لفت رئيس الوزراء السّابق ​سعد الحريري​، إلى "أنّه اتخذ قراره بتعليق العمل السّياسي، حين أيقن أنّ الوجوه القديمة ستتكرّر بالمواقف والعقليّة نفسها. وتيار "المستقبل" كتيّار سياسي لن يتمكّن من تحقيق إنجازات، في حين أنّ الإنجاز هو أساس أهداف أيّ عمل سياسي"، مشيرًا إلى أنّه "إذا كان النّاس اليوم لا يزالون يستذكرون رئيس الحكومة الشّهيد ​رفيق الحريري​، فبسبب ما خلفه من إنجازات عديدة، كما بفضل نهجه المعتدل وانفتاحه على الجهات كافّة" .

وأكّد، خلال لقائه وفدًا كبيرًا من قطاع الشّباب والطلّاب في تيّار "المستقبل"، في بيت الوسط، أنّ "كلّ واحد وواحدة من هؤلاء الشّباب والشّابات هو مشروع رفيق حريري جديد للوطن، وهذا الجيل سيشهد تطوّرات في العالم لم تشهدها الأجيال السّابقة، لا سيّما من خلال التّطوّر التّكنولوجي الحاصل و​الذكاء الاصطناعي​ الّذي سيغيّر حياة الناس".

وركّز الحريري على أنّ "​لبنان​ لا بدّ أن يصل في لحظة من اللّحظات إلى الاستقرار المنشود، لذلك يجب أن يكون الجيل الشّاب في هذا البلد حاضرًا لمواكبة كلّ تطوّر"، ورأى أنّ "المرحلة الّتي يمرّ بها لبنان حاليًّا، ترقى إلى كونها مرحلة جنون سياسي، حيث كلّ فريق يعتقد نفسه أكبر من بلده ويتشبّث بمواقفه السّياسيّة".

وبيّن أنّ "بالمقابل، كانت طريقة عملي شخصيًّا في السّياسة مختلفة. فقد أجرينا ربط نزاع مع "​حزب الله​" وتعالَينا على كلّ الخلافات الّتي كانت تحصل مع باقي الأفرقاء، وحرصنا على عدم إظهار هذه الخلافات إلى العلن، وكنت دائمًا آخذ الأمور في صدري وأحاول أو أسيّر شؤون البلد، لأنّ واجبي كان تسيير شؤون البلد وتطوير الاقتصاد، وتحسين عمل المؤسّسات الّتي تقوم عليها الدّولة وإجراء الإصلاحات اللّازمة؛ وليس التّشبّث بمواقفي السّياسيّة".

كما أوضح أنّ "هذا كان تركيزي، ولم أكن أهتمّ أبدًا لما يُقال في حقّي، لأنّ همّي الأساسي كان تحقيق الإنجازات والإصلاحات. ولكن للأسف، العقليّة الموجودة أوصلتني إلى مكان تعبت فيه أن أقول إنّي لم أستطع أن أُنجز، لذلك قرّرت تعليق العمل السّياسي"، منوّهًا إلى أنّه "ربّما اكتشف اليوم النّاس ما الّذي كنت أتعرّض له من محاولات تخوين، أو اتهامات تُطلق جزافًا بحقّي".

وشدّد الحريري على "أنّني لو بقيت في العمل السّياسي، كنت سأكون مضطرًّا لأفاوض من جديد وأقوم بالتّسويات وأتحمّلها أنا وحدي، وفي النّهاية تقع عليّ كلّ المسؤوليّة. أمّا اليوم، الجميع يقول إنّه يحبّ سعد الحريري. لذلك قرّرت أن أبتعد وأترك النّاس ترى الحقيقة".

وذكر أنّ "تيّار المستقبل بقي منكفئًا خلال السّنتين الماضيتين، أمّا الآن فسنكثّف عملنا أكثر، ليس في الأمور السّياسيّة، وإنّما نؤكّد أنّ محاولة التّضييق على المحسوبين على "المستقبل" في الدّولة وغير الدّولة، لن نسكت عليها مطلقًا".

وأعلن "أنّنا سنقف في وجه كلّ من يتّجه نحو ​التطرف​، فهذا من المحرّمات لدينا"، معتبرًا أنّ "الاعتدال هو الأساس، وبالاعتدال يمكنك أن تدير بلد، أمّا بالتّطرّف الّذي نراه فلا يمكن أن نصل إلى أيّ مكان"، مشيرًا إلى أنّ "كلًّا منهم يعتقد أنّ موقفه المتّطرّف هو الصائب فقط، وخير دليل على هذا التّطرّف هو ما نراه في ​الحكومة الإسرائيلية​، وهو ما أدّى إلى ما تقوم به من مجازر وقتل للأطفال والأبرياء".

وأضاف الحريري: "أنتم تيّار الاعتدال، وهذا ليس ضعفًا، وتيّار "المستقبل" لن يسمح بأيّ نوع من أنواع التّطرّف، بل تطرّفنا هو للاعتدال وللبنان فقط لا غير، ومن هنا التمسّك بشعار "لبنان أوّلًا"، وأنا أعتمد عليكم من أجل بناء مستقبل لبنان المزدهر".

وتوجّه إلى المشاركين، قائلًا: "حضوركم في بيت الوسط وقبل أيّام على ضريح رفيق الحريري "بكبّر القلب"، ويؤكّد أنّ الجيل الشّاب في لبنان لا يزال يسعى نحو مستقبل أفضل للبلد".

وكان الرئيس الحريري قد التقى رئيس أساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للرّوم الملكيّين الكاثوليك المطران إبراهيم مخايل إبراهيم، الّذي أوضح على الأثر "نّه قدّم التّعزية للحريري في الذّكرى الـ19 لاغتيال رفيق الحريري، و"أنّها كانت مناسبة لعرض أوضاع زحلة والبقاع، كما أطلعناه على الجهود الدّائمة لتعزيز خطّ الاعتدال والانفتاح والعيش الواحد الّذي تميّز به لبنان بشكل عام والبقاع بشكل خاص، وهو ما يعكس تضامن اللّبنانيّين وتعاونهم للتّغلّب على التّحدّيات الّتي يواجهها البلد".

ثمّ استقبل الرّئيس العام للرهبانيّة الباسيليّة المخلصيّة الأرشمندريت أنطوان ديب، وعرض معه للأوضاع العامّة.

كما التقى رئيس المعهد الفنّي الأنطوني في الدّكوانة الأب شربل بو عبود، وجرى البحث في الشّؤون العامّة.

من جهته، لفت رئيس مجلس الإدارة المدير العام لمصرف الإسكان أنطوان حبيب، بعد لقائه الحريري، إلى "أنّنا أتينا إلى بيت الوسط، ذلك البيت العزيز على كلّ اللّبنانيّين، لكي نضع الحريري في أجواء عمل المصرف، ولا سيّما بالنّسبة لقرض الصندوق العربي للتّنمية الاجتماعيّة والاقتصاديّة بمبلغ 50 مليون دينار كويتي، وسيُدفع على مدّة خمس سنوات لذوي الدّخل المحدود بقيمة 50 ألف دولار و40 ألف دولار لذوي الدّخل المتوسّط".

وأفاد بـ"أنّنا أطلعناه أيضًا على الاتصالات الّتي أجريناها مع صندوق أبو ظبي للتّنمية، وقد لمسنا منه الدّعم للحصول على قرض ثان في هذا الإطار، بعد أن كان المصرف قد حصل قبل عشرين سنة على قرض بقيمة 30 مليون دولار"، معربًا عن أمله بأن "نحصل على هذا القرض بدعم من الحريري، وبعدها سنتوجّه إلى بقيّة الصّناديق العربيّة لإعطاء ذوي الدّخل المحدود والمتوسّط ما يحتاجونه من قروض إسكانيّة".

وركّز على "أنّنا شكرنا الحريري كذلك، فمن خلاله وقبله والده رفيق الحريري، تمّ تسهيل أمورنا مع الصّندوق العربي، ومن ثمّ بدأت الصّناديق العربيّة تعطي مصرف الإسكان القروض، ونأمل أن يستمرّ في دعمنا في موضوع قرض صندوق أبو ظبي. كما نوجّه التّحيّة لرئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، الّذي كانت له أيضًا مساهمته في هذا الإطار".

إلى ذلك، استقبل الحريري وفدًا من حزب "الرامغافار" برئاسة رئيس الحزب أواديس داكسيان، وحضور النّائب السابق هاغوب قصارجيان. بعد اللّقاء، أوضح داكسيان أنّ "الزّيارة تأتي لتأكيد دعم الحزب الدّائم للحريري، والقائم منذ أيّام رفيق الحريري".

بعدها، التقى محافظ بعلبك الهرمل بشير خصر، الّذي أكّد بعد اللّقاء "أنّه نقل إلى الحريري ارتياح المواطنين لوجوده في لبنان واشتياقهم له، بالإضافة إلى إجراء جولة أفق حول أوضاع منطقة بعلبك الهرمل".

واجتمع أيضًا مع وفدا من "لقاء التوازن الوطني" برئاسة رئيسه صلاح سلام، الّذي نوّه بعد اللّقاء، "أنّه أكّد للحريري أنّ غيابه أحدث خللًا في المعادلة الوطنيّة، بسبب فقدان المرجعيّة السّنيّة، ومن هنا المطالبة بعودته سريعًا".