شارك وزير الثقافة محمد وسام المرتضى مع وفد طرابلسي ضم ناشطين ثقافيين، في أعمال المؤتمر العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) في دورته الـ27 برئاسة السعودية في مدينة جدة، برعاية وزير الثقافة السعودي بدر بن عبد الله بن فرحان آل سعود وحضوره ووزير التربية في السعودية يوسف البنيّان.

واشار المرتضى، الى ان "لبنان يعاني على صعدٍ كثيرة. الأزمةُ السياسية التي أفرخَت عجزًا حتى الآن عن انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، بسبب تشابك العوامل الخارجية والداخلية التي تعيق إنجاز هذا الاستحقاق. والأزمةُ الوجودية المتمثّلة بالاعتداءات الإسرائيلية المتمادية حتى من قبل حرب غزّة. فإسرائيل ، كيان الشرّ المزروع في منطقتنا، كانت ولا تزال تحتلّ جزءًا من الجنوب اللبناني، وتمارسُ يوميًّا خروقاتٍ ضدّ السيادة اللبنانية في البحر والبر والجوّ، في نسفٍ فاضحٍ منها لمواثيق الشرعية الدولية لا سيما للقرار ١٧٠١. وقد تطوَّرَ الأمر بعد السابع من تشرين الاول الماضي إلى أعمالٍ عسكرية وعدوانية متوحشة، ارتقى بنتيجتِها شهداءُ من المقاومين والشيوخ والنساء والأطفال والإعلاميين، وتهدّمت القرى وتهجَّرَ المواطنون".

وأكد أن "ذلك لن يمنعَنا من تحملّ مسؤولياتنا الوطنية والقومية والإنسانية والأخلاقية دفاعًا عن السيادة واجتثاثاً للإحتلال ونصرةً للحقّ حتى تحريره من براثن مغتصبيه. وكلّ نداء إلى التهدئة ووقف التصعيد لا يمكن أن يتحقّق على أرض الواقع ما لم تُرْغَم دولةُ الكيان المغتصب على إيقاف عدوانِها على الشعوب العربية، وخصوصًا على غزّة التي لم ينقطع لنزيفِ جرحِها مسيلٌ منذ ثمانية أشهر، بعدما عانت عقودًا من احتلال وحصار، وهي اليوم تسأل ضمير العالم: أما آن لهذا الليل الفلسطيني أن ينجلي؟ وأنا في الوقت نفسِه أسأل النُّخَبَ الثقافية العربية: ما تُراها ستكون عليه سماتُ ثقافتِنا ومنطلقات مقاربات سياستنا العربية بعد غزّة ومآسيها؟"

وتابع: "في زمنٍ مثل زماننا، يقف لبنان مع كل أزماتِه نموذجًا من عيشِ الوحدةِ في منازلِ التنوّع، وشاهدًا على فعل الحريّة في بناء الثقافة، ومختبرًا للمواءمةِ بين مفردات التراث ومستلزمات الحداثة كأداةٍ معرفية لا بدَّ منها لتطوير الحضارة الإنسانية. ذلك أنّ عالم اليوم، بمقدار ما يشهدُ تسارعًا في الابتكار العلمي والتقني، يعاني من انهيارٍ في المنظومة القيمية التي تراكمت عبر العصور، بدءًا من مفاهيم حقوق الإنسان على صعيد ممارسات المجتمع الدولي، وصولًا إلى أدبيات السلوك اليومي على صعيد الأفراد. وإذا كانت الثقافةُ عاجزةً عن تغيير الماضي، فهي وحدَها سيِّدةُ المستقبل، التي تنادي بلسانٍ عربيٍّ مبين: كلُّ حضارةٍ وكل سلطةٍ لا تعملان على نشر الحريّة وقيم الحقّ لا بدَّ أن تختنقا في وَكْرِ التاريخ مهما بلغتا من أوجٍ وعظمة".