تحت عنوان "دراسة الكتاب المقدس مجانًا" تنتشر دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان للتسجيل بدورات "أونلاين" مجانية مدّتها 11 شهرا لدراسة الكتاب المقدس، من دون معرفة مصدرها، ليتبيّن أن كلّ من يقع في فخّها يتعرض لغسل دماغ مدروس وممنهج، وفق ما قال أحد الشبان الذين شاركوا في الدورة لمدة شهرين.

"غسيل دماغ"

حبكة الجلسات التي تُعقد على "زوم" 3 مرات في الأسبوع، لمدة ساعتين ونصف كل جلسة، مدروسة بدقة، وتعمل على بناء عقول المشاركين من خلال تفسير "الكتاب بالكتاب"، ما يقنع المشارك بكل ما يُقال له، من دون أن يعلم الفخ المجهّز له.

بالإضافة إلى ذلك، فدور المشاركين يقتصر على تلقي المعلومات خلال جلسات "الزوم" من دون الخوض في نقاشات، وفي حال طرحوا الأسئلة يحصلون على إجابات مبهمة أو بالقول لهم "ستعرفون في وقت لاحق"، وكأن كل خطوة وكلمة في هذه الجلسات مدروسة جيدا، والغريب أيضا هو الغموض في هويّة المشاركين نتيجة تغيير بأسمائهم أو اعطائهم أسماء وهمية، وفق الشاب الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه.

في الجلسات التي تعقد حاليا، يشارك فيها أكثر من 300 شخص في لبنان خصوصا من فئة الشباب، وفق ما ذكرت إحدى الناجيات، التي لا تزال تعاني من اضطرابات وصراع للتخلص مما أُدخل في عقلها.

خلال الأشهر الأولى، لا يشعر أي شخص بأي خلل عند حضور الجلسات، بل يستمتع بما يحصل عليه من تفسيرات من الكتاب المقدس، لكن الأسئلة تبدأ عند بدء نشر تعاليم ومعتقدات هذه الجماعة، مثلا أن كل شخص ليس معهم لا يحصل على الخلاص، وأن يسوع المسيح ليس سوى انسان وان الله هو الآب فقط أيّ إنكار ألوهية المسيح.

ويقول أحد الأشخاص الذين اكتشفوا هويّة هذه الجماعة أن "هدفها جرّ المشارك لتبنّي آرائها ولو لم يكن مقتنعا في المراحل الأولى للوصول إلى الوقت المناسب لاخبار المشاركين أن "لي مان هي" (زعيم الجماعة) هو من سيخلّص العالم أو القسّ الموعود به في إنجيل العهد الجديد".

وتابعت الشابة أن "أعضاء الجماعة يكذبون بشكل دائم حول هويتهم، وينكرون أنهم تابعون لهذه الجماعة".

والأسبوع الماضي، نشر الأب جو عيد فيديو تحذيري عن هذه الجماعة، لتكثر التعليقات عن أشخاص عاشوا هذه التجربة الخطرة، حيث ذكرت احدى الشابات أن البعض "وصل لحد الانتحار" بسبب الجماعة.

وفعلا، في لبنان وحتى حول العالم، أصيب عدد من المشاركين بالجلسات بصدمة نفسيّة وروحيّة بعد أن اكتشفوا أنهم وقعوا في فخّ نصبته لهم جماعة " شينتشيونجي" التي يتزعمها "لي مان هي"، حيث لم يستطيعوا إخراج كلّ ما تم تلقينهم إياه بسهولة من عقولهم حتى بعد التوقف عن حضور الجلسات.

جماعة " شينتشيونجي"

من غير المعلوم كم عدد اتباع هذه الجماعة أو أساتذتها اللبنانيين، لكنها تعمل بسريّة كبيرة كما أن أفرادها من المدرسين منتشرون في كلّ المناطق والمطاعم وعلى جهوزية في أي لحظة للرد على "التلاميذ" الذين لا يعرفون بعضهم البعض لأن أسماءهم عبر "زوم" مبهمة.

وبعد جهود كبيرة، اكتشف أحد المشاركين في الجلسات أنّ هذه الجماعة اسمها " شينتشيونجي" وهي كورية الأصل، تصنّف نفسها كنيسة مسيحية.

وعند البحث عن الجماعة على محركات البحث و"شات جي بي تي" تبيّن أن:

-شينتشيونجي يعني "السماء والأرض الجديدة" في اللغة الكورية.

-تأسست عام 1984 في جنوب كوريا بواسطة "لي مان هي". وهو يعتبر نفسه كمّن يحمل الدور النبوي، ويدعي أنه الرسول المنتظر في الكتاب المقدس.

-تتبنى شينتشيونجي مجموعة من التعاليم والعقائد الدينيّة التي تركز بشكل كبير على تفسيرات محدّدة للكتاب المقدّس، أهمها ربط الأمثال الواردة في الإنجيل بسفر الرؤيا.

-تتبنى شينتشيونجي استراتيجية نشطة للتبشير والانتشار، وتقوم بجهود مكثفة لجذب أتباع جدد. يقال إنها الجماعة تستخدم أساليب ملتوية وهجوميّة وعمليّات تجنيد مكثفة.

-واجهت شينتشيونجي العديد من الانتقادات والجدل. تم اتهام الجماعة بالتلاعب اللاهوتي والعقائدي وأساليب التجنيد القوية.

من هو لي مان هي؟

يزعم "لي مان" أنه يجسّد المجيء الثاني للمسيح، ويعرّف عن نفسه باسم "القس الموعود" المذكور في الإنجيل.

ويبلغ عدد أتباع البدعة المذكورة نحو 230 ألفا، ويعتقد هؤلاء أنه سيصطحب معه إلى الجنة 144 ألف شخصا.

وتقول هذه البدعة أنّ أكثر من 20 ألف شخص يتبعون تعاليمه خارج كوريا الجنوبية، بما في ذلك الصين واليابان ومناطق في جنوب شرقي آسيا.

والآن، بعد رصد أكثر من حالة بين شبان لبنان تم ابلاغ رؤساء كنائس عدّة حول هذه الظاهرة المقلقة بهدف التحرك سريعا لحماية روح وعقل وقلب أبناء الكنيسة، كما توضع هذه المعلومات في خانة التحذير ممن يعبث بالمعتقدات الكنسية وحقيقة سرّ تجسّد يسوع المسيح وسر الفداء وسر الثالوث الأقدس، لذا من الضروري معرفة مصدر كلّ مكان يتم فيه تلقي وتشارك المعلومات حول الكتاب المقدس.

وهذا ما دعا إليه الأب عيد، قائلا أن هناك مصادر رسميّة للكنيسة لتعليم الكتاب المقدس اشهرها الرابطة الكتابيّة، منبّها المؤمنين من خطورة الجماعة.

ولتبقى الأسئلة الكبرى، كيف للبشارة أن تكون سريّة؟ ألم يأتِ يسوع المسيح بالعلن رغم كلّ ما تعرض له من صلب وآلام وقتل؟ ألم يبشّر تلاميذ المسيح العالم بالعلن رغم الاضطهادات؟!.