اشارت صحيفة الجمهورية الى ان "قضية تأخير تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون بقيت البند الابرز الطافي على مائدة المتابعات الداخلية، وبحسب معلومات موثوقة لـ"الجمهورية" فإنّ "هذا الملف لم يخرج بعد من دائرة التجاذب حوله، في الوقت الذي تتكثّف فيه الاتصالات لحسم هذا الملف، وضمن فترة لا تتعدى الاسبوع المقبل. فيما برز في موازاة ذلك اقتراح نيابي جديد قدّمه نواب كتلة الاعتدال ويرمي الى تمديد ولاية قادة الاجهزة الامنية لمدة سنة". وزار مقدّمو الاقتراح رئيس مجلس النواب نبيه بري. وقال النائب محمد سليمان بعد اللقاء: الرئيس كان متجاوباً وواضحاً وأبلغ ذلك لكتلة "القوات". واليوم أبلغنا بأنّ الصلاحية مناطة بمجلس الوزراء، واذا تعذّر ذلك فهو جاهز لأخذ القرار في المجلس النيابي لِما يراه ضرورة من مصلحة وطنية في هذه الظروف الصعبة".
ونقل زوار بري من النواب لـ"الجمهورية" عنه، بعد تقديم اربعة اقتراحات قوانين لتمديد مهام قائد الجيش والقادة الامنيين من رتبة عماد ولواء، انه "يتفهّم شمولية التمديد ولا يعارضه، لكنه ما زال ينتظر خروج الحل لملء الشغور في المواقع العسكرية والامنية من الحكومة، واذا تعذّر على الحكومة ذلك لأسباب سياسية وإجرائية فإنه سيدعو الى جلسة نيابية عامة مطلع الشهر المقبل يضع في جدول اعمالها الاقتراحات النيابية من ضمن البنود الاخرى".
واكدت المصادر النيابية "أهمية شمولية التمديد، ليس لأسباب طائفية او مذهبية بل لأنّ ظروف البلد في ظل التوتر الاقليمي لا تحتمل اي تأخير او فراغ في اي موقع عسكري وامني، لا سيما ان المؤشرات تدل على انّ انتخاب رئيس للجمهورية موضوع على الرَف ولا يوجد اي حراك حوله". وقالت "انّ الضرورة تفرض استمرار إمساك القادة الحاليين بقرار مؤسساتهم افضل من الوكيل او الموقت".
ورجّحت المصادر ان "يتم حل الموضوع عبر مجلس الوزراء خلال الاسبوعين المقبلين، من خلال مراسيم تعيين قائد جديد للجيش ورئيس للأركان واعضاء جدد للمجلس العسكري، اذا نجحت المساعي القائمة، أو يتم تمديد تسريح قائد الجيش اذا لم تسفر الاتصالات عن التوافق على التعيين، خاصة انّ التعيين يجب أن يتم عبر اقتراح لوزير الدفاع بحسب القانون". مشيرة الى انّ "وزير تيار المردة سيحضر جلسة مجلس الوزراء التي ستبحث موضوع الشغور العسكري، كما اشارت الى وجود ثلاثة اسماء مرشحة لقيادة الجيش يتم التداول بها".
وعلمت "الجمهورية" انّ "ممانعة حسم هذا الملف لجهة تأخير تسريح قائد الجيش باتت محصورة في التيار الوطني الحر، فيما بادر "حزب الله" قبل ايام الى ابلاغ الجهات المعنية بهذا الملف بأنه لا يشكل عائقاً لأي خطوة يتفق عليها لحسمه، وبالتالي فإنّ الحزب لا يمانع تأخير تسريح العماد عون، ولا يمانع ايضاً تعيين قائد جديد للجيش، أو تعيين رئيس للاركان أو تعيين مجلس عسكري جديد، المهم هو ان توجِدوا الحل لهذه المسألة وتتفاهموا عليه". على انّ العائق الاساس الذي ما زال يعترض تأخير تسريح قائد الجيش يتمثّل في موقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الرافض لذلك، خصوصا انّ اقتراح التمديد سيأتي اولاً من قائد الجيش الى وزير الدفاع موريس سليم الذي يلتزم بقرار مرجعيته السياسية (التيار)، ثم انّ اتخاذ مجلس الوزراء لأي خطوة في هذا الاتجاه ما زال محل اشكالية برغم ان دراسة قانونية تجري مراجعتها في هذا الصدد".
ولفتت الصحيفة الى ان "يبقى الايام القليلة فاصلة حيال هذا الملف، الذي قد يطرح في جلسة مجلس الوزراء الاثنين المقبل، علماً انّ مصادر مسؤولة كشفت لـ"الجمهورية" انها "بعد فرط انعقاد جلسة مجلس الوزراء بداية الاسبوع الجاري، كانت في اجواء ان تعقد الجلسة اليوم الخميس (للبَت بهذه المسألة) وتأجيلها الى الاثنين أمر يثير الاستغراب".
في هذا السياق، أكد مصدر في "التقدمي" لـ"الشرق الأوسط"؛ كونه الأقدر على التواصل مع الجميع، وينطلق من ضرورة تبريد الأجواء وصولاً إلى تطبيع علاقاته بالخصوم وتعزيزها بحلفائه، لتبديد ما يشوبها من حين لآخر. وكشف المصدر في أن "جنبلاط سيختتم لقاءاته، في بحر الأسبوع المقبل، بلقاء رئيسَي حزب "الكتائب"، النائب سامي الجميل، وحركة "الاستقلال"، النائب ميشال معوض، وآخرين، وقال إنه لم ينقطع عن التواصل مع عدد من النواب المنتمين إلى "قوى التغيير" في ظل التنسيق القائم بينهم وبين النواب الأعضاء في "اللقاء الديمقراطي"، في الأمور التشريعية المدرجة على جدول أعمال اللجان النيابية المشتركة".
ولفت إلى أن "تواصل جنبلاط مع القوى السياسية يأتي في ظل انفتاحه على رئيس المجلس النيابي نبيه بري، سواء عبر اللقاءات المباشرة التي يعقدها معه، أو من خلال تلك التي يتولاها الرئيس السابق للحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط. ورأى المصدر نفسه أن "تنظيم الاختلاف بين "التقدمي" و"حزب الله" لا يزال قائماً ولم ينقطع، وقال إن القيادي في الحزب النائب السابق، غازي العريضي، يتولى هذه المهمة بتواصله مع المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل، إضافة إلى التواصل من حين لآخر بين جنبلاط الأب ومسؤول التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا، بينما يتولى النائب وائل أبو فاعور الاتصالات برئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، لمواكبة القضايا السياسية والمعيشية الملحّة، وضرورة توفير ما أمكن من حلول لها".
وكشف أن "جنبلاط التقى مطولاً، مساء أول من أمس، النائب طوني سليمان فرنجية، بدعوة من والد زوجة الأخير، رجل الأعمال محمد زيدان، وقال إن النائبين وائل أبو فاعور وفيصل الصايغ شاركا في اللقاء، إضافة إلى النائب السابق علاء الدين ترو، ومستشار جنبلاط حسام حرب. وقال إنه تخللت اللقاء خلوة اقتصرت على جنبلاط وفرنجية، ووصف الأجواء بأنها كانت إيجابية، وأن اختلافهما في مقاربة الملف الرئاسي لا يبدل من عمق العلاقة التاريخية بين عائلتي جنبلاط وفرنجية. وقال إنهما توافقا على ضرورة تأمين الاستقرار في المؤسسة العسكرية وعلى التمديد للعماد عون، وتأمين النصاب في المجلس العسكري بتعيين رئيس للأركان ومديرين للإدارة العامة والمفتشية العامة".
وتوافقا أيضاً، بحسب المصدر في "التقدمي"، للشرق الاوسط، على دعم الجهود الرامية للحفاظ على الاستقرار في المؤسسة العسكرية، وعدم شل قدرتها في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان انطلاقاً من العدوان الإسرائيلي الذي يستهدفه.
وفي هذا السياق، كشف المصدر نفسه أن "العماد عون اعتذر عن القيام بزيارات عمل إلى الخارج بدعوة من عدد من الدول الصديقة والمانحة. وقال إنه اعتذر عن زيارة الكويت لغياب مَن ينوب عنه في إشارة إلى شغور رئاسة الأركان".
وتوقف المصدر أمام الأجواء الإيجابية التي سادت لقاء جنبلاط بوفد نيابي يمثل كتلة "الجمهورية القوية"، وقال بأن "لا مشكلة في التمديد للعماد عون، وأن كتلة "القوات" لا ترى ضرورة ربط التمديد له بالتمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، لأنه من المبكر الخوض فيه؛ كونه يُحال إلى التقاعد، في أيار المقبل".
وبالنسبة للقاء رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بجنبلاط، علمت "الشرق الأوسط" أن "الأخير لبَّى دعوة باسيل إلى البترون، بعد أن تبلَّغ منه بطريقة غير مباشرة بأنه يؤيد تعيين رئيس للأركان، لكنه فوجئ بربط تعيينه بتعيين قائد للجيش ومديرين للإدارة والمفتشية، وهذا ما أدى إلى اقتصار اللقاء على تبريد الأجواء السياسية وتنشيط عمل اللجان المشتركة في مدن وبلدات الجبل بغية تنقية الأجواء وخفض منسوب الاحتقان والتوتر للحفاظ على السلم الأهلي والعيش المشترك".