يعيش لبنان منذ اندلاع الاحتجاجات في تشرين الأول 2019 أزمة حقيقة لا بل إن الازمات تتوالى الواحدة تلو الاخرى، الى حدّ أن اللبنانيين باتوا يتساءلون ما هي المصيبة التالية الّتي ستحّل عليه في اليوم التالي أو ما يمكن أن ينتظرهم أكثر... إنهارت الليرة مقابل الدولار حُجزت الودائع، بدأت ترتفع الأسعار أي بمعنى آخر فجأة تغيّرت حياة الناس ومنذ ذلك الوقت والوضع يسوء...

مرّت السنوات وإنتظر اللبنانيون أن يأتي الاصلاح من الحكومات المتعاقبة في تلك الاعوام، لكنها فشلت جميعها، وازداد نهب الاموال والتعاطي بخفّة مع الوضع السيّئ. في هذا السياق لفتت مصادر مطلعة عبر "النشرة" الى أن "خطة لازارد التي أقرّتها حكومة حسان دياب كانت فعلاً جيّدة ولكن للأسف لم تجد طريقها الى الاقرار والتنفيذ، مع العلم أنه ولو حصل ذلك في حينه لما وصلت الأمور الى ما هي عليه اليوم من تدهور ولكانت استطاعت الحكومة لجم الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار". أبعد من ذلك، تشدّد المصادر على أنه "لو أقرّ الكابيتال كونترول على الفور ولحظة اقفال المصارف ومنع تحويل الأموال الى الخارج لما إنهارت الليرة بالشكل الذي حصل وكنا استطعنا ايجاد حلّ ربما للدولار".

هذا في حينه، ولكن اليوم وبعد مرور عدّة سنوات على ذلك الانهيار الكبير ومع استمرار تدهور الوضع يبقى النظر الى المؤتمرات الخارجيّة لتكون هي ربما خشبة خلاص لانقاذ اللبنانيين ممّا أوقعهم فيه ساسة لبنان الفاشلين، ومنهم مؤتمر "سيدر" الذي كان يفترض بلبنان أن يحصل منه على مليار دولار. وفي هذا الاطار يشير الخبير الاقتصادي ميشال فياض الى أنه "لا يزال من الممكن إطلاق سراح هذه المليارات الـ11 من مؤتمر "سيدر" بشرط التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي". فياض لفت الى أن "البلد يحتاج الى سيولة بالعملة الأجنبية، أي الدولار لحل الأزمة المالية، ولو تم دفع المبلغ المذكور الّذي خطط له مؤتمر "سيدر" عام 2018 دون إجراء الإصلاحات اللازمة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي لكان التأثير كمؤتمرات باريس 1 وباريس 2 وباريس 3 وغيرهم".

"سبق أن استفاد لبنان من ثلاثة مؤتمرات دعم، في الأعوام 2001 و2002 و2007، تحت عنوان "باريس 1" و"باريس 2" و"باريس 3". ويلفت فياض عبر "النشرة" الى أن "لبنان لم يجمع سوى جزء من الالتزامات المالية، بعد فشله في إقرار الإصلاحات الهيكلية الموعودة، وعندما انهار سعر التعادل الثابت بين الدولار والليرة في تشرين الأول 2019، ربط المشاركون في مؤتمر "سيدر" مساعداتهم وقروضهم وتبرعاتهم باتفاق مع صندوق النقد الدولي، الّذي يفرض هذه الإصلاحات وإعادة هيكلة القطاع المصرفي"، شارحاً أن "الخطط نصت بشكل خاص على إعادة هيكلة مؤسسة كهرباء لبنان وخصخصتها"، مذكرا بأن "40% من ديون لبنان سببها قطاع الطاقة الذي حافظ منذ عام 1997 على سعر مرتبط لبرميل النفط الخام عند 20 دولارا، ومنح إعانات، وسمح للفلسطينيين والسوريين بالاستفادة من الكهرباء دون انقطاع. دفع ثمنها لبنان".

إذاً، حتى الساعة لا أمل بأن يحصل لبنان على الاموال الموعودة من "سيدر" إلا إذا أقرّ الاصلاحات واعاد هيكلة القطاع المصرفي... وأجرى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، فهل يفعلها؟!.