شارك مدير المالية العامة جورج معراوي ممثلا وزير المالية يوسف الخليل في اجتماع الدورة الخامسة لمجلس وزراء المالية العرب المنعقد في القاهرة، بدعوة من صندوق النقد العربي.

واشار معراوي باسم الوزير الخليل في مداخلة حول تداعيات الأزمات والتطورات الجيوسياسية على المديونية في المنطقة العربية وتجربة الجمهورية اللبنانية حول هذا الموضوع، الى "إن مناقشة الدور المحوري للرقمنة في مجال تعبئة الإيرادات المحلية من ضرائب ورسوم، توجب ضرورة التعمق في الجوانب المتعددة الأوجه لهذا المسار التحولي الذي لا بد منه"، معتبرا أنه "من المسلم به أن قطاع التكنولوجيا هو من أسرع القطاعات نموا على الصعيد العالمي، مع بداية التحول الرقمي في كل المجالات، تبنت الحكومات مصطلح "التحول الرقمي" الذي يشير إلى تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الإدارة. وتعتبر الحكومة الإلكترونية تطورا حتميا، ويوفر فوائد متعددة أقلها تسهيل الوصول للخدمات وتقليل الفساد ومشاركة المواطنين في صنع القرار".

ولفت الى ان "من هنا، إن دمج التكنولوجيا والضرائب ليس مجرد مسألة ملائمة فحسب، إنما يمثل تحولا أساسيا في الطريقة التي يدار بها العمل، وتتفاعل مع المكلفين والمواطنين. إن إدارة الضرائب، في جوهرها، هي مجموعة من الاعمال والمهام التي تتعلق بإدارة المعلومات والتي من خلالها يتم التفاعل بين ادارات الضرائب والمواطنين بمن فيهم المكلفين بالضرائب والرسوم. وفي هذا العصر الرقمي، تعَّد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمثابة الأساس الذي تقوم عليه العمليات الضريبية، لتحقيق الهدف الاول وهو إدارة خدمات المكلفين وتبسيط وتسهيل معاملاتهم وتحقيق الهدف الثاني المتمثل بالوصول الى الايرادت الضريبية المثلى من خلال إنفاذ القوانين. ولا بد من التأكيد تأثير التغير التكنولوجي يمتد إلى ما هو أبعد من نطاق الكفاءة التشغيلية، ليؤثر على الهياكل التنظيمية والاجراءات الضريبية وسياسات الموارد البشرية. وبالتالي، فإن الرقمنة الحقيقية، لا تنطوي على اعتماد تكنولوجيات جديدة فحسب، بل تنطوي على تحول قانوني ومؤسساتي شامل".

وذكر معراوي، أن "من ركائز هذا التحول، ضمان جودة البيانات، فقد ساهم استخدام التكنولوجيا في معالجة كميات هائلة من المعلومات الواردة للادارة الضريبية، ما أدى إلى تعزيز الموثوقية والدقة وحسن التوقيت مع خفض تكاليف الإدارة الضريبية في لبنان في الوقت نفسه. ولقياس التقدم وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تطوير، وللحفاظ على مستوى مقبول من الثقة بالمعلومات، قامت وزارة المالية باستحداث العمليات والبروتوكولات اللازمة لضمان جودتها وتحسين قيمتها. وتعاونت مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لتقييم نموذج نضج التحول الرقمي، الذي يوجه تقييم الفجوة في أداء تكنولوجيا المعلومات ويصمم خطط عمل لمعالجتها".

وأضاف "إن الرقمنة هي المحرك الرئيسي لإدارة الإيرادات وتحفيز الابتكار ودفع النمو الاقتصادي، ولا يقتصر الأمر هنا على مكننة العمليات الحالية فحسب، بل يتجاوز إلى إعادة هندسة الأنظمة والاجراءت بأكملها. مع التأكيد، ان التقنيات الثورية مثل الBig Data، وال Cloud Computing، والMachineLearning، ووسائل التواصل، وBlockchain، على إعادة تشكيل المشهد الضريبي، وتغيير الطريقة التي يتفاعل بها المكلفين والسلطات الضريبية، ما يحدث ثورة في الأنظمة الضريبية. ورغم ذلك، من الضروري الاقرار بأن التكنولوجيا وحدها لا يمكنها تسيير التحول الرقمي. بل يتطلب الامر استراتيجية متماسكة تتماشى مع الاهداف التنظيمية باعتبار ان علوم البيانات والتعلم الآلي يتمتعان بإمكانات هائلة في تحسين كفاءة الإدارة الضريبية، شرط أن يتم تصميم تنفيذها بما يتناسب مع السياق الخاص لكل بلد ومستوى النضج لكل إدارة".

وأوضح اننا "شرعنا في رحلتنا نحو التحول الرقمي منذ فترة طويلة، حيث وضعنا الأساس للمنصة الإلكترونية وفرضنا استخدام البيانات بهدف تعزيز خدماتنا الإلكترونية. واكبر مثال على ذلك إننا لا نزال ثابتين في التزامنا بإحراز التقدم بالرغم من التحديات التي نواجهها منذ عام 2020".