أعلنت وزارة الصحّة العامة، بالشراكة مع "اليونيسيف"، وبتمويلٍ من "الوكالة الأميركيّة للتنمية الدوليّة"، في بيان اليوم، عن "تفعيل البرنامج الشامل لتزويد الملح باليود (يودنة الملح) بهدفِ الحدّ من الإضطرابات الناجمة عن نقص اليود، والحفاظ على رفاه ونمو الأطفال والسكان في لبنان".

ولفت البيان الى انه "في الأعوام الأخيرة، على أثر إشتداد الأزمة الإقتصادية المتمادية في لبنان، وما رافقها من إنقطاع آليات ضمان الجودة والإشراف على معالجة الملح باليود، كان متوقعاً تراجع جودة برنامج يودنة الملح، وحاجة الهيئات العامة والخاصة الى بذل جهود مضاعفة للوفاء بالمسؤوليات والحفاظ على جودة تطبيق البرنامج العالمي لإضافة اليود الى الملح في لبنان، الذي يعدّ الإستراتيجيّة الأكثر فعاليّة لمعالجة تأثير عدم كفاية اليود على الصحّة العامة. حالياً، يتمثّل الهدف في لبنان في تحقيق الإمتثال التنظيمي للمعايير الوطنية لـ "يودنة الملح" وإعادة تنشيط آليات مراقبة الجودة في إنتاجه وفي تصنيع الاغذية، مما يعزّز تطبيق جودة معالجة الملح باليود في البلاد".

وشدد وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الاعمال الدكتور فراس الأبيض على أهمية الوقاية في مجال الصحة. وقال: "إن الوقاية ضرورية لا بل هي ثقافة عالمية تتجلى في العبارة المتوارثة "درهم وقاية خير من قنطار علاج". إن أهمية الوقاية تنعكس خصوصا في فترات الأزمات وتقلص الموارد. فعندما تهمل المشاكل تصبح أكثر كلفة فلا تستطيع دول ومجتمعات معينة إيجاد الحلول لها. لذلك، يرتدي اجتماعنا اليوم أهمية كبرى. إن نقص اليود يؤدي إلى مضاعفات صحية خطرة مثل تراجع نسبة النمو العقلي وغيره من الأعراض ما سيترك انعكاسات سلبية على المجتمع. فالوقاية من هذا الأمر أساسية إضافة إلى ضرورة الحصول على المعلومات الموثوقة في هذا المجال لتقرير الخطورات الضرورية".

وأبدى الأبيض ارتياحه "للمعلومات الموجودة حول التأثيرات الصحية لـ"يودنة الملح"، منوهًا بشكل خاص "للدراسة التي تجريها LIMA بهذا الخصوص لأنها ستشكل إضاءة حول الواقع وإذا ما كان متصلا بالتغذية أم بمشاكل صحية أخرى". ولفت إلى "إقرار استراتيجية وطنية للتغذية ستتيح توحيد الجهود والمشاريع تحت مظلة واحدة لتحقيق الفائدة الأكبر منها"، مشددا على "أهمية التنسيق بين القطاعات كافة، العام والخاص والجمعيات الأهلية والشركاء الدوليين: اليونيسيف، منظمة الصحة العالمية، ومفوضية اللاجئين، إضافة إلى الجامعة الأميركية وغيرها من الشركاء لإرساء السبل الفضلى لتحقيق الأهداف المرجوة، علمًا بأن المسألة لا تتصل فقط بوضع الخطط والاستراتيجيات بل التأكد من أن تطبيقها يتم في الاتجاه المطلوب. ويصح ذلك في موضوع "يودنة الملح" كما في مختلف المواضيع المتعلقة بتحسين الواقع الصحي في لبنان، ويتعدى ذلك إلى كيفية معالجة أزماتنا الوطنية كافة".

واشار البيان إلى أن "عدم كفاية توافر اليود في الجسم يمكن أن يؤدي على سبيل المثال أثناء الحمل الى ضعف في دماغ الجنين، ما يتسبّب بانخفاض في معدل ذكاء الطفل بنسبة 8 الى 10 نقاط. الى ذلك، قد يؤدي النقص المعتدل لدى الأطفال الذين هم في عمر الدراسة الى إنخفاض في معدل الذكاء لديهم بنسبة 3 الى 5 نقاط. في الأدلة العالميّة، ثبُت أن دمج كميات ضئيلة من اليود في الملح قد يُشكّل حلاً فعّالاً من حيث التكلفة لهذه المشكلة. فمن شأن كلّ دولار يتمّ إستثماره في حماية النمو المعرفي لدى الاطفال من خلال إضافة اليود الى الملح، له تأثير كبير تناهز نسبته الـ 30 دولاراً".

وقالت مديرة "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" في لبنان، جولي ساوثفيلد: "تفتخر الولايات المتحدة بدعمها "اليونيسيف" ووزارة الصحة العامة في المسعى الضروري لإعادة تفعيل برنامج معالجة الملح باليود في لبنان. نبقى ملتزمين بالمساعدة في تلبية احتياجات لبنان الإنسانية وتعزيز أهدافه التنموية، ونلتزم بالتوافق مع الوزارة واليونيسيف، بضمان حصول كل طفل على فرصة للنجاح والازدهار".

بدوره، قال ممثل اليونيسيف في لبنان إدوارد بيجبيدر : "إنّ العناصر الغذائيّة التي يتلقاها الطفل في السنوات الأولى من حياته تؤثر على نموّ دماغه مدى الحياة. من شأن طبيعة تلك العناصر تحسين فرصته في تحقيق مستقبل مزدهر أو القضاء على ذلك. "اليونيسيف" تلتزم منذ العام 1995 بدعم لبنان في تنفيذ المشروع العالميّ لإضافة اليود الى الملح. وهو ما قد يحمي نمو الأطفال ورفاهيتهم". أضاف: "في الأعوام الاخيرة، أثّرت الأزمة الإقتصادية على فعاليّة إجراءات معالجة اليود في لبنان، فضلا عن الحاجة الى توجيهات شاملة للمصنعين، اليوم، بفضلِ التمويل السخي من "الوكالة الأميركيّة للتنميّة الدولية" و"اليونيسيف"، بالتعاون مع وزارة الصحّة العامة ووزارة الإقتصاد والتجارة في لبنان والجامعة الأميركيّة في بيروت وشبكة اليود العالميّة، نعمل على تنشيط المشروع العالمي ليودنة الملح وتفعيله في لبنان".

وقال رئيس قسم التغذية والعلوم الغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت ومنسّق IGN في لبنان الدكتور عمر عبيد : "يُعتبر نقص اليود مشكلة صحيّة عامّة ظهرت آثارها في لبنان منذ أوائل الستينيات. في العام 1971، فرضت الدولة وجوب إضافة اليود الى الملح كتوصية، لكنها واجهت تحديات جمّة في التنفيذ بسبب عدم الإستقرار وعدم كفاية المراقبة. حالياً، يتمتع لبنان بفرصة مميزة لتعزيز مستويات اليود لديه، نظراً الى أن غالبية إنتاج الملح يتركّز في عدد قليل من المصانع".

واوضح البيان انه "وطنياً، تعود أحدث البيانات المتاحة الى الفترة التي تتراوح بين عامي 2013 و2014. وبالتالي، لتحديث البيانات، نفذت وزارة الصحّة العامة عام 2023، بدعم من "اليونيسيف" وعدد من شركاء التغذية، المسح الوطني الأوّل للمغذيات الدقيقة، والقياسات البشرية، ونمو الأطفال (LIMA) في لبنان. النتائج الأوليّة للمسح دلّت الى أن نحو 90 في المئة من ملح الطعام المستخدم في المنازل اللبنانية غير معالج باليود بشكلٍ كافٍ. أبعد من ذلك- وهو ما شكّل صدمة- تبيّن أن ثلث ملح الطعام الناعم المستخدم غير معالج باليود بتاتاً. وبالتالي، فإن الفتيات والنساء اللواتي يعشنّ في أسرة لا تستخدم الملح المعالج باليود بشكل كاف- أو لا تستخدمه على الإطلاق- يعانينّ من نقصٍ كبير في اليود مع ما ينجم جراء ذلك من تبعات".

وختم: "بفضلِ الجهود الجماعية التي تبذلها الحكومة اللبنانية والمصانع و"اليونيسيف" و"الوكالة الأميركيّة للتنميّة الدولية" والجامعة الأميركية في بيروت وIGN، نحن نتجه في المسار الصحيح، وعلى وشك أن نكون قادرين على ضمان تناول جميع الأطفال في لبنان اليود بشكلٍ مستدام. هو خبرٌ سعيد في زحمة المشاكل التي تلبّد سماء لبنان".