لم تكتف إسرائيل بتدمير المنازل والاقتصاد والسياحة والزراعة في المنطقة الجنوبية الحدودية، بل امتدت ايديها إلى الاعتداء على التراث والتاريخ الجنوبي والمعالم الثقافية والمكتبات العامليّة التي تحوي الكتب القديمة والمخطوطات، من خلال الغارات على العديسة وميس الجبل والحوزة العلميّة وحسينية الامام الرضا وحسينية أبا ذر والجبانة فيها، والنادي الحسيني في حولا وجامع البلدة ودور العبادة والمقابر وجبانات بليدا، كما ألحقت غاراتها الجوية أضراراً بمقام النبي بنيامين الديني والتراثي والمعماري والتاريخي، الذي يعود لمئة سنة في بلدة محيبيب، وهو مزار ديني وسياحي يقصده الزوار من سوريا والعراق وجبل عامل.

وتهدف إسرائيل من خلال ذلك إلى محو الاثار والقضاء على التراث الجنوبي الإسلامي والمسيحي، بعد الحاقها الأضرار بكنيسة علما الشعب التراثيّة والدينية، وهي مزار لأهالي البلدة والجوار، فضلا عن أماكن دينية في المنطقة ومكاتب ومخطوطات اثرية وثقافية وتراثية ودينية.

في هذا السياق، يلفت رئيس الجمعية العامليّة لاحياء التراث في الجنوب الشيخ قاسم المصري، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن "العدو الإسرائيلي لم يترك مقاما ًدينياً أو مكتبة أو مخطوطة الا والحق بها الأضرار، بهدف محو اثارنا الوطني والإسلامي"، مشيراً إلى أن "التراث الثقافي والعمراني للأمم هدية إضافية في العبر والاعتبار وسمو الإنسانية، وليس الغاية للتفاخر بالتراث لكل قوم الا لأجل الارتقاء بالإنسان بين الماضي والحاضر والمستقبل، ولم تلغ الديانة ضرورة التفكير والاعتبار من الماضي بل حثت على ذلك في كثير من المواطن".

ويوضح الشيخ المصري أن "العدو الإسرائيلي سعى في هذه الحرب، كلما سنحت له الفرصة، إلى زيادة التدمير، كما هو شأنه في الحروب السابقة، وما أقدم عليه في بلدة محيبيب من استهداف مقام النبي بنيامين، ليس أدل على تخريبه وقصفه للمقامات الدينية، خصوصاً الاثار التاريخية والثقافية والعمرانية والدينية لمختلف أتباع الأديان والحضارات، فضلاً عن التعرض العدة مساجد ونوادي حسينية وتضرر بعض الكنائس".

من جانبه، يشير رئيس الجمعية التعاونية التنظيمية لتجار النبطية والجوار محمد بركات جابر، في حديث لـ"النشرة"، إلى أنه "لم يبق شيئاً في الجنوب الا واستهدفته آلة القتل الإسرائيلية، حتى دمرت الاقتصاد والمنازل والتجارة والزراعة وفتكت بالثقافة الجنوبية وبتاريخنا وتراثنا، وهو ما يظهر جلياً من خلال استهداف المعابد والمقامات الدينية الإسلامية والمسيحية"، معتبراً أن "الهدف من وراء ذلك اغتيال التاريخ، ومن هنا نطالب وزارتا الثقافة والسياحة بإعادة ترميم هذه المقامات، لا سيما مقام النبي بنيامين في محيبيب والحوزات العلمية في ميس والمكتبات في العديسة".

بدوره، يلفت رئيس الاتحاد اللبناني لنقابات السياحة في لبنان علي طباجة، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن "الاثار تندرج في اطار السياحة والثقافة"، مشيراً إلى أن "ما لحق من أضرار، بالمعابد والمقامات والصروح الثقافية والتراثية والسياحية في المنطقة الحدودية كبير جداً، ما ينبغي على وزارتي السياحة والثقافة تأهيلها وترميمها، لتعود إلى قيمتها ومكانتها"، مشدداً على أنه "ليس غريباً على العدو الذي ارتكب حرب الإبادة في غزة والمجازر في الجنوب، أن يستهدف تراثنا للنيل من تاريخنا".