في ظلّ غياب المؤشّرات على أي حلحلة جدية على صعيد الملف الرئاسي، شدّد مصدر وسطي بارز، في تصريح إلى صحيفة "الجمهوريّة"، على أنّ "بكل صراحة، اقول في هذه العصفوريّة، صار خوفي كبيراً على الدولة وعلى الطائف وعلى النظام وعلى الاستقرار العام، إنّ استمرار الوضع على ما هو عليه سيؤدي الى نسف كل شيء".

حلبة استثمار جديدة

وكشفت معلومات موثوقة لـ"الجمهوريّة"، عن "نصائح أسدتها دولة عربية في الايام الاخيرة، اكّدت فيها أنّ على اللبنانيين ان يدركوا جيداً انّ ثمّة مخاطر كبيرة جداً قد تترتب على ربط الملفين الأمني والرئاسي ببعضهما البعض، والعامل الزمني قد يلعب دوراً يفاقم السلبيات والأعباء القائمة، ما يوجب المسارعة الى محاولة فك هذا الارتباط بالسرعة الكلية".

وأوضحت أنّ هذه النصائح اقترنت بتحذير من "أي محاولة للانتقال بالملف الرئاسي الى حلبات استثمار جديدة"، معتبرةً أنّ "هذا الامر قد تترتب عليه عواقب غير محدودة". ولفتت المعلومات، إلى أنّ "ما أوجب هذا التحذير، هو مضمون تقارير تفيد عن انّ بعض المكونات المعنية بالملف الرئاسي، بدأت تراهن على متغيّرات في مرحلة ما بعد الحرب، ووقائع جديدة في المنطقة وفي لبنان، قد تتيح لها ما تعتبره حسم الانتخابات الرئاسية لمصلحتها".

نتائج الحرب كارثية

في هذا المجال، ذكرت "الجمهورية" أنّه نُقل عن مسؤول عربي كبير، قوله خلال جلسة نقاش حول الوضع الرئاسي في لبنان، إنّ "الحرب صعبة، وظالمة للشعب الفلسطيني، واكبر محرقة في التاريخ للشعب الفلسطيني في غزة. يجب ان تتوقف هذه الحرب، وخصوصاً انّ نتائجها اياً كانت فهي كارثية".

وأكّد "أنّنا الى جانب الشعب الفلسطيني، ونقف مع الاخوة في لبنان، ونسعى مع الدول الصديقة الى احتواء التصعيد في جنوب لبنان، وإعادة احلال الامن والاستقرار في هذه المنطقة. ونؤكّد في هذه المناسبة على اخوتنا في لبنان أن يراهنوا فقط على مصلحة لبنان، فالحرب اياً كانت نتائجها، فهي كارثية".

وحول الملف الرئاسي، نُقل عن المسؤول العربي قوله ايضاً: "لقد تواصلنا مع كل الأفرقاء، واكّدنا للأخوة اللبنانيين أنّ الحل الرئاسي بأيديهم، ولا احد في الخارج يستطيع ان يفرض عليهم رئيسهم، ولا احد يمكن ان ينوب عنهم في اختياره، وذلك يتحقق بتوسيع ساحات التشاور والنقاش. ونحن من جهتنا سنبذل كل جهد ممكن لتقريب وجهات النظر بين السياسيين، توصلاً لإتمام استحقاق رئاسي بقدرٍ عالٍ من التوافق في بينهم. ولكن حتى الآن، ما زالت هناك عقبات لا يُستهان بها، واؤكّد انّها عقبات من الداخل اللبناني، وليست من اي مصدر في الخارج".

وركّز على "أنّنا نعي حجم ما يتهدّد المنطقة من مخاطر، وبالأخص لبنان. ولذلك سنستمر بهذا التواصل مع كل الأفرقاء في لبنان، من موقعنا سواءً في اللجنة الخماسية، او في مجالات اخرى، وما نأمله هو ان تثمر مساعدتنا تجاوزاً لكل العقبات؛ وبتّاً بصورة عاجلة لملف رئاسة الجمهورية برضا كل الجهات".

ما معنى الخيار الثالث؟

في السّياق، أفادت معلومات موثوقة لـ"الجمهورية"، بأنّ "في موازاة تأكيد اصحاب المبادرات الرئاسية، ولاسيما اللجنة الخماسية على عدم تبنّي اي مرشح لرئاسة الجمهورية، او وضع "فيتو" على أي مرشح، فإنّ النقاشات الداخلية المرتبطة بهذه المبادرات تتداول في مجموعة قليلة من الأسماء (رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، قائد الجيش العماد جوزف عون، والمدير العام بالإنابة اللواء الياس البيسري والعميد جورج خوري) دون التطرّق الى اسماء اخرى مثل الوزير جهاد ازعور".

وأشارت مصادر المعلومات، الى انّ "هذه النقاشات أبرزت استمرار تمسّك ثنائي حركة "أمل" و"حزب الله" بفرنجية، في موازاة نقاشات تركّز على تحديد ما هو "الخيار الثالث" الذي يدعو اليه بعض الأفرقاء، ويلقى حماسة من داخل اللجنة الخماسية، اي هل هو الخيار الثالث شخصية غير جهاد ازعور، على اعتبار انّه كان مرشح تقاطعات وليس مرشحاً ثابتاً، ووضعه قد حُسم وخرج من نادي المرشحين بعد جلسة الانتخاب الاخيرة؟ وهل هو خيار ثالث غير فرنجية وعون، او هل هو خيار ثالث خارج كل الاسماء المطروحة؟"، مبيّنةً أنّ "حتى الآن، ما يُسمّى بالخيار الثالث ليس محل توافق، بل لا يوجد تعريف او توصيف له، وليس موجوداً في قاموس الثنائي".

القطريون بحثوا مع معاون بري انتخاب "أي مرشح" خلال الهدنة

على صعيد متّصل، علمت صحيفة "الأخبار"، "رغم التكتم الشديد الذي أحاط بزيارة المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل إلى الدوحة، الأسبوع الماضي، أنها أتت تلبية لدعوة رسمية من الدوحة، التي ستوجّه دعوات مماثلة لمسؤولين لبنانيين آخرين؛ من بينهم النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل".

وكشفت معطيات الصحيفة أنّها "كانت دعوة مرتبطة بقناعة قطرية بالتوصل الى هدنة في غزة قبل شهر رمضان الحالي. وشدّد مسؤولون قطريون أمام خليل، على "ضرورة ضبط الجبهة الجنوبية وعدم ترك الأمور تذهب الى التصعيد، أو تأخذ منحى دراماتيكياً مهما وسّع العدو الإسرائيلي دائرة استهدافاته، في انتظار دخول الهدنة في غزة حيّز التنفيذ، لأن العمل جارٍ بشكل جدّي كي تنسحب الهدنة في غزة وقفاً لإطلاق النار في لبنان، من دون الدخول في تفاصيل الترتيبات الأمنية على الحدود".

وأوضحت مصادر "الأخبار"، أن "القطريين ناقشوا مع خليل إمكانية تحريك الملف الرئاسي والحوار بين مختلف الأفرقاء، لافتين إلى أن الهدنة يُمكن أن تكون فرصة لانتخاب رئيس باتَ ضرورةً ربطاً بالتطورات في المنطقة والتحديات المفروضة على لبنان".

وركّزت على أنّ "القطريين أكدوا أنهم لا يعملون لتسويق أي إسم للرئاسة، وأنهم مع أي اسم مرشح يتفق عليه الأفرقاء السياسييون اللبنانييون"، معتبرةً أن "الزيارة لم تحقق ما يمكن البناء عليه، وخصوصاً بعد تعثر المفاوضات، وبعدما أصبحت الظروف أكثر تعقيداً مع تمسك كل فريق بشروطه، وعليه عدنا إلى معادلة أن لا وقف لإطلاق النار في لبنان بمعزل عن غزة، وكل كلام في ال​سياسة​ مؤجل الى ما بعد انتهاء الحرب التي يبدو أنها ستكون طويلة".