أكد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب، ان "طوفان الاقصى أسقط القناع عن وجه الغرب وكشف الغطاء عن وجهه الحقيقي الاسود المستتر وراء هذه الشعارات الرنانة التي خدع بها العالم وأظهره على صورته الحقيقية، وأثبت أن لا مكان للعدالة المدعاة في قاموسه ليكون مرجعاً صالحاً يُستند اليه لتحقيق العدالة الدولية كما يدّعي وتحقيق الامن والسلم الدوليين، وانه ليس إلا كالعاهرة التي تخفي حقيقتها وراء جمالها الظاهري المصطنع تغري به صيدها المخدوع لتوقع به، أو الحية الرقطاء لينٌ مَسُّها قاتلٌ سُمُّها".

وخلال خطبة الجمعة، لفت الخطيب الى ان "طوفان الاقصى أثبت أن لا سبيل أمام الشعوب المظلومة لتحصيل الحقوق المسلوبة والكرامة المنتهكة وردع العدوان في هذا العالم الظالم والتحرّر سوى الاعتماد على نفسها بعد الله وإرادة التحرّر والاستعداد للتضحية وهو ما يقوم به الشعب الفلسطيني في غزة وقوى المقاومة في المنطقة لتعيد الأمور إلى نصابها الصحيح بعد أن استكانت شعوبنا - عهوداً من الزمن طالت - استكانت لمنطق الضعف والخنوع واستسلمت لإرادة القوى الغاشمة واعتمدت منطقها وموازينها ومرجعيات مؤسساتها السياسية والقانونية وهمَّشت دورها التاريخي عن صنع الاحداث والمشاركة في صناعة المستقبل كخير أمة أخرجت للناس لتكون النموذج في إخراج الناس من ظلمات الجهالة والتخلف ولتكون الرائدة في رفع لواء الحرية والعدالة".

ولفت الخطيب الى ان "طوفان الاقصى وقوى المقاومة عَبَّرَ تعبيراً عن هذه الحقيقة وعن وحدة الامة في الدفاع عن مصالحها وخصوصاً بعد الرد الشجاع الذي قامت به ايران وقيادتها الحكيمة وما أحدثه من تداعيات على صعيد وحدة الأمة وأهميتها في مواجهة القوى المعادية، وهو ما يدعونا اليوم إلى دعوة القوى الحية والواعية في الأمة إلى استغلال هذه الفرصة التي عَبَّرت فيها الأمة عن وحدتها الى تفكير مشترك لدرس الواقع والمشكلات التي تُشكّل نقاط الضعف فيها، والعمل على إيجاد الحلول الاستراتيجية التي تُمكّنها من تجاوز العقبات وتمنع العدو من استغلال نقاط الضعف للنيل منها، حتى لا يبقى ما تَحَقّق مجرد حالة عرضية سرعان ما تتغيّر عند تدخل الأعداء وإيجاد ظروف اخرى تُمَكّنهم من استغلالها لخلق وقائع جديدة تُسقِط ما تَحَقّق من إنجازات وتعيدنا إلى المربع الاول لاستعادة واقع التفرقة والتجزئة والفتنة المذهبية لأنقاذ المشروع الصهيوني المترنّح".

وتابع :"ان تثبيت إنجاز الوحدة الذي تحقّق بالصبر والتضحيات والمعاناة واجب إلهي وشرعي وعقلي، فهو مبدأ قرآني يجب أن يكون السقف الذي لا يجوز تجاوزه مهما بلغ الخلاف في وجهات النظر، فلا يجوز أن تؤدي المشاريع للقوى المختلفة إلى ضرب القاعدة التي يجب أن تنطلق منها، والسقف الذي يجب أن يُظلّلها لانه سَيَسقط على الجميع ويهدم كل ما بُني، بما فيه التعاطف الذي أبدته الشعوب المختلفة مع مظلومية الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في عقر دار الغرب بما فيها المظاهرات الطلابية في جامعات الولايات المتحدة وأوروبا الذين يستحقون التحية على مشاعرهم الإنسانية وتضامنهم وتأييدهم لحق الشعب الفلسطيني وهو بداية لسيل جارف يُبنى عليه في انقلاب الصورة لصالح قضايا الشعوب المستضعفة".

ودعا إلى التجاوب مع هذه الدعوة التي سنعمل مع المخلصين لتحقيقها بإذن الله، وهي نفس الخلفية التي تحكم توجهنا الفكري في العمل على وحدة الساحة الداخلية في لبنان من تجاوز المذهبية والطائفية السياسية التي كانت السبب في العثرات في طريق بناء الدولة إلى بناء الدويلات الطائفية واستبدال المصلحة الوطنية بالمصالح الفئوية والمذهبية والطائفية التي تخدم مصالح زعامات طائفية وسياسية لا مصالح الطوائف والمذاهب، حيث يدفع أبناؤها الاثمان لصالح هذه الزعامات من أبنائهم وأموالهم وأمنهم واستقرارهم، معتبرا ان "الوطن يحفظ الطوائف والمذاهب ولكن الطائفية تدفع إلى خرابها وخراب الوطن، وأن اعداء الوطن الذين يُمْعِنون في إثارة الازمات الطائفية منعاً لوحدة اللبنانيين في إنجاز مشروع الدولة دولة المواطنة بزرع الخوف والشكّ بين الطوائف والتشكيك بين أبنائها بحجة الخوف منها لمصلحة زعامات طائفية كما ذكرت، ولمصالح خارجية للإمساك بها تحقيقاً لمآربها ومشاريعها في المنطقة لصالح تأمين العدو وهيمنته عليها، ولذلك فإن هاتين الجهتين تتعاونان في الابقاء على النظام الطائفي منعاً لتحقيق أي محاولة للإصلاح حتى على مستوى تطبيق اتفاق الطائف، ومن هنا نفهم خلفيات بعض المواقف الداخلية في الهجوم على المقاومة وعدائها لها وتناغم مواقف هذه الاطراف مع موقف العدو في الوقت الذي تَدّعي ان مصلحة لبنان في عدم دخول المقاومة في مساندة غزة وهي في الواقع تعمل على استعدائها وتسخيف إنجازاتها، أفليس هذا تدخلاً في الصراع القائم يصب في مصلحة العدو؟

وتابع :"بينما يُدَّعى خلاف ذلك ولا يقف الامر عند ذلك حتى يُعرقل الحوار بحجة واهية انتظاراً لحسم الصراع للاستفادة من نتائجه السياسية حيث لن يسعدهم فوز المقاومة في هذا الصراع لان أحلامهم لن تكون سعيدة، هذا ما يجب أن يتنبّه له أبناء الطوائف في لبنان ليأخذوا الموقف الذي يُحقّق لهم الامن والاستقرار وبناء دولة حقيقية ويتخلّصوا من مزارع طائفية يعاملون فيها كالفراخ، ليست السيادة إلا شعاراً مُزيّفاً يُخفون تحته الانانية والمصالح الضيقة والحقد ليترِكوا الباب مفتوحاً للعدو يمارس إرهابه وهيمنته واحتلاله دون أية عواقب ثم يتحدّثون عن مشاكل النزوح ليُثيروا النازحين على المقاومة، أما العدوان الاسرائيلي على السكان الآمنين وبيوتهم وقراهم فلا يعني لهم شيئاً، بل يرفعون عقيرتهم على حقّ النازحين اللبنانيين من إبداء الرأي في وعد رئيس الحكومة اللبنانية لتقديم المساعدات والتعويض".

واضاف :" أنتم تدعون الى عدم مقاومة العدو الاسرائيلي ثم انتم على استعداد لخوض حرب أهلية داخلية سواء مع النازحين السوريين أو مع القوى الوطنية، يريدون إخراج السوريين ولا يريدون التعاطي مع السلطات السورية، وكم سنعد من المواقف على هذا المنوال؟ فهل هكذا تكون المواقف السياسية وهل بذلك تُبنى الأوطان؟، تقولون إنكم تريدون انتخاب رئيس للجمهورية ولا تريدون الحوار مع الاطراف السياسية، تتعاطون مع الآخرين من أبناء الوطن كأنكم وحدكم أبناء هذا الوطن وتدعون إلى العيش لوحدكم لأن الآخرين لا يشبهونكم فهل كنتم تشبهون بعضكم حين تقاتلتم؟