اشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظته خلال قداس عيد البشارة في بكركي، الى انه "معًا نقيم قدّاس الشكر لله على الثلاث عشرة سنة من الخدمة بمؤازرتكم وصلاتكم ومحبّتكم. ونقيمها ذبيحة استغفار عن كلّ خطيئة وخطأ ونقص، وذبيحة استلهام أنوار الروح القدس لنسير معًا على هديه، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة البشارة".

ولفت الراعي الى انه "يشكّل شعاري "شركة ومحبّة" مرتكز رسالتنا المشتركة وروحانيّتها. فالشركة تقتضي التزام بعديها: العمودي كاتّحاد بالله، والأفقيّ كوحدة فيما بيننا، وبين أبناء كنيستنا وسائر الناس. لكنّ هذه الشركة لا يمكن أن تثبت إلّا برباط المحبّة. فالمحبّة من أجل ثبات الشركة هي كالإسمنت لتثبيت مداميك الحجارة. إنّ أساس وحدتنا قائم على المعموديّة التي جعلتنا أعضاء في جسد المسيح السرّي الذي هو الكنيسة. المسيح رأس هذا الجسد، يجمعنا بالروح القدس في وحدة الإيمان والحقّ والمحبّة لنكون على مثال وحدة الثالوث القدّوس (راجع "نور الأمم" 4 و 7). هنا تقع مسؤوليّة الأسقف في أبرشيّته، والبطريرك في كنيسته البطريركيّة، والرؤساء العامّون في رهبانيّاتهم. فعلينا أساقفة وبطريركًا أن نعمل جاهدين ومن دون إهمال أو تأجيل على إصلاح الخطأ وإعادة بناء الوحدة (راجع "نور الأمم"، 7 و13). وهذا واجب الرئيس العام ومجلسه في رهبانيّتهم. ويجب أن نعمل جميعًا على إيجاد الحلول داخليًّا للمشاكل المطروحة، قبل التوجّه إلى السلطات العليا. وهذه علامة على حسن النيّة، والبناء على الحقيقة. بهذا التصرّف نحترم ذواتنا ونكون موضوع احترام من غيرنا".

واكد ان "ما أحوج كلّ مجتمع بشريّ اليوم، وبخاصّة المجتمع اللبنانيّ إلى الشركة والمحبّة، وهو في حالة تباعد ونزاعات وعداوات ولا ثقة ونفوذ البعض وتعطيله نصوص الدستور لمآرب خاصّة، كما هي الحال لعدم انتخاب رئيس للجمهوريّة المأخوذ كرهينة لحسابات شخصيّة وفئويّة، من دون أي اعتبار لتفكّك الدولة وفقر المواطنين ربمّا المقصودين. باتت هذه الحالات تعطّل ميزات لبنان الدستوريّة الأساسيّة وهي:

- المساواة بين المواطنين على اختلاف أديانهم، لكونهم ينتمون إلى لبنان الدولة بالمواطنيّة لا بالدين. ما يعني أنّ لبنان دولة تفصل بين الدين والدولة، و"تحترم جميع الأديان في عقائدها، وتضمن قوانين أحوالها الشخصيّة" (المادة 9 من الدستور). وبالتالي لا يوجد دين للدولة في لبنان، ومصدر الدستور مدنيّ صرف. ولكن من المؤسف أن نشاهد اليوم ممارسات تناقض كلّ هذه الميزات، وتعطي لبنان وجهًا طافيًّا بغيضًا.

- التعدّديّة الثقافيّة والدينيّة التي تتنافى مع الأحاديّة. من هذه الصفة تتحدّر الحريّات العامّة في نظام لبنان، بدءًا من حريّة الضمير والمعتقد، وحريّة الرأي والتعبير، وحريّة النشر والكتابة، وحريّة التجمّعات والأحزاب، كما يقرّها الدستور.

- ميثاق العيش معًا مسيحيّين ومسلمين المعروف بالميثاق الوطنيّ (1943) الذي جدّده اتفاق الطائف (1989) وأدخله الدستور (1990). فاعتبر أن "لا شرعيّة لأي سلطة تناقض العيش المشترك" (مقدّمة الدستور، ي). يقوم هذا الميثاق على أمرين: حياد لبنان والمشاركة المتوازنة والمتساوية في الحكم والإدارة، من دون أن تكون هذه المشاركة قائمة على محاصصة طائفيّة وحزبيّة وتكتّليّة نيابيّة، هذه المحاصصة تحرم أكثر من نصف المواطنين اللبنانيّين من هذه المشاركة.

وشدد على ان الكنيسة مدعوّة لتوجّه أبناء وبنات مجتمعنا إلى سماع كلام الله، وحفظه في قلوبنا، على مثال أمّنا مريم العذراء، ونكون المثال أمامهم في الإيمان والجهوزيّة والخدمة.