في انتظار التحرك الجديد المُرتقَب لسفراء "اللجنة الخماسية"، والتحرك المنتظر أيضًا لتكتل "الاعتدال الوطني" في جولته الثانية لشرح آليات مبادرته الرئاسية، علمت صحيفة "الجمهورية" انّ "رئيس مجلس النواب نبيه بري تلقّى بعد ظهر أمس اتصالاً هاتفياً من الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، جرى خلاله البحث في ضرورة الحوار والتوافق من اجل انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن، لمواجهة التحديات المتراكمة على اكثر من صعيد. وقد وصف الاتصال بأنه في إطار مواكبة المساعي الديبلوماسية لإيجاد حل رئاسي".

تكتل الاعتدال

من جهتها، أشارت مصادر نيابية مستقلة لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "مبادرة تكتل "الاعتدال" في الشكل الذي طرحت فيه لا تؤدي الى انتخاب رئيس للبلاد، بدليل موقفَي بري ووزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري منها، وعدم رَد "حزب الله" حتى امس على المبادرة"، لافتةً إلى "أنّنا لا نتوقّع نجاح المبادرة بل لعلها انتهت عملياً، حتى الذين أعلنوا موافقتهم عليها من حيث المضمون العام اعترضوا على الآلية التنفيذية المطروحة".

للسفراء الخمسة لغاتهم... ولبرّي شـروطه

في السّياق، اعتبرت صحيفة "الأخبار" أنّ "أفضل ما صار يمكن ان يُنعت به سفراء الدول الخمس المهتمة بانتخاب رئيس للجمهورية، تلبْننها. على صورة البلد الذي تتوسط بين افرقائه وتنيط بنفسها مهمة تعجيزية لا يريدها هؤلاء، ولا هي قادرة على الاستقلال بها وختمها. على صورته، اضحت منقسمة على نفسها. كلٌ من سفرائها، الاميركية والفرنسي والسعودي والمصري والقطري، يتكلم لغته في مقاربة انتخاب الرئيس، دونما تمكّنه من التقاطع مع زملائه سوى على عناوين واحدة يصعب فكّ ألغازها، ولا تفضي حتماً الى وصول رئيس للبنان هي المواصفات المثالية لمرشح يصلح لأن يقبل به اللبنانيون جميعاً".

وذكرت أنّ "لغات السفراء هؤلاء حملوها الى اجتماعهم برئيس البرلمان نبيه برّي في المرة الاخيرة في 30 كانون الثاني الفائت. في ذلك الاجتماع الذي استمر ساعة، تحدّث السفراء العرب الثلاثة بلغتهم الأم العربية، والاميركية بلغتها الأم، وكذلك الفرنسي. آخر المتكلمين كانت السفيرة ليزا جونسون مخاطبة رئيس المجلس: "لا اعرف ماذا تكلم زملائي، لكننا متفقون على ألا نسمّي مرشحاً محدداً لرئاسة الجمهورية، وان نكتفي بتحديد المواصفات ونترك للبنانيين ان ينتخبوا من تلقائهم رئيساً، ولا نتدخّل في شأن داخلي".

وأفادت "الأخبار" بأنّ "المعلوم ان جونسون لا تلمّ بالعربية، والسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو بالكاد يفك حروفها. اما برّي، ففهم على الجميع ما كان يتوقع ان يدلوا به امامه، لذا لم يصعب فهم كلامه مرة بعد اخرى بعد اجتماع 30 كانون الثاني، كما من قبل اجتماع السفراء في السفارة السعودية في 25 كانون الثاني، ثم اجتماعهم في السفارة القطرية قبل ايام في 7 آذار، انهم في حاجة الى مَن يصلح ما بينهم من فرط تباين آرائهم".

وركّزت على أنّ "ردّه كان اكثر وضوحاً، وفي الوقت نفسه اكثر استعصاء، في الواقع، في العثور على مَن تنطبق عليه مواصفات كالتي اورد، عاكساً وجهة نظره في شروط خمسة للرئيس المقبل هي:

"- ان يكون مقبولاً من المسيحيين.

- ان يكون مقبولاً من الموارنة.

- ان لا يطعن المقاومة في ظهرها.

- ان يكون ذا علاقات عربية تساعد على استجلاب استثمارات الى لبنان وانهاض اقتصاده.

- ان يكون ذا علاقات دولية تساعد على ضمان سيادة لبنان".

وبيّنت أنّ "رئيس المجلس حدد المواصفات هذه، بينما يتمسك وحزب الله بترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية"، مشيرةً إلى أنّ "المجتمعين بمَن فيهم برّي، أكّدوا الرغبة العاجلة في الوصول الى انتخاب رئيس، دونما ان تنشأ بينهم لغة واحدة مشتركة تقود بالفعل الى الاستحقاق الدستوري وتنجزه اخيراً".

كما رأت أنّ "معضلة الدول الخمس كمعضلة الكتل النيابية اللبنانية العاجزة عن التوافق على تصوّر موحد لمرشح يصلح لأن يقود المرحلة المقبلة، وفي الوقت ذاته عجْز كل من الاصطفافين القائمين منذ الجلسة الاولى في ايلول 2022 حتى الجلسة الاخيرة في حزيران 2023، عن فرض انتخاب مرشح كل منهما".

وأضافت الصحيفة: "السفراء الخمسة يختلفون كذلك على الدور المعطى الى الموفد الفرنسي الخاص جان ايف لودريان. ما تقوله السفيرة الاميركية امام محدّثيها اللبنانيين امران مهمان:

- اولهما، تعويلها على ممارسة ضغوط على النواب اللبنانيين المختلفين في ما بينهم على انتخاب الرئيس وتعطيل الاستحقاق، دونما ان تحدد الوسيلة التي يمكن الضغوط هذه ارغام النواب على الذهاب الى انتخاب الرئيس.

- ثانيهما، تحفّظها عن زيارة يتردد ان لودريان يعتزم القيام بها لبيروت في سياق مهمته التوفيق بين الافرقاء اللبنانيين على انتخاب الرئيس. حجة جونسون ان مهمة الموفد الفرنسي منوطة حالياً بالسفراء الخمسة الذين يتحركون جماعياً وفرادى في نطاق دورهم، قبل ان تضيف وهي تمنح فرصة تلو اخرى لنفسها ولزملائها: "اذا فشلنا في المطلوب منا نستعين بمديرينا"، في اشارة الى الموفد الفرنسي الخاص ونظرائه في الدول الاربع الاخرى".

دينامية "الخماسية" المستجدة: رئيس للمرحلة الثانية من الحرب!

على صعيد متّصل، لفتت "الأخبار" إلى أنّ "بعد ساعات من بدء عملية "طوفان الأقصى"، كانت الدبلوماسية المصرية بين أول المتصلين بـ"حزب الله"، لحثّه باسم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على "الاحتواء وعدم توسيع الإسناد"، موضحةً أنّه "إذا كان ثبات القاهرة أمام الضغوطات لفتح معبر رفح باتجاه واحد للاجئين الفلسطينيين، حال حتى اليوم دون إفراغ قطاع غزة من أهله كما يرغب الإسرائيليون، إلا أن أحداً لا يملك ضمانات أو تصوّراً نهائياً عما سيحصل بعد الهجوم الإسرائيليّ الموسّع المنتظر على جنوب غزة".

وذكرت أنّ "في المشهد الإقليمي المفتوح على كل أشكال التحوّلات، حيث ما من شيء ثابت ونهائي بالنسبة إلى الأميركي والأوروبي والإسرائيلي والخليجي، لا يكاد يغادر موفد أممي مطار بيروت حتى يصل آخر، وما إن يودّع مطارُ الدوحة مسؤولاً لبنانياً حتى يستقبل آخر، فيما على الأجندة بند وحيد: أمن إسرائيل بعد "الانتهاء" من غزة".

وشدّدت الصّحيفة على أنّ "الإسناد الأميركي لإسرائيل في ما يتعلق بلبنان، لا يقتصر على المال والسلاح والتكنولوجيا الأمنية، بل يتجاوزها إلى الضغط الإعلامي والسياسي والدبلوماسي. صحيح أن أحداً لا يرفع شعار نزع السلاح مثلاً كما كان قبل أكثر من عشر سنوات، غير أن الهدف المرحلي هو: انتخاب رئيس. تريد الولايات المتحدة انتخاب رئيس أولاً، بما يسمح باستعادة الحد الأدنى من التوازن السياسي الذي خسره خصوم الحزب بالكامل، حين أخرجوا أنفسهم من دائرة صناعة القرار السياسي الرسمي".

وأفادت بأنّه "إذا كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أنّب قبل ثلاث سنوات رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس حزب "الكتائب" سامي الجميل لإضاعتهما وقته في قصر الصنوبر بعناوين، كسلاح "حزب الله"، لا قدرة لهم على التأثير فيها، يحدّد الأميركي لخصوم الحزب اليوم عنواناً يمكن تحقيقه: انتخاب رئيس. وهو ليس هدفاً بحدّ ذاته، إنما وسيلة تسمح للأميركي بالتقدّم براحة أكبر إلى المرحلة الثانية من الحرب، المتعلقة بالحدود اللبنانية الجنوبية".

كما ركّزت على أنّ "واحدة من العثرات التي تسعى الولايات المتحدة إلى حلها، تكمن في عدم وجود سلطات سياسية موثوقة في البلد، كما في عام 2006، تساند الضغط الأميركي وتحاول أن تضمن الاتفاقات. من هنا تأتي دينامية "الخماسية".

وبيّنت "الأخبار" أنّ "رغم الهموم المصرية، ينشغل السفير المصري في لبنان بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. ورغم ما تواجهه "حماس"، لا يسأل الموفدون القطريون عن أوضاع الحركة في لبنان أو عن الجبهة الجنوبية، بل عن انتخاب الرئيس. وقد لا يُستبعد أن يصحو مجلس الأمن من سباته، ليصدر بيان دعم وتأييد لمبادرة كتلة "الاعتدال".

وكشفت المعلومات، بحسب الصّحيفة، عن "نية "الخماسية" طلب موعد جديد من بري، لتستوضح بضع نقاط، بما فيها ما يقوله أحد السفراء الخمسة عن موافقة رئيس المجلس على كل من سفير لبنان السابق في الفاتيكان العميد المتقاعد جورج خوري، والمدير العام للأمن العام الياس البيسري، قبل أن ينطلقوا في جولة سريعة على المرجعيات الروحية والسياسية المسيحية".