الأوطان لا تبنى بالأديان، بل بالدستور والشرائع والقوانين. واحترام الدستور وتطبيق القوانين.

غريب أمر بعض رجال الدين المسيحيين، ذكورًا واناثًا يقومون بصلوات مشتركة بهدف التقارب. كلامي ليس تعصبًّا على الإطلاق، ومن يريد أن يضعه في خانة التعصّب تكون مشكلته هو وأنا منه براء.

ألا تكفي المحبّة والحضور لنعزّي الآخرين؟ لماذا هذه المغالاة الدينيّة التي لا أساس لها؟.

كنت مرة ضيفًا في حلقة تلفزيونية مع كاهن وشيخ محترمين على شاشة المستقبل، وكنت صريحًا وقلت: لا أريد أن أبني وطنًا على الدين، ولا أريد أن أبحث عن نقاط تلاقٍ جوهرية بين المسيحية والاسلام لأعيش بسلام مع أخي المسلم في وطن واحد، لأنّها إيمانيًّا وعقائديًّا غير موجودة، فالمسيحية تقول بتجسّد الله وأن المسيح هو ابن الله، والاسلام يكفّر هذا الأمر. وعلينا الاعتراف بذلك والاحترام المتبادل.

وقد قالها الشيخ المحترم بكامل الصراحة، معلنًا "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ۖ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ۖ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ" (سورة المائدة 72).

وقد شكرته على ذلك من عمق قلبي، وقلت، لنضع الدين جانبًا ونبني وطنًا على القانون والتربية والأخلاق والعلم والأدب والثقافة والفن الراقي وكل ما يلزم، لأن إيمان المسيحيين هو كفر للمسلمين، وما يقوله كتاب المسلمين عن الرب يسوع المسيح مرفوض عند المسيحيين جملة وتفصيلًا، لا بل هو هرطقة، إذ يسوع عند المسلمين مخلوق من تراب كآدم "إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ ۖ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (سورة آل عمران 58). واسم يسوع يعني الله يخلص وليس عيسى الذي بحسب علم اللغات أتى من اليونانية إيسوس.

والإسلام واضح: "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (سورة آل عمران 19).

أنا لا أهاجم أحدًا لا سمح الله، ولكن أقولها بصريح العبارة: دعوا الدين جانبًا ولنتقارب وطنيًّا، وإخلاصًا للبنان.

لماذا يجب أن يكون هناك بحث للتقارب بين المسيحية والإسلام لبناء وطن؟ هل مثلًا لو كانت الطائفة المقابلة مثلًا من السيخ، ماذا كنّا سنفعل؟ أو لو كانت الأكثرية ملحدة مثلًا ماذا كنّا سنفعل؟.

لنحترم إيمان بعضنا بعضًا وقدسيّته، ولا نضعه في حسابات بشريّة صرف.

ولأني مسيحي أقول: دعوا المسيح جانبًا، وأعطوا ما لله لله وما لقيصر لقيصر. ولا تقحموا يسوع والصلاة الربيّة في أمور لا علاقة لهما فيها. واحترام الآخرين يقوم على احترام الحقيقة كما هي.