وكأنه لا يكفي المواطن النازح من المنطقة الحدودية سرقة منزله، حتى ينتقل الأمر إلى سرقة قفران النحل من قبل مجهولين. فمن المعروف أن مربي النحل يوزعون القفران في مناطق المراعي، حيث تنتشر الازهار ويتغذون عبرها أو تحت أشجار الليمون في البساتين. وقد تعرضت قفران عديدة للسرقة، من دون معرفة المتورطين، حتى بات من يربّي النحل يطلب من الجيش والقوى الأمنية حماية "المناحل"، خصوصاً في الدمشقية والعيشية.

ويستغل السارقون الوضع الأمني وعدم الاستقرار بسبب العدوان الاسرائيلي على الجنوب، حيث لم يستطع النازحون نقل "المناحل" معهم وتركوها في بلداتهم، مما جعلها عرضة للسرقة، وهم الذين خسروا بيوتهم وممتلكاتهم بالدمار وحرموا من موسم قطاف النحل.

ومن المعروف أن القطاع المذكور مشهور تاريخياً في الجنوب، وإنتاجه من العسل مميزاً نظراً لتعدد المراعي، الّتي تبدأ من الساحل بالبرتقال صعوداً إلى النبطية وبنت جبيل ومرجعيون حيث مراعي الصعتر والشوك والورد والفاقوع، وصولاً إلى إقليم التفاح حيث الاحراج والسنديان.

في هذا السياق، يشير مدير مؤسسة "جهاد البناء" في الجنوب المهندس قاسم حسن، في حديث لـ"النشرة"، إلى أننا "نعاني سرقة المناحل واقدام عدد من النحالين على وضع السكر للنحل، فيأتي العسل مغشوشاً غير الذي يرعى بين الازهار، حيث عسله ممتاز ومن الألذّ في لبنان، ويسوّق محلياً ويصدّر إلى الخارج بموافقة وزارة الزراعة، التي تميز جودة العسل من عدمه وتبغى السمعة الجيدة"، ويؤكد أن "جهاد البناء تواكب مربي النحل جنوبا، من خلال الارشادات والدورات التدريبيّة والتثقيفيّة، لحماية هذا القطاع الذي يساهم في رفع دخل ومستوى المربّين، إذ يباع كيلو العسل بـ10 دولارات بعدما كان الموسم الماضي بـ50 ألف ليرة".

ويلفت إلى أن "أبرز مشكلة يعاني منها النحل هي رشّ المبيدات من قبل المزارعين بطريقة غير علميّة، خصوصاً في البساتين، مما يؤدّي إلى القضاء على النحل"، كما يشير إلى "مشكلة أخرى وهي السرقة، اذ وجب على من ينقل نحلا الحصول على تصريح من الجيش اللبناني".

وفي حين يوضح أن "مربي النحل تلقّوا دورات تدريبية في المؤسسة ولدى وزارة الزراعة، وهناك مرض "الباروا" الذي يفتك بالنحل بشكل أساسي مما يتطلب توزيع الأدوية من الوزارة على النحّالين"، يتحدث عن "مشكلة تجديد الملكات"، لافتاً إلى أنه "ليس لدينا في الجنوب مركز لإنتاجها، مع وجود مركز في جبيل والنحّال يستوردها من الخارج بـ20 دولاراً للملكة الواحدة اضافة الى أن عدة النحّالين بالعملة الخضراء"، موضحاً أن "عدد النحالين في الجنوب قرابة 2000 وعدد القفران بحدود 80 ألف قفير".

من جانبه، يشير الخبير الزراعي المهندس قاسم علّيق إلى أنه "مع بدء الموسم، نظمت بلدية يحمر والجمعية التعاونية الزراعية في المنطقة وجوارها دورة تدريبية تخصصية وارشادية للمربّين، شارك فيها 21 نحالاً لانتاج ملكات النحل، باشراف الخبيرين حسن بدران وحسين جرادي، وهي تعطي حافزًا حول كيفية الاهتمام بهذا القطاع وتطويره تضتفة الى تقنياته".

من ناحية أخرى، تحدث عدد من مربي النحل في الجنوب عن الموسم هذا العام، حيث أنتجت الخلية بين 7 الى 12 كيلو عسل، أما الموسم الربيعي فكان للخلية الواحدة بين 5 الى 7 كيلو عسل، نتيجة الطقس العاصف وموت جزء كبير من النحل بسبب استعمال المبيدات على الازهار في البساتين.

والنحل يتراجع بقدر خطير جداً، حيث عانت المناحل من رش المبيدات المفرط على ذبابة البحر المتوسط لبرتقال الفلانسيا، بينما البعض الآخر من النحالين نقلوا القفران إلى الوسط الجنوبي، بارتفاع 400 إلى 700 متر، ومن ثم نقلونها إلى قرابة الـ1800 على علمان وكفرحتى، ليستفيدوا من أزهار موسم "الأكّي دنيا".