذي شهِدَ تجسّد ابنِ الله يسوع المسيح رئيس السلام، تجري الحرب الأكثر دمويّةً في التاريخ البشري، هناك تُغتال الإنسانية مع سقوط كلّ طفل بريء، ويخفت صوت الضمير العالمي! والإعلام العالمي وللأسف الشديد مسؤول، لا بل داعمٌ لهذا السقوط".

وشدد على ان "الصَّحَفيُّ هو مَن يكسر حلقة الجور والظلم بسلاح الصوت والصورة ويغرس الأمل في الألم: رسالةٌ صغيرة...صورة بسيطة بإمكانها أن تتغلّب على صوت الصواريخ والمدافع وتحفر ذكراها في الضمير الإنساني وفي التاريخ، وتُغيّر المشهد وتقلب الموازين".

ورأى أنه "لا أحد ينسى صورة الطفل إيلان ذي الأعوام الثلاثة الذي هزَّ مشهد موته على الشاطىء، الضمير العالمي. ولن ينسى أحد صورة الفتاة الفلسطينيّة ابنة العاشرة الخارجة من بين الأنقاض بعدما دمرّ الإسرائيليّ منزل والديها وقتل عائلتها، تحمل بين يديها شقيقها البالغ من العمر حوالي السنة، وهي تشقّ السماء بصراخها".

واعتبر الخوري ان "البشرية المتألمة تصرخ إلى السّماء، ولكنّ السماء تُداوي جراح الإنسان بواسطة الإنسان الذي قَبِلَ في قلبه المحبة والرحمة والحنان، فشَهِد للعدالة والحقّ والسلام".

وختم :"نُصَلّي إلى الربّ يسوع أمير السلام، أن يضع في قلوبنا حنانه ومحبّته، فنمارس مهنتنا " كرسالة لبناء مستقبلٍ أكثر عدالة وأكثرَ أُخُوّة وأكثر إنسانيّة.