مقام الولي الصالح أبو الأنوار، في بلدة تول الجنوبية، من المزارات الدينية للطائفة الشيعية، ليس فقط في لبنان بل يتخطى ذلك إلى سوريا والعراق، بكنزه الديني من المعلومات المعروفة عنه، وكان مقصداً للتبرّك منه، نظراً لروحانيته، بتقديم النذورات طلباً لشفاء مريض أو غيره، إلى أن طمره التراب والنسيان.

مؤخراً، كشف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى اللثام عن هذا المقام، حيث قام بترميمه بعدما كان مطموراً بالتراب لسنوات، وهو بلا شك مقام ديني وتراثي وتاريخي وثقافي. وهو يقع بين المباني السكنية المستحدثة في البلدة، تعلوه القبة وبات يرتاده المؤمنون للصلاة والتبرك، ويشرف على طريق عام حاروف-الدوير، وتقابله حاروف والدوير وجبشيت. ومن المفترض أن يصدر عن المجلس كتيباً عنه، لارشاد الزوار اليه وليكون في متناول علماء الدين، لأن دلالاته العلمية تؤكد أن كثيراً من الحروب مرت عليه، واخرها حرب إسرائيل في العام 2006، حيث تعرض لأكثر من اعتداء بغية تدميره.

في هذا السياق، يشير رئيس الجمعية العاملية لاحياء التراث الشيخ قاسم المصري، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن "التراث لكل قوم جزء من تاريخهم، والتراث الديني هو نظام الحياة الاجتماعية والاقتصادية والدينية لخير الدنيا والاخرة، بحسب ما دلت عليه الايات والروايات، والتراث المادي هو مجموع الاثار للذين سبقونا إلى الحياة الاخروية"، ويضيف: "اثارهم تحكي تاريخاً مملوءاً بالعبر والاعتبار، وتاريخ جبل عامل من أهم تواريخ العالم الإسلامي، الا أن تراثه تعرض لكثير من الضياع والهدم وتغيير المعالم وتشتت الاثار، بسبب الأحداث التي كانت تمر عليه، والحروب التي تعرضت لها البلاد".

ويلفت الشيخ المصري إلى أن "أبو الأنوار مقام عرف صاحبه بالسيد محمد بدر الدين، المتوفي منذ أكثر من 820 سنة، لأنّه كان في زمن الشهيد الأول الذي تحمل ظلماً وعدواناً، بعد أن اودع السجن في دمشق، وكان من أبرز علماء الإسلام، وبالأخص الطائفة الشيعية المباركة"، ويوضح أن "أبو الأنوار دفن في جبّانة في منطقة "تول" القريبة من مدينة النبطية، وهذه الجبانة اثارها تعودة إلى ما قبل 123 سنة، ثم بني له مقام فوق قبره، حيث كان بعض المؤمنين يتبركون بزيارة المكان وقراءة الفاتحة، بل كان البعض ينذر النذور"، ويتابع: "في الآونة الأخيرة، سعى بعض المؤمنين لاعادة ترميم المكان، بالتنسيق مع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى".

ويعتبر الشيخ المصري أن "إعادة اعمار هذه الاثار وغيرها من اثار الأنبياء والعلماء والصالحين والمخترعين في المجالات المتعددة، طاقة إضافية لهذا الوطن ولهذه الأرض، حيث سعى أعداء الدين والإنسانية إلى هدم هذا التراث، لفصل الانسان عن تاريخه المشرق بالعلم والتضحيات والابتكارات وشتى أنواع الجهاد، ايماناً منه بالإنسان وصونا للوطن".

من جانبه، يلفت الناشط الديني والاجتماعي في النبطية محمد بيطار، عبر "النشرة"، إلى أن "المقام أثري وتاريخي وديني وسوف يكون محطّة للزوار من العراق وسوريا، لأنّ تاريخا مملوءا بالمعلومات الدينية والحروب مرّت عليه، لا سيما العثمانية والصهيونية، وحسناً فعل المجلس الشيعي بكشف الأضواء عليه، بعدما كان مطموراً بالتراب لسنوات طويلة".

أما عضو بلدية النبطية الحاج جهاد دقدوق، فيشير، في تصريح لـ"النشرة"، إلى أننا "كنا نسمع عنه وعن مكانته الدينية من أجدادنا وأبائنا، وهو كنز بالمعلومات الدينية والاثرية والتاريخية"، ويوضح أنّ الأيام المقبلة، بعد إخراجه من النسيان والإهمال، ستكون كفيلة بوضعه على سلم الزيارات العربيّة والإسلامية واللبنانيّة المحليّة.