كان بالإمكان ان ترفع ايران من مستوى الرد العسكري على إسرائيل، بإستخدام صواريخ باليستية سريعة، وليس الاعتماد على مسيّرات بطيئة نسبياً، ومكشوفة المسار، ومحدّدة التوقيت. اكتفت ايران برسائل نارية مضبوطة، أوحت بوجود اتفاق ايراني-اميركي، عبر سلطنة عُمان، لعدم توسيع المواجهة، والإكتفاء بالأطر القائمة ضمن قواعد الاشتباك، ضربة قابلها الرد. وكفى.

رغم ذلك حمل الرد الايراني رسائل عدة:

اولاً، السيطرة على الباخرة الاسرائيلية في مياه الخليج امس، للقول ان البحر تحت سيطرتنا، في حال خرجت قواعد اللعبة عن ضوابطها.

ثانياً، اتت المسيرات والصواريخ التي ارسلتها طهران الى اسرائيل، تشلّ اجواء الاقليم، بما يعني ان اي طرف قادر على ارباك المنطقة، بأسلحة بسيطة، وعبر مسيّرات متوافرة. مما يستلزم الانضباط بمشاريع التسويات لفرض مخارج للحرب.

ثالثاً، لا تستطيع إسرائيل ان تحمي نفسها من دون الولايات المتحدة الاميركية، التي اتضحّ ان دورها اساسي في الإنضباط الاقليمي من جهة، وفي ردع الهجمات التي تستهدف اسرائيل من جهة ثانية. وعليه، فإن ذلك يفرض على الاسرائيليين، الإنصياع الكامل للأميركيين، في اللعبة الاقليمية، وعدم مشاكسة المخارج التي تسعى لإيجادها واشنطن عبر المفاوضات.

رابعاً، لا تستطيع ايران وحدها، ان تكون تهديداتها فاعلة ضد إسرائيل، بسبب الجغرافيا اولاً، وتوازنات القوى العالمية ثانياً، نتيجة اعتبار واشنطن اسرائيل ولاية اميركية، في حسابات الدبلوماسية الدولية والمواجهات العسكرية، مما يعني ان اعتماد طهران على حلفائها، اساسي وضروري، ولا يُمكن الإستغناء عنه في الاقليم.

خامساً، حرص الايرانيون والاسرائيليون على انهاء هذا الشوط الناري عند هذه الحدود.

بالمحصلة، ابدى كلّ من ايران واسرائيل ضمناً، الاستعداد لمجاراة السلوك الاميركي التفاوضي، من خلال المسيّرات الدبلوماسية، التي تنطلق عبر القواعد العُمانية.