رأى وزير الثّقافة في حكومة تصريف الأعمال ​محمد وسام المرتضى​، في كلمة خلال مشاركته في مهرجان يوم ​طرابلس​، الّذي أقامته بلدية طرابلس- لجنة الآثار والتّراث والسّياحة ونادي آثار طرابلس، ضمن فعاليّة "طرابلس عاصمة للثّقافة العربيّة لعام 2024"، أنّه "لعلّ من بعض قدَر طرابلس، أن تكون دائمًا على موعدِ تحريرٍ ما، يحفِرُ آثاره عميقةً في فضائها وناسها وأيّامها. ذلك أنّها مدينة تداولتها صروفُ الزمان أمجادًا وانكسارات، فبقيت على قيد الوجود المقاوم منذ آلاف السنين، تسيِّجُ الحياة بإرادةٍ لا تنهزم أمام النّكبات الّتي ينزلُ بها عليها التاريخُ قاصيه ودانيه، أو الأقوامُ؛ أقربُهم والأبعدون".

ولفت إلى أنّ "العدوان الإسرائيلي اليوم يتستّرُ بأسطورة الأرض الموعودة والحقّ الإلهي، من أجل اغتصاب فلسطين وبعض الجولان وجزءٍ من ​جنوب لبنان​، من غير أن يُميّز في همجيّته بين مسلم ومسيحي، ولا بين سنّي وشيعي"، مؤكّدًا أنّ "التصدّي لهذا العدوان ينبغي له أن يتجلّى اتحادًا في المقاومة بين أبنائها، على مثال الدمّ النّابع من سهل عكار، الّذي جرى في عروق الأرض ليسقي شتلات التّبغ في الجنوب، وبيّارات البرتقال في يافا، ومساكب الورود المحروقةِ في ​غزة​. هكذا بالاتحاد يكون النّصر والتّحرير".

وشدّد المرتضى على أنّه "على أهل طرابلس وجميع اللّبنانيّين أن يضربوا للفيحاء موعدًا جديدًا، لتحريرها من الصّورة النّمطيّة الّتي أُلصِقت بها زورًا في العقود الأخيرة من عمرِها. فالمدينةُ الّتي أُطلِقت عليها صفاتٌ وألقابٌ شتّى، ارتبطت كلُّها بالعلم واتساع الأفق والانتماء الصّحيح إلى القيم والعيش الواحد والعروبة، لا يليقُ بها أن توصف بصندوق بريد أو بمدينة فقر وتخلف".

واعتبر أنّ "تحريرها من هذه الصّورة، يعادل بل يفوق أيّ تحرير آخر عرفَته على مرّ العصور"، مركّزًا على أنّ "الثّقة بالمقدّرات الّتي تختزنها طرابلس، على مستوى الإمكانيّات البشريّة والتّراثيّة والحضاريّة، تؤهّلها لأن تكون عاصمة الثّقافة العالميّة، لا العربيّة فقط، إذا أُحسِن استخدام هذه المقدّرات".

كما أشار إلى "التبدّل الكبير الحاصل في الرّأي العام الطلّابي في جامعات أوروبا وأميركا، حيث نشهد يومًا بعد يوم تناميًا في رفض السرديّة اليهوديّة لمسار قضيّتنا الأولى، فلسطين"، مبيّنًا أنّ "بالأمس فُصلت من جامعة كولومبيا الطّالبة اللّبنانيّة تمارا رسامني، فنالت أكبر شهادة في الانتماء إلى الحق. لكنَّ ما جرى بحقّها يكشفُ عن مقدار الرّفض الّذي بات يسود العالم للمنطق اليهودي المؤيَّدِ بالدّعم الغربي، ويحملنا على الاعتقاد أكثر فأكثر بصوابيّة موقفنا في الدّفاع عن حقوقِنا؛ وإنّ غد القدس العربيّة لأنظارنا قريب".