من ضمن الكثير من الأسئلة الصعبة، التي تطرح على هامش العدوان الإسرائيلي القائم على قطاع غزة، يأتي السؤال عن كيفية إدارة القطاع في المرحلة التي تلي الحرب، خصوصاً أن تل أبيب تعتبر أن إستمراره تحتسيطرة حركة "حماس"، يعني بقاء التهديد العسكري والأمني، الذي بلغ ذروته خلال عملية "طوفان الأقصى"، وهو ما قد يصعب الذهاب إلى إتفاق لوقف إطلاق النار في وقت قريب.
في المقابل، يبدو أن الأمور على مستوى الجبهة الجنوبيّة لا تقلّ خطورة، لا سيّما أن القرار 1701، الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي بعد عدوان تموز من العام 2006، تعرّض لإنتكاسة كبيرة في المرحلة الراهنة، بعد أن عادت الأعمال العسكريّة المفتوحة إلى هذه الجبهة، ربطاً بالتطورات القائمة في فلسطين.
في هذا السياق، تكشف مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن تطبيق هذا القرار هو من البنود الرئيسية، التي تُطرح في مختلف الإتصالات الدبلوماسيّة التي تتابع التطورات على مستوى الجبهة الجنوبية، بالرغم من أن هذا القرار، على مدى السنوات الماضية، لم يطبق بشكل جدي، لا بل كانت الخروقات قائمة، خصوصاً من الجانب الإسرائيلي، حيث هناك من يعتبر أن هناك ضرورة ملحّة من أجل العودة إلى تطبيقه بشكل كامل.
في هذا الإطار، تشدّد المصادر نفسها على أنّ ما يحصل، في المرحلة الراهنة، لا يعني سقوط القرار بشكل نهائي، وبالتالي الحاجة إلى صدور آخر جديد عن مجلس الأمن الدولي، حيث تلفت إلى أنّه لا يزال قائماً، لكن المطلوب الذهاب إلى تطبيق بنوده، خصوصاً أنه من القرارات التي يجري التذكير بها بشكل دائم، في جميع البيانات أو القرارات الأممية المتعلقة بالملف اللبناني، لكنها تشير إلى أنّ الواقع الحالي قد يعزز من النقاشات حوله، لا سيما من الدول التي تشارك في قوات "اليونيفيل".
قبل أيام، كانت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنانيوانا فرونتسكا ووكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلامجان بيار لاكروا، قدما إحاطة إلى مجلس الأمن حول تنفيذالقرار 1701، حيث أكدت فرونتسكا الحاجة الملحة إلىتهدئة الوضع على طول الخط الأزرق، مشيرة إلى أن"التطورات التي شهدناها في الأسابيع الستة الماضيةتمثل أخطر انتهاكات للقرار منذ اعتماده"، ومشددة على أنالتنفيذ الكامل له يعد مدخلاً أساسياً لتحقيق السلام والأمنوالاستقرار في المنطقة.
على هذا الصعيد، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن الدعوات إلى التطبيق الكامل للقرار لم تتوقف في أيّلحظة، منذ تاريخ صدوره، لكن هذه المسألة كانت تصطدم بالعديد من العراقيل، خصوصاً من الجانب الإسرائيلي الذي لم يتوقّف عن خرقه، لكنّها في المقابل تشير إلى أنه في الأشهر الماضية كانت قد برزت بعض المؤشّرات على أن الولايات المتحدة تسعى إلى خطوة نوعية في هذا المجال، كان يتم التعبير عنها بالحديث عن الذهاب إلى الترسيم البري بعد إنجاز الترسيم البحري.
وفي حين تشير هذه المصادر إلى أن هذه المؤشرات لا تزال قائمة حتى الآن، لا سيما مع تكليف مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين، الذي تولى الوساطة في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، تولي الإتصالات مع الجانبين اللبناني والإسرائيلي لمنع توسع رقعة المواجهات الحالية، الأمر الذي تُرجم من خلال الزيارة التي قام بها إلى بيروت، قبل أن يقوم بأخرى إلى تل أبيب، ترى أن هناك نقطة مفصلية تكمن بالمواقف التي يعبر عنها سكان المستوطنات الإسرائيلية.
في هذا المجال، تدعو المصادر نفسها إلى التوقف عند ما أدلى به رئيس بلديّة كريات شمونة أفيخاي شترن، الذي لفت إلى أن "المستوطنين لن يعودوا الى منازلهم حتىيجري إبعاد عناصر حزب الله إلى ما بعد نهر الليطاني"، حيث توضح أنه من الناحية العملية هذا ما يتحدث عنه القرار 1701، بالرغم من أن شترن كان قد أشار إلى وجوب قيام الجيش الإسرائيلي بـ"عمليّة قاسية ورادعة"، وتلفت إلى أن المخرج قد يكون بالعودة إلى القرار.
في المحصّلة، يبقى السؤال الأساسي حول إستعداد تلأبيب للإلتزام بالقرار والإجراءات التي من المفترض أنتسبق ذلك، على أن يضغط الجانب الأميركي تحديداً في هذا الاتجاه، لكن في المقابل تعلو مخاوف بعض الأفرقاء اللبنانيين حيال الثمن.