على وقع الرد الايراني على القصف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق، والتوعد الاسرائيلي بالرد عليه، وما يمكن ان يكون لذلك من تداعيات على لبنان والمنطقة، دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى جلسة تشاورية تُعقد عند التاسعة والنصف صباح اليوم في السراي الحكومي.

وأوضح مرجع حكومي لصحيفة "الجمهوريّة"، أنه "سيتم خلال الجلسة التشاورية البحث في ملف النازحين السوريين، عشيّة القمة الاوروبية المقررة بعد غد في بروكسل، كما سيتم البحث في الأوضاع السائدة في المنطقة، واعلان موقف في هذا الصدد".

وأشار إلى أنّ "كذلك سيستمع المجتمعون من المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة الى عرض حول الواقع التمويني في البلاد واسعار المواد الغذائية والتموينية، وتحديد ما يمكن اتخاذه من اجراءات لتخفيف الاعباء عن المواطنين"، مبيّنًا أنّ "البحث سيتناول أيضًا الوضع السائد في الجنوب، في ضوء الاعتداءات الاسرائيلية المتمادية، والعمل على مساعدة الجنوبيين في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها".

الغربيون يبحثون موقف لبنان في ظل التصعيد

من جهتها، لحظت مصادر متابعة لصحيفة "الأخبار"، أن "الاهتمام الدولي بالملف اللبناني سجّل تراجعاً في الأسابيع الماضية، لقناعة الدول المعنية بعدم القدرة على إحداث أي خرق سياسي أو عسكري"، مركّزةً على أنّ "التطور الإقليمي المتمثل بالرد الإيراني، قد يبدّل الوضع إذا ما صدقت مؤشرات إلى أن الولايات المتحدة قد تضغط على إسرائيل للقبول بهدنة مقابل الحماية التي أمّنتها لها، وهو ما سينسحب على لبنان أيضاً؛ الذي يتوقع أن يشهد نشاطاً دبلوماسياً خاصاً بالملف الرئاسي بعدما انتهت عطلة الأعياد".

في هذا السياق، لفتت إلى أن "السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون أوحت في الأيام الماضية، بوجود قرار لدى إدارتها بالدخول جدياً في هذا الملف، والبدء بضغط حقيقي بعدما تركت هامش الحركة للآخرين طويلاً".

وعلمت "الأخبار" أن "عدداً من الدبلوماسيين الغربيين طلبوا مواعيد عاجلة مع مرجعيات رسمية وسياسية، لأجل مناقشة تداعيات الرد الإيراني من جهة، وإمكانية تفعيل المساعي لإجراء انتخابات رئاسية في وقت قريب".

وأوضحت المصادر أنّ "البعثات الدبلوماسية الأجنبية في لبنان، وخصوصاً الأوروبية، أجرت اتصالات موسّعة للوقوف على تطوّر الأوضاع الأمنية، وشدّدت على "تحييد" لبنان عن أي تصعيد إقليمي قد يحصل عقب الردّ الإيراني". وذكرت أنّ "الدبلوماسيين الأجانب أوحوا بأنهم كانوا يترقّبون الردّ الإيراني، ويرونه وشيكاً جداً، لكنهم لم يتصرّفوا على أساس أن المنطقة مقبلة على حرب شاملة، فهم تابعوا ترتيب مواعيد لهم مع مسؤولين في لبنان خلال الأسبوع المقبل، بشكل طبيعي؛ من دون تأخير أو انتظار تطوّرات ما".

الردّ الإيراني إشارة أولى الى استعداد طهران لحرب مفتوحة

محور المقاومة: كيف سيتلقى العدو صواريخ مماثلة من الجنوب؟

على صعيد متّصل، اعتبر قيادي بارز في "محور المقاومة" لصحيفة "الديار"، أنّ "الرد الايراني من حيث الشكل، هو إجابة صارخة على كل الاتهامات والانتقادات والاستهزاء بأن ايران لن ترد وتخشى الحرب، وانها "تهادن" الاميركيين وانها تقاتل بالحلفاء. إذا الجواب يأتي برد ايراني ساحق من داخل الاراضي الايرانية، وبأيد ايرانية وبسلاح ايراني، واعلن عنه فور انطلاق الصواريخ والمسيرات، كما حدد وجهة الصواريخ والاهداف بدقة متناهية".

وكشف أنّه "يتردد في الكواليس، ان الاتصالات الاميركية عبر الوسطاء بإيران بقيت حتى مساء السبت الماضي وقبل ساعات منها، تحاول ثنيها عن الضربة، ولكن إيران إشترطت وقف الحرب فوراً على غزة ومن دون شروط"، مشيرًا إلى أنّ "القيادة الايرانية كانت ستقبل بوقف الضربة، اذا حصل وقف العدوان على غزة كرمى للشعب الفلسطيني، وستعتبر ان حقها وصلها لو تحقق ذلك".

وشدّد القيادي على أنّ "الضربة الايرانية حققت اهدافها، رغم كل الحماية الجوية التي وفرتها الطائرات الاميركية والفرنسية والاردنية"، متسائلًا: "ماذا كان سيفعل العدو الصهيوني لو انه بلا حماية؟ وما هو موقف كيان الاحتلال في حال كان بلا حماية، ولو اطلقت عليه صواريخ مماثلة من الجنوب اللبناني ومن الطراز نفسه والعيارات والاصناف، وكيف سيتلقاها؟ ومن سيحمي العدو من صواريخ "حزب الله" ومسيراته؟".

تحريك عودة النازحين

من جهة ثانية، وتعليقًا على إعلان الخميس الماضي، خلال تقديم التعازي لعائلة المغدور باسكال سليمان، أنه يتم العمل على حل وَصَفه بـ"المهم جداً جداً" في ملف النزوح السوري، وأنه سيتم الكشف عن هذا الحل في نهاية شهر نيسان الحالي، علمت "الجمهورية" من مصادر وزارية لبنانية، أن "خلافاً لأجواء بعض الوزراء السلبية حول الموقف الأوروبي من خطة الحكومة لإعادة النازحين السوريين والضغط لعدم تنفيذها، فإنّ ميقاتي يراهن على اتصالات سيجريها الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس الذي زار لبنان أخيراً، مع دول الاتحاد الأوروبي، لتغيير سياساتها حيال إعادة النازحين السوريين؛ ودعم عودة الراغبين منهم بالعودة مهما كان عددهم".

وأفادت أوساط حكومية معنية بأن "لبنان ينتظر قراراً مهماً يصدر بعد غد الأربعاء عن الإتحاد الأوروبي، ويعتبر أن سوريا بجزءٍ كبيرٍ منها أصبحت آمنة لعودة النازحين"، لافتةً إلى أنّ "كُلاً من فرنسا وألمانيا تعارضان هذا القرار، في حين أن هذا الموقف سيحضر في مؤتمر بروكسل الخاص بموضوع سوريا والنازحين المقرر الشهر المقبل، الذي دُعي رئيس الحكومة الى المشاركة فيه باعتبار لبنان دولة مستضيفة للنازحين، كذلك سيشارك فيه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب".

وأكدت مصادر دبلوماسية لـ"الجمهورية"، "تَفهم الغرب للموقف اللبناني من مسألة النازحين، لأن لبنان لم يعد قادرا على تحمل الاعباء"، معتبرة أن "هناك عملا جاريا لإيجاد حل بما يصبّ في مصلحة لبنان ويُطمئِن النازحين".

عين على بروكسل

وركّزت "الجمهورية" على أنّ "لذلك، تتجه الأنظار الى ما يمكن أن تأتي به القمة الاوروبية المقررة بعد غد في بروكسل على مستوى الرؤساء، حيث ستناقش المبادرة التي تنوي قبرص طرحها ومعها اليونان، سعياً الى تسويق خطة الاتحاد لتسهيل عودة النازحين السوريين من تلك الدول الى أراضيهم الأصلية في سوريا وما تقتضيه المرحلة".

وقبل أيام على هذه القمة، أشارت مصادر دبلوماسية غربية عبر "الجمهورية"، الى "صعوبة اتخاذ أي قرار في المرحلة الحالية تُجمِع عليه الدول الأوروبية الـ27، إن وصلت المناقشات الى أي اقتراح يتعلق باعتبار انّ هناك مناطق واسعة في سوريا آمنة، ويمكن أن تستعيد نازحيها سواء من لبنان او من الدول الأوروبية".