تعتبر موازنة العام 2024، التي نوقشت وأقرت في المجلس النيابي الأسبوع الماضي، هي الأخطر، لناحية زيادة الضرائب والرسوم وتحميل الشعب اللبناني أعباء إضافية عن تلك التي يتحمّلونها، حتى إن البعض ذهب أبعد ليعتبرها أقرّت لإفقار الشعب في وقت هو يعاني، منذ العام 2019، من الإنهيار الذي دفع هو وحده ثمنه، لناحية إرتفاع سعر صرف الدولار وما تبعه من إنهيار إقتصادي، لتكتمل القصّة بحجز أمواله في المصارف... فهل يتحمّل المزيد؟.

في مجلس النواب، قامت الكتل النيابية بعراضات لمواقف سياسية، وبعض الأرقام. في هذا السياق تشير مصادر مطلعة إلى أن "اللافت بموازنة 2024 أنّها لا تحتوي أيّ شيء تم الاتفاق عليه مع صندوق النقد الدولي، بالاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه في نيسان 2022، كما أنها أيضاً لم تتضمّن ما يشير الى إعادة هيكلة الدين العام".

"رصيد الموازنة بين الإيرادات والنفقات الذي قدّمه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وهميّ". هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي ميشال فياض، لافتاً إلى أنه "إذا كان الإنفاق منخفضاً إلى هذا الحدّ، فإنّ الدولة ستخسر المزيد، مقارنة بالجهات الفاعلة غير الحكوميّة الأخرى والجمعياّت، وإذا كان الإنفاق أكبر من المتوقّع، فهذا يعني أنّ ميقاتي سيظل يفتقر إلى الشفافيّة، وسينفق دون ترخيص من خلال سلفٍ من الخزينة كما فعل في العام 2023"، ويضيف: "بأكثر من 3 مليارات دولار، يزن الإنفاق أقل من 20% ممّا كان يمثله عام 2019 (17 مليار دولار)، ويخصص بشكل رئيسي للإنفاق الجاري (86%)، في حين أنّ الإنفاق الاستثماري لا يمثل سوى نحو 9% مما كان وزنه سابقًا".

ويتطرق فياض إلى الاحتياطيات المالية، أو الأموال المخصّصة لتغطية الإنفاق المتوقّع وغير المتوقّع. ويشير إلى أنه "تمّ تخفيضها من 78 تريليون ليرة (871 مليون دولار، أو 26% من الإنفاق) إلى 20 تريليون (223 مليون دولار، أو 6.8% من النفقات)"، معتبراً أن "الحكومة كانت أبقتها عند مستوى مرتفعٍ بشكل غير طبيعي، لتتمكن من توزيع هذه الأموال كما تريد خلال العام، دون الحاجة بالعودة إلى البرلمان للحصول على موافقته".

في مقاربة لكل الأرقام التي تمّ عرضها، تؤكّد المصادر أنه "رُغم كلّ ما يحصل والكلام عن وفر مليار دولار أو غيره، وحتى ولو لم تتضمّن الموازنة أيّ شيء تمّ الاتّفاق عليه مع صندوق النقد، لا مفرّ من إتمامه مع الصندوق للنهوض في البلاد"، كذلك تحدثت المصادر عن أرقام الموازنة التي اعتمد فيها سعر منصة صيرفة، مشيرةً إلى أنه "لا مفرّ أيضاً من تغيير سعر الصرف الرسمي المعتمد الذي لا يزال 15 الف ليرة"، مختتمة بالقول "هي فقط مسألة وقت لا أكثر".

في المحصّلة، الموازنة تحمل سلّة ضرائب كبيرة، بينما الارقام التي قُدّمت، لناحية الايرادات والنفقات، في الموازنة "وهميّة"...