صحيح أن قضية حاكم مصرف لبنان السابق ​رياض سلامة​ باتت من الماضي في حكم الأمر الواقع كون الملف نائم في أدراج عدليّة بيروت، والصحيح أكثر أن التوصّل الى قرار أو حكم في هذا الموضوع يواجه صعوبة كبيرة نظراً الى كلّ المعوقات التي تواجه هذا الملف.

هناك تطوّر كبير برز في الخارج على صعيد هذا الملف مع تقديم السيناتور الفرنسي جويل غيريو الى ​مجلس الشيوخ الفرنسي​ مشروع قرار يتحدث عن إعادة الأصول الغير المشروعة التي صادرتها العدالة الفرنسية الى ​الشعب اللبناني​ في سياق جرائم الفساد وتبييض الأموال وفقاً للقانون رقم 1031-2021 المؤرّخ في 4 آب 2021.

"هذا القانون يتماشى مع الصادر بـ4 آب 2021 والّذي أقرّ لتعزيز التعاون الدولي ومكافحة عدم المساواة العالميّة". هذا ما يؤكده مدير مكتب غيريو ايلي أبي سعد لـ"النشرة"، لافتاً الى أنه "يركّز بشكل خاص على الفساد وغسيل الأموال وهؤلاء عاملان يعيقان التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة الخاصة بلبنان".

يتحدث القانون ببساطة عن أنه إذا حصل تبييض أموال في فرنسا مثلاً أو على الاراضي الفرنسيّة من خلال بلد معيّن، فإنه يعتبر أن أهل هذا البلد لا دخل لهم بالفساد ويحقّ لهم إعادة الأموال التي سُرقت منهم. ويلفت أبي سعد أن "هذا الاقتراح الذي لا يجبر الحكومة على شيء الاّ أن هذه الأموال والحجوزات على الأملاك يجب أن تعود للشعب اللبناني الذي يعتبر بريئاً ولا دخل له بفساد زعمائه"، مشيراً الى أن "عندما تثبت تهمة فساد على مسؤول في فرنسا يجب أن يتم تأكيد حجز الاموال التي لا تعود الى اصحابها، وما نطلبه هو استعمال الاموال الناجمة عن تبييض الاموال في لبنان بمشاريع اقتصاديّة واجتماعيّة تهمّ لبنان عوضاً عن أن تدخل الى خزينة الدولة الفرنسية"، مؤكدا أننا "قدمنا هذا الاقتراح لأنه مهمّ للشعب اللبناني الذي يعتبر ضحيّة، ومن اللا مساواة ألاّ يعود له الحجز".

هذا الإقتراح القانون طبّق سابقاً مع الغابون عندما تمّت مصادرة أملاك الرئيس السابق علي بونغو، الّذي اشترى 29 سيارة فخمة من طراز "رولز رويس" و"مرسيدس" و"بنتلي"... فيما وصلت كلفة هذه "الكنوز" المتنقلة إلى 15 مليون يورو تم اقتناؤها عبر شركة سويسرية.

وجّه ​القضاء الفرنسي​ بعدها التهم لتسعة أفراد من عائلة عمر بونغو ابن علي بونغو من بينها "الإثراء غير المشروع" و"اختلاس الأموال العامة" و"الفساد المتعمد" فضلا عن تهمة "إساءة تدبير الأموال العمومية".

اليوم ما يحصل في ملف رياض سلامة. بحسب ما تؤكد مصادر مطّلعة هو أكبر بكثير، مشيرة عبر "النشرة" الى أنه "لم يتمّ تقديم اقتراح القانون عبر مجلس الشيوخ مصادفةً وهو يهدف جمع تأييد دول أوروبية أخرى لتلحق بهذا الاقتراح مما سيؤسس لمبادرة أوروبية جامعة في هذا الخصوص". وهنا تعود المصادر الى القرار الذي تم التصويت عليه في ​مجلس النواب​ البلجيكي في كانون الثاني الماضي الذي نصّ على دعم ​مكافحة الفساد​ وتفعيل العقوبات على الملاحقين بجرائم مالية في لبنان وأوروبا، والذي تقدّم به النائب البلجيكي ماليك بن عاشور"، لافتة الى ان "القرار يُعد سابقة في برلمان أوروبي ويحمل صفة القانون، وذكر في الاسباب الموجبة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة".

اليوم وبعد مضيّ عام أتى القرار الثاني ومن دولة أوروبية جديدة، والواضح أن هناك من يعمل لمصلحة الشعب اللبناني في الخارج في حين أن ​القضاء اللبناني​ الذي يحمل كامل الملف لا يزال ينتقل به من قاضٍ الى آخر دون أيّ إجراء يذكر أو حتى إكتراث بأن تلك المليارات إذا استعدت يمكن أن تفيد الشعب اللبناني في هذه الازمة، لا بل أكثر هي حقّ لهم، فلا يمكن أن تتم تهريب المليارات الى الخارج بعد 2019، ومن كان يملك المفتاح شريك في دفع الوصول الى الانهيار ولا يحاسب، فيما غالبية الشعب اللبناني فقدت أموالها... ويبدو أن هناك من لم يكترث في لبنان لا اوروبا لا تزال تظهر غيرتها على مصلحة الشعب!.