عندما بدأت اسرائيل بإبادة غزة وشعبها باستخدام الطائرات والمدافع، اعتبر رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أن أهداف الحرب المحدّدة بالقضاء على حركة حماس، وتحرير الأسرى، لا يمكن أن تتحقق دون تنفيذ اجتياح بري للقطاع، فبدأ العمل العسكري من شمال غزة.
بعد أسابيع من القتال في شمال غزة، انتقلت الفرق العسكرية الاسرائيلية الى وسط القطاع، وطيلة 5 أشهر وباستخدام 6 فرق كاملة، لم تتمكن اسرائيل بعد من سحق حماس والمقاومة، فنجحت فقط في التدمير والمجازر، ولكنها لم تجد نصراً عسكرياً تنهي الحرب به، فلا تزال المقاومة حاضرة من شمال القطاع الى وسطه وجنوبه، ولا تزال أجهزة المخابرات الأجنبية تتحدث عن كتائب كاملة من حركة حماس لم تُمس بعد.
هذا الفشل الاسرائيلي بإيجاد نصر واضح أو تحقيق هدف ولو يتيم من الحرب، هو السبب الرئيسي الذي يجعل رئيس حكومة العدو متمسكاً بدخول رفح، مع ابتكار عنوان جديد هو "أن اسرائيل لن تنتصر دون دخول رفح والقضاء على حركة حماس هناك".
يربط الاسرائيلي اليوم انتصاره "الموعود" بمعركة رفح، لذلك هو يتمسك بخوضها، ويؤكد أن "الضغوط الدولية بما فيها الأميركية لن تقف أمام أهداف الحرب"، ولكن هناك من يتحدث عن أن الضغوط الأميركية نجحت في اللحظة التي اعلن فيها نتانياهو عن قبول الحديث مع الأميركيين بخصوص الهجوم على رفح، وهنا تتوقع مصادر متابعة أن الاسرئيلي لن يتخلى عن فكرة الهجوم والاميركي لن يترك معارضته لاجتياح المنطقة، وسيكون الحل وسطي بحيث ينفذ الاسرائيلي عملية في رفح، ولكنها لا تشبه ما قام به شمال القطاع ووسطه.
بالنتيجة، لن يجد الاسرائيلي ما يبحث عنه في رفح، فالانتصار الذي يبحث عنه نتانياهو لأسباب كثيرة تتعلق بمصيره ومستقبله السياسي وشعبيته وتعويله على عامل الزمن ونتائج الحرب والانتخابات الأميركية، لن يجده في رفح على الأرجح، وبالتالي لن يعود لديه أي
اهداف عسكرية إضافيّة في غزة، وسيجد المجتمع الاسرائيلي أنّ العملية العسكرية انهت كل أهدافها دون تحقيق أحدها، فهل يكون التعويض الاسرائيلي، ولو معنوياً، في جنوب لبنان؟.
هذا الاحتمال قائم وموجود، تقول المصادر عبر "النشرة"، مشيرة الى أنّ هذه الأجواء ينقلها مسؤولون دوليون إما زاروا لبنان مؤخراً، وإما عن بُعُد، ويعتبرون أن اسرائيل بصدد التصعيد في لبنان للبحث عن طريقة لحفظ "ماء وجهها"، فهي لا تستطيع وقف الحرب وترك الوضع شمال فلسطين المحتلة على ما هو عليه، بظلّ رفض سكان المستوطنات العودة الى مستوطناتهم بظلّ وجود حزب الله، خاصة أيضاً بعد عدم تمكن اسرائيل من تحقيق أيّ هدف في غزة.
يرى البعض أنّ التهديد بالتصعيد مستمر منذ اليوم الأول لفتح الجبهة في الجنوب في 8 تشرين الأول الماضي، وأن كل التحذيرات والتهديدات الدوليّة تأتي في سياق الضغوط لوقف العمل العسكري على هذه الجبهة، ولكن بالنسبة لآخرين فإنّ هذه المرة قد لا يكون هناك مفر من التصعيد، دون الوصول الى حرب.
بحسب هذه التحذيرات فإنّ التصعيد الاسرائيلي في لبنان سيكون في هذا الإطار، أي هدفه تحقيق إنجاز ما يسمح بالانتهاء من الحرب، والقول أن الجيش الاسرائيلي تمكن من ضرب حزب الله وإبعاده عن الحدود بالقوة، ولكن ما لا يعرفه أحد هو كيفيّة رد الحزب، ومدى احتمال توسّعه ووصوله الى الحرب الواسعة.