مرّ التشريع المصرفي منذ بدايته بعدّة مراحل حتى وصل الى ما هو عليه، ويقول الخبراء في هذا المجال إنه يطبّق على الأزمات، بما فيها التي نمرّ بها اليوم، فالقاعدة القانونية هي مجرّدة ومسبقة، بينما يأتي اليوم أهل السياسية لسنّ قوانين جديدة، أقل ما يقال عنها إنها ذات صياغة تشريعية "ركيكة" وضعيفة، معتقدين أنه من هنا يبدأ حلّ الأزمة... ولكن الحقيقة أن تاريخ التشريع المصرفي مرّ بأربع مراحل أساسية، فما هي؟.

في العام 1963، وُضع قانون النقد والتسليف الذي يرعى تنظيم النقد ودور مصرف لبنان، وهو ركيزة كلّ ما يتعلّق بالجهاز المصرفي، وينظّم عمل المصارف وما يتعلّق بالأمور المصرفية.

في ستينيات القرن الماضي، شهد لبنان أزمة نقديّة كبيرة، تزامنت مع الأزمة المصرفيّة الأميركيّة التي حصلت في تلك الفترة، بحيث انخفضت القروض المصرفية في أميركا بشكل غير متوقّع، نتيجة للقرار المفاجئ الذي أصدره مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، في 10 أيار 1966، للتحكّم في احتياطي المصارف والحدّ من نموها.

في العام نفسه، أفلس بنك انترا بسبب ارتفاع أسعار الفائدة العالميّة، الذي بدأ في الولايات المتّحدة وأثّر في شكل كبير على النظام المالي اللبناني، وأدّى إلى خروج رساميل وودائع من لبنان. وتشرح مصادر مطلعة أنه على خلفية هذا الإجراء أتى قانون رقم 2/76 أو ما يسمى بـ"قانون انترا"، وهو مرتبط بتوقّف المصارف عن الدفع. ويُذكر في أسبابه الموجبة "النتائج العادية التي تترتب على توقف مؤسسة تجارية عن الدفع أو إفلاسها، أما في حالة المصارف تصبح غير عاديّة، نظراً لما لها من تأثير على الاقتصاد العام"، كما أن "التصفية قد لا تكون في صالح مجموعة الدائنين وقد لا تتم بناء على خطة تراعي أحوال بعض المؤسسات التجارية والصناعية"، لافتة الى أن "المصرف يجازف بالثّقة في القطاع الإئتماني في حال جازف بأموال ليست له".

بعدها، أتى القانون رقم 1991/110 أو ما يُعرف بإصلاح قانون الوضع المصرفي. وتشرح المصادر أنّه "تناول ملف المصارف المتعثّرة التي كثُرت أعدادها بسبب الحرب والأوضاع الاقتصاديّة الصعبة وصولاً الى إقفالها، ويتضمّن تعريف التعثّر ودرجاته"، وتضيف المصادر: "القانون الاخير يحمل رقم 1993/192 أو قانون دمج البنوك، والهدف منه هو تسهيل الدمج بين المصارف، كما ومعالجة أوضاع المتعثّرة منها ولكن ادارتها سليمة"، وهنا تلفت المصادر إلى أن "القانون يضمن الحفاظ على حقوق المودعين والعاملين في تلك المصارف ولكن من دون التأثير على السوق".

إذاً، هناك أربعة قوانين مصرفيّة أساسية وضعت، منذ العام 1963، بدءًا بقانون النقد والتسليف وصولاً إلى قانون دمج المصارف... ويؤكد الخبراء أنه لو طبقت تلك القوانين على الأزمة التي نمرّ بها لما وصلنا إلى ما نحن عليه، جازمين أن التشريعات المقترحة حالياً هجينة وليس هدفها اصلاح القطاع النقدي بل على العكس حماية البنوك.