منذ أن اندلعت الحرب بين المقاومة في لبنان واسرائيل، أصبحت منطقة الجنوب وبالأخص منطقة الشريط الحدودي الممتد عل طول 100 كلم منطقة حمراء خالية من الحياة، إذ تعمّدت المدفعية والطائرات الإسرائيلية قصف المنشآت الاقتصاديّة والإنتاجية وحرق الأراضي الزراعية والأحراش المعمرة، عدا عن تدمير البنية التحتية من مضخات الآبار الارتوازية ومشاريع الطاقة الشمسية ومزارع الدواجن والمواشي. كل هذا رتّب على الجنوبيين خسائر فادحة، وأفقدهم مصادر رزق كبيرة، اعتمدوا عليها لسنوات، وكانت تنذر باقتصاد واعد للمنطقة.

فعلى سبيل المثال تم إحراق بفعل القذائف الفوسفورية الإسرائيلية 24 هكتارًا من الزيتون، و22.8 هكتارا من أشجار الموز والحمضيات و343.9 هكتارا من أشجار السنديان، فضلا عن إتلاف مساحات واسعة من سهول القمح والعدس وغيرها من الزراعات بحسب تقرير نشره المجلس الوطني للبحوث العلمية.

هذه الأعباء الاقتصادية التي خلفتها الحرب، تضاف إلى الأزمة الاقتصادية التي لم يخرج اللبنانيون منها بعد، فهذه الحرب أدّت إلى تهجير 75000 مواطن من منازلهم في الجنوب، ونزوحهم نحو المناطق الداخليّة البعيدة عن الاشتباكات لدى أقاربهم أو بمراكز الإيواء التي فُتحت لاستقبال النازحين.

يشير الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين إلى أن الإحصاءات الأولية تشير إلى أن 380 وحدة سكنية أصبحت غير صالحة للسكن، و2500 وحدة تضررت تضررًا جزئيًّا وبحاجة إلى إصلاح، أما الخسائر الاقتصادية فهي كبيرة خاصة في منطقة الجنوب، فكل القطاعات الزراعية والتجارية والسياحية تضررت تضررا كبيرا، إذ تقدّر حصيلة الأضرار بـ7 مليون دولار يوميًا، وخلال 100 يوم من الحرب تكون الحصيلة 700 مليون دولار.

وتشير الإحصاءات الأولية التي جرت بعد مسح الأضرار في الجنوب خلال فترة الهدنة التي حصلت من 24 تشرين الثاني الماضي حتى صباح الأول من كانون الأول الماضي، إلى أن 20 مزرعة من المواشي والدواجن تم تمديرها، إضافة إلى تدمير عشر معامل للبلاط والحجارة ومعمل للألومينيوم، واليوم ومع استمرار هذه الحرب، فمما لا شك فيه أن هذه الأرقام ارتفعت، والخسائر أصبحت أكبر على المواطنين.

يؤكد شمس الدين أن مجلس الجنوب يقدم المساعدات لأصحاب المنازل المتضررة تضررا بسيطا ويقدم المساعدات للنازحين، والكلام اليوم عن الإعمار سابق لأوانه في ظل استمرار الحرب، إذ لا يمكن إعادة إعمار ما تم تدميره والحرب مستعرة.

ودائما يطرح السؤال عن إمكانية استعادة عافية الاقتصاد اللبناني بعد كل أزمة، هنا يؤكد شمس الدين أنه في حال توقفت الحرب فنحن بحاجة إلى وضع سياسي جيد، كانتخاب رئيس للجمهورية والبدء بمشروع الإعمار والأمور تتحسن عندها، ولكن ينبغي أولا أن تتوقف الحرب.

مما لا شك فيه فإن الحرب المشتعلة في الجنوب اللبناني، لها أثارها المدمّرة على الاقتصاد اللبناني عموما والاقتصاد الجنوبي على وجه الخصوص، فخسائر الجنوبيين تقدر بالملايين، حيث أن عشرات المؤسسات تدمرت تدميرا كاملا وجزئيا، والعديد من المؤسسات فسدت محتوياتها نتيجة انقطاع التيار الكهربائي لشهور كالعديد من متاجر المواد الغذائية، ويبقى الأمل بانتهاء هذه الحرب وعودة الأهالي إلى ديارهم، لإعادة ما تم تدميره، ولعودة الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى قرى الجنوب اللبناني.