دعت مرشدية السجون في لبنان محافظتي البقاع و بعلبك – الهرمل للمشاركة في الذبيحة الإلهية التي احتفل بها رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم في كنيسة مقام سيدة زحلة والبقاع بمشاركة راعي ابرشية زحلة المارونية المطران جوزف معوض، رئيس اللجنة الأسقفية عدالة وسلام المطران مارون العمّار، المرشد العام في لبنان الأب جان مورا ولفيف الإكليروس الموقر.

وكان للمطران ابراهيم عظة تحدث فيها عن وضع القضاء في لبنان، معتبرا ان "اللقاء اليوم ليس ككل اللقاءات. إنه لقاء في حضن العذراء، سيدة زحلة والبقاع، إنه لقاء في هذا المكان المقدس الذي يشهد العديد من الزفرات والتأوهات، والكثير من تنهدات الخطأة والتائبين الذين يرومون خلاصاً. هنا يلتقي العديد من الدروب والمسارات التي يسلكها البشر في طريقهم إلى الله. فالخاطئ مسجونٌ طليق، مسجونٌ في سجن خطيئته، أما المسجونون فقد يكونون من صَفوةِ الأحرار. أوليس في لبنان أبرياء في السجون، ومجرمون فالتون لا يُطالون ولا يُطالبون؟ أين القضاء ممن فجروا مرفأ بيروت؟ أم أنهم يستقوون فقط على من عليهم قادرون؟"

واضاف " البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بعد أن رحب في وعظة الأحد الماضي 17 آذار 2024 بأمّهات ضحايا تفجير المرفأ في 4 آب 2020 قال ما يلي: " إذ نصلّي معهنّ ومع عائلاتهنّ لراحة نفوس ضحاياهم، ونطالب معهنّ بشكل دائم متابعة التحقيق، فالعدل فوق الجميع. إنّ تعطيل عمل المحقّق العدليّ بقوّة النافذين لن يموت مهما طال الزمن. ويصحّ القول المأثور: “لن تموت قضيّة وراءها مطالب”. وقد طالبنا مرارًا وتكرارًا التعاون مع لجنة قضائيّة دوليّة، لوجود أجانب بين ضحايا تفجير المرفأ، وبسبب تدخّل السياسيّين والنافذين عندنا في القضاء وعمل القضاة حتى التعطيل الكلّي". انتهى كلام السيد البطريرك."

ولفت الى ان "ان تعطيل القضاء الكليّ الذي يصيبنا في لبنان هو أقوى الضربات التي تصيب الوطن، والتعاون مع لجان قضائية دولية كما يطالب السيد البطريرك بات حاجة ماسة لإعادة إحياء دور القضاء عندنا ووقف التعطيل المتأتي من قوة بعض السياسيين وبعض الإعلاميين وبعض النافذين، كي لا تموتَ قضيةٌ وراءها مطالبٌ، وكي لا يبقَ في السجون أبرياءٌ، بينما المجرمون الكبار أحرارٌ يسرحون ويمرحون."

واكد ابراهيم ان "الكنيسة أنشأت مُرشديةَ السجون لتقول لنا أن السجون مليئة بالكرامات، لأن الانسان مخلوق على صورة الله ومثاله ولأن المسيح "لم يأتِ ليدعو أبراراً، بل خطأة إلى التوبة" كما نقرأ في إنجيل القديس لوقا (لو 5: 32).

واعتبر ابراهيم انه "لو لم يكن القضاء معطلاً في لبنان لما رأينا الواقع المرير للسجون، الذي يتطلب منا التحرك والعمل الجاد لتحسين الظروف داخل هذه السجون التي ليست هي أمكنة للعقوبة فحسب، بل يجب أن تكون أماكن للإصلاح والتأهيل. تحسين السجون يبدأ من القضاء، فنحنُ جميعا ينبغي علينا أن نسعى جاهدين لتوفير بيئة آمنة وصحية للسجناء، تسمح لهم بالنمو والتطور الشخصي رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها".

وذكر بأنه "في الإنجيل، يصف المسيح القاضي العادل كمن يعطي كل شخص حقه بغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو السياسية. إن المسيحية تحثنا على احترام القوانين وتطبيقها بدون تحيز أو تأثيرات خارجية، فالعدالة ليست للبعض ولا تتحمل أي تدخلات أو تأثيرات سياسية"، معتبرا ان "تطبيق القانون يجب أن يكون مبنيًا على الأخلاق والقيم الإنسانية، ويجب ألا يكون محورَ التداول لأغراض سياسية أو شخصية. فالقاضي العادل هو من يمثل قيم العدل والإنصاف والإنسانية، ويحكم بناءً على الحقيقة والدليل، دون التأثر بالضغوط الخارجية."

واضاف "لذا، يجب على جميع الأطراف المعنية أن تعمل معًا لتحقيق الإصلاح في نظام القضاء وتحسين وضع العدالة في لبنان. إن محاربة الفساد والتدخلات السياسية تعتبر مسؤولية مشتركة، ونحن كمسيحيين مدعوون للوقوف ضد أي شكل من أشكال الظلم والتعدي على حقوق الإنسان، وللعمل بكل جهد من أجل إقامة عدالة حقيقية وإنسانية".

وتابع :"فلنتحد معًا في سبيل تحقيق العدالة وحماية حقوق الإنسان، ولنكن أصواتًا للضعفاء والمظلومين، ولنعمل بروح الحب والسلام التي دعانا إليها المسيح"، معتبرا ان "علينا أن نعمل جاهدين لتحسين وضع المسجونين وظروف حياتهم وتخفيف الاكتظاظ داخل السجون واخراجهم إلى سجون مفتوحة لتتمكن الشمس من التسلل إلى عتمة أيامهم. فالظروف التي يعيشون فيها مأساوية للغاية إن من ناحية الأمكنة، أو الأسِّرة، أو الأكل، أو النظافة والطبابة وغيرها من المشاكل اليومية التي يعانون منها، ففي لبنان يفتقد المسجون لأبسط حقوق الإنسان. علينا احتواء السجين ومراعاة ظروفه التي دفعته لارتكاب الجرم. وهنا نعلن جهارا أننا لسنا بصدد تبرير الجرائم ولا بوارد عرقلة عمل القضاء، لكننا ننادي بالعدالة التي يجب ألاّ يشوبها فساد. كما ننادي بسجنٍ لا يُحوّل البريء إلى مجرم ولا المبتدئ إلى محترف".