على الرغم من التسليم بمعادلة عدم القدرة على إنجاز الإستحقاق الرئاسي في الوقت الراهن، بدليل العطلة الطويلة التي ذهب إليها سفراء اللجنة الخماسية، بعد أن كانوا بادروا إلى مجموعة واسعة من التحركات التي رسمت حولها علامات إستفهام كثيرة، إلا أن ذلك لا يلغي بروز 3 معطيات مؤثرة هذا الأسبوع، من الممكن أن تلعب دوراً حاسماً في المرحلة المقبلة.

بالنسبة إلى مصادر سياسية متابعة، لا يجب التقليل من أهمية المواقف التي أطلقها رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، بعد إستقباله سفراء الخماسية في معراب، لا سيما أن الطريقة، التي ظهرت فيها هذه المواقف، أوحت بأنه أراد أن يوجه رسالة إعتراض على الجو العام السائد، الذي يوحي برغبة دولية بالدفاع نحو حوار أو تشاور بين الأفرقاء المحليين، بينما لدى قوى المعارضة مجموعة من الملاحظات على هذا المسار، تبدأ من رئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري له، ولا تنتهي بعدم تضمنه الذهاب إلى جلسة إنتخاب بدورات متتالية.

وتشير هذه المصادر إلى أن المعطى الثاني، الذي يستحق التوقف عنده، هو زيارة مسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في "حزب الله" الحاج وفيق صفا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، التي على الرغم من الحرص على وضعها في إطار السعي إلى معالجة قضية الموقوفين اللبنانيين، إلا أنها لا يمكن أن فصلها عن الإطار السياسي، فالمعالجة كان من الممكن أن تتم عبر أحد الوسطاء أو دون الإعلان عن الزيارة نفسها، لكن الصورة التي خرجت بها تحمل مجموعة من المعطيات، وتفتح مجموعة من الأسئلة.

بالنسبة إلى المعطيات، هي تعكس قراراً إماراتياً بالإنفتاح على "حزب الله"، الأمر الذي قد يرتبط بالحديث عن سعيها إلى تكريس نفوذ لها في الساحة اللبنانية، ما يتطلب التهدئة مع الحزب، مع العلم أن أبو ظبي هي في الأصل على علاقة جيدة مع مجموعة واسعة من الشخصيات التي تنتمي إلى قوى 8 آذار. أما بالنسبة إلى الأسئلة فإن الأبرز في البحث في إمكانية أن يقود ذلك إلى تحول آخر على مستوى علاقة الحزب مع بعض الدول الخليجية الأخرى، تحديداً السعودية أم لا، لكن الأساس يبقى أن قضية الموقوفين مجرد بوابة لمسار جديد لا الملف الأساسي.

في قراءة المصادر السياسية المتابعة، هذا الواقع لا يمكن أن يُفصل عن آخر، متعلق بالتوجهات الأميركية على الساحة اللبنانية، حيث التأكيد الدائم على حرص واشنطن على الوصول إلى تفاهم مع "حزب الله"، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، يتعلق بمستقبل الأوضاع على الجبهة الجنوبية، بعد إنتهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث ينتظر مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين إتفاق التهدئة في غزة، من أجل التحرك سريعاً على خط بيروت تل أبيب.

وتشير هذه المصادر إلى أن ما تقدم يجب أن يوضع من ضمن صورة عامة، تبدأ من النقطة الأخيرة، أي حتمية الحوار أو التفاهم بين واشنطن و"حزب الله"، لتشمل الإنفتاح الخليجي عليه بعد فترة من التوتر في العلاقة بين الجانبين، لتصل إلى قلق معارضي الحزب في الداخل من هذه التطورات، وهو ما كان يعبر عنه، في الفترة الماضية، بالتحذير من الذهاب إلى مقايضة بين الإستحقاق الرئاسي والملف الحدودي.

في المحصّلة، تطرح المصادر نفسها العديد من السيناريوهات حول الخيارات الموجودة لدى القوى المعارضة لـ"حزب الله"، أو الرافضة السير بمرشحه رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، تبدأ من التسليم بالتسوية، في حال حصولها، وبالتالي الإلتحاق بها، أو تأمين ظروف إسقاطها، ما يتطلب حصولها على دعم من أحد الجهات الإقليمية أو الخارجية المؤثرة، أو البقاء خارجها من منطلق قرار محلي خاص بها، وهو ما يمكن إستبعاده منذ الآن.