لفت راعي أبرشية الموارنة في فرنسا والزّائر الرّسولي على أوروبا ​المطران مارون ناصر الجميل​، إلى أنّ "في 25 كانون الأوّل من كلّ عام، في أرض الأحياء، يحتفل المسيحيّون بعيد ميلاد الرب، ويتشاركون فرح مريم ويوسف، على وقع أوركسترا الملائكة المرنمة: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السّلام"! فالمغارة الّتي اختارها لميلاده ليست سوى المكان الدّافئ حيث يجتمع جميع أبناء البشر على وجه الأرض، وبخاصة أولئك الذين يشعرون بأن لا مستقبل لهم، ولا أمل، ولا حنان".

وركّز، في رسالة بمناسبة عيدَي الميلاد ورأس السنة، على أنّ "كل من يعاني من المرض والعزلة والتهميش، أو يرزح تحت مآسي الحروب العبثية التي لا نهاية لها، يمكن أن يشعر أن الرب يحبه. مع ذلك، يبدو أن ​عيد الميلاد​، من سنة إلى سنة، أصبح احتفالا بدون المسيح، إذ يقتصر على الشجرة والأضواء والألوان والوجبات الشهية ويختصر بالهدايا والاهتمامات المادية والسطحية".

وشدّد المطران الجميل، على أنّ "الأخوة التي من أجلها تجسد الإله، غدت أخوة بدون شراكة، تنقصها روح المحبة. وتسمعهم يتكلمون عن ​حقوق الإنسان​، لكن الفساد والظلم أصبحا القاعدة المتبعة في إدارة الشعوب على المستوى الدولي"، مبيّنًا أنّ "المعايير المزدوجة تتحكم بالقرار العالمي، الأمر الذي يتسبب بمذابح وضحايا بريئة. ولنقلها بصراحة: لقد تم تشويه عيد الميلاد في جوهره".

وسأل: "كيف نستعيد لعيد ميلاد المخلص فرحه الحقيقي، أي الفرح الذي يتجاوز العذابات المادية، والذي يسمو بالنفس بدلا من تغذية البطون فقط؟ فهذا ممكن إذا تبنت البشرية رسالة المغارة، وتأملت في وجه أمير السلام، فتولد من جديد الثقة والرجاء. إن فرح الميلاد حاجة يومية دائمة".

ودعا "في هذه المناسبة السعيدة، إلى أن نتشارك بهذه الأقوال المستوحاة من خبرة "الأب بيار" الفرنسي، التي من شأنها أن تساعدنا على الاحتفال بعيد الميلاد بشكل أفضل، معه نتمسك بقيمنا الإنجيلية، ونعلن بصوت عال: "حتى لو فقد الجميع الأمل، فنحن مستمرون في الإيمان، ولو أظهر الآخرون الكراهية، فنحن مستمرون في الحب. ولو دأبوا على التدمير، فنحن ماضون في العمران. وحتى في خضم الحروب، لا ننفك نعمل للسلام، وفي وسط الظلام، نستمر في الإنارة. ولو عبث الآخرون بحصادنا، فلن نتوانى عن الزرع، وحتى لو تغاضت السلطات الدولية عن إعلان الحقيقة، فسيعلو صراخنا دائما؛ راسمين البسمة على الوجوه الدامعة".

كما ذكر الجميل "أنّنا عندما نرى الألم والحزن، لا يسعنا إلا أن نوفر وسائل الراحة للمحتاج، وندفع باتجاه الفرح. وأخيرا، سندعو أولئك الذين قرروا التوقف في نصف المسيرة إلى السير، وسنمد يد العون لأولئك الذين يشعرون بالإرهاق"، موضحًا أنّ "متروك لكل واحد منا ليجد كيف يمكنه أن يختبر ميلاد الرب، ويتفاعل معه في حياته، طوال هذا العام الجديد 2024. ستتكرر الأحداث التي شهدناها في الماضي، وقد لا نستطيع التأثير على مسارها، إلا أنه يمكننا أن نغير طريقة مقاربتنا لها ومعالجتها".